جورج خباز:« خسرت كل «مصرياتي»… ومسلسل «النار بالنار» تجربة غنية!!
بعد حفلين في مهرجان البستان كشف خلالهما جورج خباز عن المزيد من موهبته الفنية في الكتابة والتلحين، حيث قدم ألبوم «جاي الأيام» سيكون قريباً في البترون. اللقاء مع جمهور مهرجان البترون مقرر في 22 و23 تموز/يوليو أمام المساحة الخارجية لكاتدرائية مار اسطفان. 14 أغنية تؤديها لينا فرح بصوتها المتمكن والذي يتعامل مع الغناء بانتقائية تامة.
الأغنيات التي أنجزها جورج خباز لم تكن بعيدة عن الغناء الذي عرفناه منه في مسرحياته. فهو الفنان الذي ينهل من حياة الناس ويعبر عنهم بكلماته الصادقة والحقيقية، ولا يتفلسف عليهم بموسيقاه. فخباز كان وما يزال قريباً من الناس في كل ما يقدمه.
إلى إنجازه الموسيقي تركت مشاركة جورج خباز في مسلسل «النار بالنار» أثراً لافتاً بين متابعي الشاشة الصغيرة، تماماً كما المسلسل بحد ذاته. ويبدو أن مجتمعنا كان بحاجة للتعبير بصوت عال عن النزوح السوري إلى لبنان. هذا الصوت العالي كان يحتاجه النازحون ومستقبلوهم على حد سواء. خباز يفتخر بهذه المشاركة التي أغنته على أكثر من صعيد حسب قوله.
مع جورج خباز هذا الحوار:
○ «جاي الأيام» مفاجأتك لهذا العام في مهرجان البستان وهذا الصيف في البترون. ماذا عن هذا الحدث الجميل؟
• بعد حفلتي مهرجان البستان، سنكون في البترون في 22 و23 تموز/يوليو أمام كاتدرائية مار اسطفان. المكان جميل للغاية وكذلك الأجواء المحيطة به.
○ قلت أن «جاي الأيام» يتضمن 14 أغنية ولدت بين ناري الانتفاضة الشعبية وتفجير المرفأ. كيف تأثرت تلك الولادة بهذين الحدثين؟
• جئت إلى الفن من خلفية موسيقية، لكني انشغلت بالمسرح والسينما والدراما. قررت البدء بالعمل على ألبوم موسيقى منذ سنة 2019 وإذ بالانتفاضة تندلع، ويتبعها وباء كورونا، ومن ثم انفجار بيروت. جميعها أحداث كبيرة تركت أثرها على عملي إنما بمنحى إيجابي، فقد ركنت للعمل على الموسيقى. وكانت أغنية «جاي الأيام» التي لا تتناول انفجار بيروت لكنها تحمل نفحة أمل بعد كل الوجع الذي ألم بنا. لقد سجلت أغنيات الألبوم في كل من ألمانيا، ورومانيا، ولبنان. وهو من كتابتي وألحاني، وتوزيع لوقا صقر، وغناء لينا فرح. وسنقدمه بمرافقة أكثر من 20 عازفاً. بعد إطلاق الألبوم في مهرجان البستان من خلال حفلين ناجحين جداً حيث كانت المقاعد مكتملة العدد، كان طبيعياً إتاحة الفرصة أمام جمهور أكبر لمتابعة الألبوم فكانت حفلتا البترون.
○ وهل ستطرأ حفلات أخرى خلال هذا الصيف؟
• لا أظن أبداً.
○ يمكن القول أنك جريء حين تقدم ولأول مرة ألبوماً من 14 أغنية من كلماتك وألحانك؟
• ليست مسألة جرأة بقدر إحساسي بأني حيال توقيت صحيح. فقد ابتعدت عن العمل المسرحي بسبب كورونا والأزمة الاقتصادية. وجدت نفسي أمام الوقت المثالي الذي أتاح لي التفرغ للموسيقى، وأن تكون لي موسيقاي الخاصة خارج إطار المسرح والدراما والسينما. وهكذا ولد ألبوم «جاي الأيام».
○ كيف اكتشفت صوت لينا فرح وسلمتها مسؤولية 14 أغنية كأول مولود غنائي لك؟
• تعرفت إليها من خلال الأخت مرانا سعد حيث أنجزنا معاً ترتيلة للسيدة العذراء عنوانها «أم الكل» وهي من أداها. وتعاونت معها في مهرجانات بعلبك الدولية سنة 2018 ومن حينها قررت أن الألبوم الذي كنت بصدده سيكون من خلال صوتها الرائع والملتزم والمثقف والنادر في أيامنا.
