فنانات جميلات فقدن فرص البطولة السينمائية بدون أسباب!

كثير من الفنانات المصريات كان الجمال وحدة جواز مرورهن إلى عالم الشهرة والأضواء عبر شاشة السينما، هؤلاء حالفهن الحظ في الحصول على الفرص المُناسبة ليكونوا أشهر نجمات عصرهن بمحض الصدفة. بيد أن هناك الكثيرات ممن تمتعن بنفس القدر من جمال الشكل والروح ولكن لم تصادفهن الفرص الكافية ليحصلن على أدوار البطولة المُطلقة فظللن فنانات كبيرات فحسب، يُستعان بهن في لعب الأدوار الثانية رغم كفاءتهن العالية في التمثيل وحضورهن القوي على الشاشة.

من أشهر نجمات الحظ في السينما المصرية مريم فخر الدين ومديحة يسري ولبنى عبد العزيز ونادية لُطفي، فهؤلاء دخلن مجال التمثيل من خلال مسابقات الجمال التي كانت تُقيمها المجلات الفنية في فترة الستينيات.

وقد حظي أغلبهن بالمراكز الأولى في هذه المسابقات فكانت السينما في انتظارهن، وحين توافرت لهن عوامل النجاح ظهرت مواهبهن فأصبحن نجمات شباك وتحققت شهرتهن وذاع صيتهن بأكثر مما توقعن لأنفسهن.

أما الأخريات من الفنانات اللاتي امتلكن عنصر الجمال والقبول ولم تُتح لهن فرص البطولة بالشكل الذي يجعلهن في الصدارة، فهؤلاء من ظلمتهن الأدوار النمطية وحجبت عنهن فرصاً كان من الممكن أن تُمثل نقله نوعية في حياتهن الفنية ومشوارهن الإبداعي الطويل.

يبرز من بين مُمثلات الجيل القديم الفنانة آمال فريد التي شاركت ماجدة وعبد الحليم حافظ بطولة فيلم «بنات اليوم» وهي لا تزال طالبة في المرحلة الثانوية، حيث لفت جمالها النظر فُرشحت لدور شقيقة ماجدة التي تنافسها في حُب عبد الحليم، وعلى حد قولها هي شخصياً قبل رحيلها بفترة قصيرة أن الذي منعها من أن تكون البطلة الأولى هو صغر سنها فقط، حيث كانت تمتلك الموهبة وتحظى بتأييد كامل من عبد الحليم الذي كان يحابيها ويُشجعها.

وقد أدى نجاحها إلى الوقوف أمام عمر الشريف في فيلم «بداية ونهاية» للمخرج صلاح أبو سيف كبطلة تُمثل دور الحبيبة والخطيبة في بداية أحداث الفيلم قبل تطور القصة المأسوية التي انتهت نهاية مؤسفة بانتحار البطلة سناء جميل.

ومضت رحلة آمال فريد الفنية سريعاً بزواجها واعتزالها المُبكر بغير أن تُحقق حُلم البطولة المُطلقة وهي التي امتلكت في شبابها كل المقومات المطلوبة للنجومية.

ومثلها كانت الفنانة مديحة سالم إحدى بطلات فيلم «أم العروسة» والتي لعبت دور خطيبة حسن يوسف وابنة تحية كاريوكا وعماد حمدي وشقيقة سميرة أحمد، فهذه الفنانة ظلت حبيسة الأدوار الثانوية برغم ما كانت تتمتع به من قبول لدى الجمهور لجمالها ورقتها المُتناهية، فلم تشفع لها أدوارها المُتميزة عند المخرجين، حتى الفيلم الوحيد «لصوص لكن ظرفاء» مع يوسف فخر الدين وأحمد مظهر وعادل إمام والذي حصلت فيه على مساحة وفيرة لم يكن كافياً لإقناع المُنتجين والمخرجين بقدرتها على تحمل مسؤولية البطولة بمفردها كالنجمات الأخريات اللائي أسعدهن الحظ بالحصول على عشرات الفرص في أفلام عديدة.

لقد اعتزلت مديحة سالم الفن كله وتركت السينما لأصحابها من الموعودين وتوارت بعيداً عن الأضواء حتى وافتها المنية.

أما الفنانة ليلى طاهر وهي صاحبة الرصيد الأوفر من الأفلام والمُسلسلات الناجحة فلم تأخذ هي الأخرى حظها من السينما كما ينبغي أن يكون، فأدوارها كبطلة أولى قليلة نسبياً وتُعد على أصابع اليدين، وربما من أهم ما يُمكن ذكره فيلم «الطاووس» أمام نور الشريف والذي تقاسمت فيه البطولة مع رغدة وأثبتت فيه تفوقاً ملحوظاً أداءً وتمثيلاً وحضوراً.

ومن جيل الشباب لم تتمكن كل المُمثلات من الحصول على أدوار البطولة الرئيسية، إذ انحصرت البطولات جميعها ما بين ليلى علوي وإلهام شاهين في فترتي التسعينيات وبداية الألفية الثانية، وقليل من الأدوار ذهبت إلى معالي زايد وبوسي ونورا وبعض الاستثناءات الأخرى كآثار الحكيم وجالا فهمي، وعليه ظلت مُمثلات على قدر كبير من الموهبة والتأثير تقبل بالأدوار الثانية رغماً عنها باعتبار أن ذلك هو المُتاح ولا بديل عنه سوى البطالة، فعلى سبيل المثال هالة صدقي وهي ممثلة كبيرة ولها أدوار مهمة لم تصادفها فرصة البطولة المُطلقة في أي من الأفلام، لذا اتجهت كغيرها من مظاليم السينما إلى الدراما التلفزيونية لتُحقق على الشاشة الصغيرة ما لم تستطع تحقيقه على الشاشة الكبيرة.

وهناك نموذج شديد الوضوح في هذا الجانب تُمثله عبلة كامل التي أفنت وقتاً طويلاً في البحث عن الأدوار السينمائية المُتميزة ولم تحصل على فرصة البطولة الرئيسية إلا بعد فترة طويلة من مشوارها الفني في أفلام كوميدية وتجارية بحتة اعتزلت بعدها مباشرة ربما لأنها لم تقتنع بضرورة الاستمرار في أداء النمط الكوميدي الذي منحها البطولة الجماهيرية والشعبية وأفقدها القيمة الإبداعية التي طالما حرصت عليها وتمسكت بها.

وهكذا بدأت مسيرات الفنانات المذكورات وانتهت من دون أن تتحقق كل طموحاتهن وأحلامهن في أن يُصبحن نجمات شباك فاكتفين بما قُدر لهن من نجاح وما بذلن من مجهود في سبيل التميز والتمسك بمبدأ الكيف وليس الكم بغض النظر عن موقعهن الدقيق تحت الأضواء.

كمال القاضي- القدس العربي

مقالات ذات صلة