غياب الممثل عبد الله الحمصي (أسعد) طفولتنا الجميلة مع فرقة أبو سليم الطبل…بكل طيبتهم ومقالبهم وسذاجتهم!
عن 86 عاماً غادرنا أسعد، الممثل الكوميدي الذي كنا ننتظره أطفالاً أمام شاشة «تلفزيون لبنان» مع بقية فرقة أبو سليم الطبل، بكل طيبتهم، ومقالبهم وسذاجتهم، والصعوبات التي يواجهونها، ويقابلونها بالضحك والتسامح وطول البال. شخصيات، ملأت المنازل اللبنانية، يوم كان التلفزيون لا يزال سلوة العائلات وشاغلها، وفرحة الأولاد.
أسعد أو عبد الله الحمصي الذي ولد في طرابلس عام 1937، ابن حي الزاهرية بعائلاته المتوسطة، التي شهدت كل أشكال التحولات من الحرب الأهلية، إلى ضراوة مرحلة السلم على غير المنتفعين، إلى الانهيار الاقتصادي الأخير الذي أصاب أسعد، وهو في شيخوخته بحزن وأسى.
فبعد 60 عاماً قضاها على المسارح، ونجماً تلفزيونياً، وممثلاً سينمائياً، عاش أسعد شيخوخة يحزن فيها على ما آلت إليه الحال، وعلى الإهمال الذي يتعرض له أصحاب المهن الإبداعية في بلاد لا تؤمن لهم قوتهم ولا علاجهم.
بدأ أسعد مهنة التمثيل هاوياً، وهو في الخامسة عشرة، في «كشاف الجراح» في طرابلس، الذي انضوى في فرقته، وكان يقودها صلاح تيزاني (أبو سليم)، وبعد مشاهدة شقيقه أداءه التمثيلي، ساعده على الانضمام لفرقة «النفير».
شارك في كثير من الأعمال الفنية. ومن مسلسلاته «سيارة الجمعية»، و«الزمن والدولاب»، و«الدنيا مسرح». في بداياته، أسس بنفسه فرقة فنية عام 1957، سماها «كوميديا لبنان»، ومن ثَمّ أسس «فرقة الفنون الشعبية». ولم يظهر تحت اسم أسعد إلا بعد أن انتقل إلى «تلفزيون لبنان»، حيث تبلورت في أعماله صورة الرجل الساذج الآتي من القرية إلى المدينة.
مع فرقة أبو سليم الطبل في «تلفزيون لبنان» القناة السابعة، عرف أسعد بالصورة والكاريكاتير الذي لم يغادره، وبه أحبه الناس.
عمل أسعد بكثافة، عرفت عنه عباراته التي كان يرددها في مسلسلاته الشهيرة، فتصبح لازمة في حياة المتفرجين، يكررونها كيفما وجدوا أنفسهم في موقف صعب أو فرح. «صبّحك بالخير ستنا بيروت»، و«دويك يا دويك»، وغيرها من العبارات التي صارت شهيرة.
من الصعب حصر أرشيف أسعد المتناثر، لكن يقدر اليوم بأنه يزيد على 1700 ساعة تلفزيونية، و60 مسرحية، عدا حلقاته الإذاعية الفكاهية التي وصلت إلى 3 آلاف حلقة، كما مثّل في ما يقارب 15 فيلماً، ومن أبرز أفلامه «بنت الحارس»، و«الليل الأخير»، و«عودة البطل».
بدأ رياضياً وممثلاً وأميناً لمدينته التي كان يعود إليها باستمرار، حيث مثّل على غالبية مسارحها، وكان لا ينقطع مع فرقة أبو سليم عند تقديم أعمال في الأعياد والمناسبات، وسط حب كبير من متفرجين تعطشوا للضحك بمتابعة فرقة تشكلت من وجوه محببة ومعروفة، مثل قائد الفرقة صلاح تيزاني، وفهمان بشاربه الكث وقامته القصيرة، ودرباس، وشكري شكر الله، وجميل، وأبو نصرة.
بوفاة أسعد الرجل الطيب، المواطن الدمث المهذب، والممثل الكوميدي الذي قليلاً ما يضحك، إنما تركيزه على إضحاكنا نحن، يطوي جيل بأكمله، ذكريات طفولة امتلأت بالبراءة والحب والبساطة، على الرغم من أنها كانت مشوبة بالحروب والعنف والدماء. لكن أسعد وأصدقاءه كانوا سلوانا ومتنفسنا وفسحتنا الجميلة.
سوسن الابطح- الشرق الاوسط