○ ماذا تعني بصوت ملتزم؟
• لينا ليست في وارد الغناء لجمهور عريض، فهي كرست صوتها للترتيل والترنيم والأعمال الفنية الثقافية. سبق وتعاونت مع خالد مزنر، ومرسيل خليفة ومع الأخت مرانا سعد، ومعي مؤخراً. لينا فرح انتقائية في اختيارها للغناء.
○ استيضاحاً حول تخصصك الجامعي هل هو في المسرح أم في الموسيقى؟
• تخرجت من جامعة الروح القدس بشهادة في العلوم الموسيقية. ومن ثم أنجزت رسالة الماستر بالمسرح الموسيقي.
○ هل اشتقت للمتفرجين الذين كانوا يتدفقون إلى مسرح شاتوتريانون في جل الديب؟
• أكيد. الشوق كبير جداً إنما الظروف ليست مؤاتية للمسرح. لسنا في ظرف يسمح على صعيد الإنتاج بتقديم عمل يليق بالناس الذين كانوا يقصدون مسرحنا. ولن نقوى على تحديد بدل بطاقة بـ20 دولارا. نحن مسرح عائلي، ومن الصعب في ظرفنا المادي الحاضر أن تقصد المسرح عائلة من أربعة أفراد. هذه الكلفة تفوق قدرات الطبقة الوسطى وما دونها. ولأني لا أسمح لنفسي بحرمان الناس من مشاهدة المسرح كان قرار التروي قليلاً، عل تغيراً ما يطرأ على الوضع الاقتصادي.
○ وهل خطر لك أن تقصد الناس في أماكن سكنهم من خلال المسرح الجوال؟
• أبداً. أنا من أنصار المسرح الثابت، حيث تكون الإضاءة والديكور ثابتين. كما ويتمتع الممثلون بالراحة في المسرح الثابت، وبالتصالح مع فضائه. وهذا أساسي في العروض المسرحية.
○ هل من دروس اكتسبتها مهنياً وإنسانياً من مسلسل «النار بالنار» اللبناني السوري المشترك؟
• لا شك الدروس متعددة. إنها المرة الأولى أكون فيها مع مسلسل مشترك لبناني سوري. مسلسل مشترك بكامل مواصفاته، كونه يتناول مشكلة حقيقية هي مشكلة النازحين، وغيرها من القضايا التي خلفتها الحرب. اكتسبت الكثير على الصعيد الإنساني من خلال لقائي مع الزملاء والنجوم الكبار من سوريا، وكان العمل معهم رائعاً. من كافة الاتجاهات كان العمل لذيذاً للغاية في مسلسل «النار بالنار».
○ لماذا كرمتك بعلبك الصيف الماضي وأنت في مطلع الشباب؟ عادة يُكرم كبار السن؟
• في الحقيقة أنتمي لجيل كبار السن. إنه الجيل الوطني والإنساني والمحب. ضم هذا اللقاء الشاعر الكبير طلال حيدر، وفي بعلبك شعرت بأني أنتمي لهذا الوطن الذي نستحقه. الوطن الجامع لكافة البيئات التي يتشكل منها. يجمع بيننا حب الإنسان، والوطن والفن.
○ ستشارك قريباً في فيلم «يونان» مع المخرج السوري أمير فخر الدين بعد «أصحاب ولا أعز». هل باتت السينما وجهتك؟
• أبداً لكنها ظروف المسرح. كنت أتلقى عروضاً للسينما والتلفزيون، فأعتذر عنها لأن عروض المسرح كانت تمتد لتسعة أشهر. بعد جمود المسرح بت متمكناً من تخصيص الوقت الذي تحتاجه السينما أو الدراما التلفزيونية.
○ وماذا عن فيلم «يونان»؟
• من المقرر تصويره في ألمانيا مع المخرج السوري أمير فخر الدين المقيم في هامبورغ. سبق وقدم فيلمه الأول «الغريب» الذي نال نجاحاً لافتاً، وعُرض في مهرجان برلين. «يونان» هو فيلمه الثاني من كتابته وإخراجه، ومن إنتاج ألماني إيطالي وفرنسي. تؤدي دور البطولة الممثلة أنا شيكولا، وهي من أهم ممثلات السينما في ألمانيا. وألعب كذلك دور البطولة، حيث أمثل دور عربي مهاجر إلى هامبورغ، وصل إلى مرحلة الإحباط الشديد وراوده الانتحار. عندما يلتقي مع أنا شيكولا، يتغير مسار حياته.
