الــ”فضائح” تتواصل: اتهامات لسفير لبنان في اليابان “بقضايا فساد”
في الآونة الأخيرة، ظهرت “فضائح” بعض سفراء لبنان إلى العلن. أثارت بلبلةً واضحة، بدأت بفضيحة طالت السفارة اللبنانية في أوكرانيا، حول قضية اختلاس ما لا يقل عن 330 ألف دولار أميركي. وبعد فترة قصيرة، اتُهم سفير لبنان في فرنسا، رامي عدوان، بقضية اغتصاب وبممارسات عنفية ضد موظفتين في السفارة، واخيراً، وعلى ما يبدو ليس آخراً، برزت قضية السفير اللبناني في اليابان، نضال يحيى، بعد اتهامه “بقضايا فساد”.
وثيقة السكريترة
في تاريخ الخامس من حزيران الجاري، راسلت سكرتيرة السفير اللبناني في اليابان، Miheng chon، وزارة الخارجية اللبنانية، بوثيقة رسمية مؤلفة من 10 صفحات.
أرادت chon، بهذه الوثيقة الرسمية، إبلاغ وزارة الخارجية اللبنانية، بسلوك سفيرها في اليابان، وأسلوب تعاطيه مع الموظفين، وطرق استعماله للسلطة. ووفقاً لكلامها، تسبب السفير، في نيسان الماضي، بضرر مالي كبير من خلال تبديل مكان السفارة ومكان سكنه بتكلفة حوالى 136 ألف دولار أميركي، كما أنه “استخدم السفارة لغايات شخصية”، إلى جانب اتهامه بمخالفات كثيرة ومنها: “تسخير ملكيات السفارة لمصالحه العائلية، وممارسة الضغوط على الموظفين لإلزامهم بتقديم تقارير غير دقيقة لوزارة الخارجية في اليابان”. كما أفادت في هذه الوثيفة إلى أنها تعرضت للإساءة اللفظية والجسدية في بداية شهر حزيران وقام السفير بطردها من العمل.
على الأرجح أن الموظفة الكورية افترضت أنها بمجرد مراسلة وزارة الخارجية اللبنانية عبر رسالة رسمية تتهم فيها السفير اللبناني في اليابان بمجموعة من تهم الفساد الإداري المعروضة أعلاه، فإن الوزارة ستتواصل معها من أجل الحصول على كامل المعلومات والتحقيق فيها، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة. ناهيك عن أن ملاحقة أي سفير، في حال ثبتت التهم عليه، يحتاج إلى أشهر طويلة قبل اتخاذ هذا القرار.
وربما، سعت بهذه الرسالة أن تدافع عن البلد الذي تعمل فيه، أو عن نفسها بسبب فصلها من العمل وتعرضها لإساءة لفظية وجسدية، أو ظنت أنها قادرة على منع أي عملية فساد قد تحصل داخل السفارة اللبنانية الموجودة على الأراضي اليابانية.
بيان السفير
بدوره نفى يحيى كل التهم المنسوبة إليه. وانقضّ على الموظفة الكورية في بيانه التوضيحي الذي عرضه للرأي العام، مساء أمس الجمعة، 23 حزيران، متهماً إياها بالتمرد على التعليمات، وبتسريب مراسلات رسمية من داخل السفارة، وبأن الوثيقة التي قدمت لوزارة الخارجية اللبنانية ليست سوى رسالة تزوير ومعطياتها كاذبة، لا تمت للحقيقة بصلة.
وأكّد يحيى أن الموظفة لم تتعرض لأي عمل عنفي أو جسدي، إنما صرفت من العمل بسبب مخالفاتها المستمرة، وختم بيانه بمطالبة وسائل الإعلام بعدم تداول رسالة الموظفة الكورية مرة أخرى، لأنها معطيات كاذبة وهادفة لتشويه سمعة لبنان وسفيره.
توضيح الوزارة
أمام هذه المعطيات، تواصلت “المدن” مع المدير العام لوزارة الخارجية اللبنانية، وليد حيدر، الذي رفض الإدلاء بأي تصريح، مؤكداً أن الوزارة تتابع جميع الملفات وتقوم بمهامها. ورفض الإفصاح عما إذا كانت الوزارة في صدد تجهيز أي بيان رسمي حول هذه القضية أم لا، متسلحاً باعتبار أن هذه القضايا هي من الأمور الداخلية والخاصة بالوزارة التي يجب عدم التداول بتفاصيلها ، حفاظاً على سريتها.
ملف عدوان لدى القضاء اللبناني
وفي سياق متصل، علمت “المدن” أن السفير اللبناني في فرنسا، رامي عدوان وصل إلى بيروت بعد أن رفضت وزارة الخارجية اللبنانية التنازل عن حصانته الدبلوماسية في فرنسا، كي تتمكن الأخيرة من ملاحقته بقضية اغتصاب.
وأوضح حيدر في حديثه لـ”المدن” أن قضية عدوان انتهت داخل وزارة الخارجية اللبنانية بعد انتهاء مهمة لجنة التحقيق التي توجهت إلى فرنسا في الفترة الماضية والتي قدمت كامل التفاصيل للوزارة. وبناءً على المعطيات التي قُدمت، حُوّل ملف عدوان إلى القضاء اللبناني لمتابعته.
في بلد طبيعي، يفترض أن يُلاحق كل سفير متهم بقضايا فساد أو اختلاس أو ممارسات عنفية، وأن يتعرض للمساءلة، على الأقل للتأكد من صحة التهم التي تنسب إليه.
وفي الحقيقة، أصبح الجميع على تصالح مع فكرة أننا في مملكة الإفلات من العقاب، وأننا في عصر انهيار مؤسسات الدولة، وأننا في بلد قائم على شبكات المحسوبية، التي كان نتيجتها تعيين بعض السفراء في مناصب لا تليق بهم، فشوهوا صورة البلد الذي يمثلونه وأهانوا بأفعالهم لبنان. وأخطر ما في هذا الأمر، أنهم لم يعاقبوا ولم يلاحقوا واستمروا في متابعة عملهم الدبلوماسي، وكأن شيئاً لم يكن.
فرح منصور-المدن