○ ومسلسل «براندو الشرق» على شاهد لاقى نجاحاً؟
• نجاحاً لافتاً. هو مسلسل من عشر حلقات من كتابتي وتمثيلي وإخراج أمين دُرة. أعتبره من أهم المسلسلات التي قدمتها، وقد تميز بحضور الممثلين أمل عرفة، وكميل سلامة، طلال الجردي وآخرين. إلى جانب ضيوف شرف كبار كما عادل كرم وغابريال يمين. يحكي المسلسل عن رحلة يوسف الذي أمثل دوره. يوسف بصدد رحلة بحث عن الذات، وبحث عن منتج للفيلم الذي أنجز كتابته. تأثرت بهذا المسلسل خلال كتابته وخلال تمثيله، وكذلك أثناء مشاهدته.
○ لماذا تكرر الدفاع عن فيلم «أصحاب ولا أعز» كأنه طفل غير شرعي؟
• لأنه فيلم صريح حكى الأمور كما هي. سلط الأنظار على هنات في مجتمعنا. ومعروف أنه فيلم إيطالي جرى تعريبه. والنسخة العربية هي الرقم 19 على صعيد العالم. منهم من لم يقبل صراحة الفيلم، ومنهم من دافع عنها.
○ جمعت كافة الفنون معاً كيف توصلت إلى هذه التوليفة؟ هل هي النشأة أم الاجتهاد الشخصي؟
• لا شك أن الأساس يبدأ من البيئة الحاضنة وأجواء البيت، ويليها الاجتهاد الشخصي، ولاحقاً الدراسة والخبرات. وهؤلاء جميعاً ينضوون تحت راية الشغف، فبدونه لا تتواصل المسيرة. شغفي باكتشاف هذا العالم الواسع، جعلني اواظب على تقديم أعمال لا تستخف بعقول الناس ولا تتعالى عليها. هي فنون متقاربة بعضها من الآخر، وتشكل حلقة متسلسلة. وعلى رجل المسرح أن يكون ملماً بجميع أنواع الفنون. فالمسرح هو أب الفنون كافة، ويجمع الشعر والأدب والكتابة، والموسيقى والغناء والرقص، إلى السينوغرافيا والكوريغرافيا، والملابس والإضاءة والصوت إلى السينما. وعلى العاملين في المسرح من نساء ورجال الإلمام بالحد الأدنى بكافة أنواع الفنون.
○ مررنا بمراحل انعكست على سلوكنا من انتفاضة وكورونا وانفجار المرفأ والانهيار الاقتصادي. كم تأثرت كفنان وكيف انعكس ذلك على فنك؟
• تأثرت بكافة تلك المستجدات. ولهذا كانت لي رحلة تعمق ذاتية، انتهت لطرح الكثير من الأسئلة. الأسباب أو المستجدات الكبيرة التي ذكرتها أخرجتنا من الروتين الذي كنا فيه، وأخذتنا للتفكير في عمق سلوكنا وأدائنا في الحياة، وكيف لنا التماهي مع المرحلة الجديدة. امتلكنا الوقت الكافي للتفكير بكل ما سبق ذكره.
○ هل من عودة قريبة للسينما المصرية بعد «أصحاب ولا أعز»؟
• لا مشروع قريب حالياً.
○ الزميل حجازي يعد كتاباً عن فنك؟
• أوجه له التحية وأشكره وآمل ان يبصر الكتاب النور. الكتاب بأيد أمينة ولست أدري في أية مرحلة أصبح.
○ هل بدأ إعداد الكتاب بعد استئذانك؟
• بل هو وضعني في أجواء عمله، وزودته ببعض المعلومات التي يحتاجها. هو يكتب بأسلوبه الخاص، ولدى إنجاز الكتاب اقرأه، ليس للموافقة على المضمون بل لنيل البركة إن صح التعبير.
○ كل منا يعيش حنيناً لأمر أو مكان ما. أين يأخذك الحنين؟
• أحن للوطن فنحن مهجرون في الوطن. مشتتون في وطننا. نحن للكرامة، وللسلام والطمأنينة.
○ وما هي أجمل أيام حياتك؟
• تلك التي أمضيتها في المسرح. وكل عمل ناجح يستقبله الجمهور بترحاب وحب أعتبره من أجمل أيام حياتي.
○ أخبرتني قديماً كيف اقترضت من أحد المصارف لإنتاج أول عمل مسرحي لك في شاتوتريانون…
• أظنني سأكرر الماضي. فنحن عدنا إلى البداية.
○ وهل من مصرف يعطي قرضاً الآن في لبنان؟
• لست أدري صراحة لكن إحياء المسرح ضرورة بشكل أو بآخر.
○ هل خسرت الكثير من جنى العمل في المصارف؟
• كل «مصرياتي».
○ هل تسبهم؟
• بل أشتم ذاتنا وكيف سمحنا للمصارف أن تصل بنا لهذا الحال.
زهرة مرعي- القدس العربي