“ديور” في مشهدية تحاكي المستقبل: الإثارة تخرج من تحت الأرض!
في وقت تمثل فيه عروض الأزياء حدثاً يمزج بين الفن والموسيقى والأداء تهدف المشهدية إلى إنشاء جو وتجربة مميزة للحضور وتعزيز العرض الفني للأزياء، فقد اتّخذت دار “ديور” الجمعة في باريس خياراً جريئاً من خلال التركيز على تصاميمها في وسط منصة العرض مع عناصر مشهدية تحاكي المستقبل.
وفي بداية العرض، ظهر عارضو الأزياء وهم يخرجون من الأرض عبر فتحات مربّعة، في مشهد وفّر نظرة عامة على كامل المجموعة التي طبعتها الألوان الزاهية من الوردي إلى الأزرق والأخضر. ثم بدأ عارضو الأزياء يسيرون على المنصة المُثبّتة في ساحة المدرسة العسكرية، قبل أن ينسحبوا ليعاودوا الظهور من خلال التقنية نفسها، مما أتاح للحاضرين مشاهدة كل إطلالة من زوايا متعددة.
وأوضح البريطاني كيم جونز الذي يحتفل من خلال هذه المجموعة بسنواته الخمس في إدارة قسم التصاميم الرجالية لدى “ديور” أنّ “الرسالة الكامنة وراء هذا الأسلوب في العرض بسيطة وتتمثل في أنّ الأمر كلّه يتمحور على الملابس”. ومن خلال اعتمادها هذا الأسلوب، باتت “ديور” في وضع متوازن مع دار “لوي فويتون” التابعة أيضاً لمجموعة “أل في أم أتش” للسلع الفاخرة.
فعرض لوي فويتون الذي أقيم في الهواء الطلق على جسر بون نوف، كان مميزا بطابعه غير التقليدي، وبالعدد الكبير من المشاهير الذين حضروه، وبكونه الأول للمصمم النجم فاريل وليامز منذ توليه الإدارة الفنية للدار الراقية، وبما تضمنته تشكيلته من ابتكارات رغم انتقادات جمعية “بيتا” للرفق بالحيوان بسبب استخدام الدار للفراء معتبرة أن هذه القطع “لا تصلح إلا لمتحف للتاريخ”.
وفي رسالة موجهة إلى وليامز، طلبت “بيتا الولايات المتحدة” الامتناع عن استخدام الفراء وجلود الزواحف، مذكّرة بأن دور أزياء أخرى من بينها “شانيل” توقفت عن استخدام هذه المواد. وقال كيم جونز عشية عرض الأزياء “إنّ ما أبتكرُهُ هو ملابس فعلية. فأنا أفكّر في ما يريده الزبون”، مؤكدا أنّ “العمل لصالح ماركة بارزة ينطوي على أهمية”.
وتظهر في المجموعة الجديدة نقشة “كاناج” الخاصة بـ”ديور” مع إضفاء نقشة النمر المستوحاة من المرحلة التي كان يشغل خلالها إيف سان لوران الإدارة الفنية للدار في أواخر خمسينات القرن الماضي. وقال جونز “أردت أن أعود إلى ما كانت عليه ”ديور” لكن مع أسلوب البانك”.
وتُظهِر القبعات التي اعتمرها عارضو الأزياء شغف كريستيان ديور بمجال الاعتناء بالحدائق. وشكّل الموكاسان مع نعل سميك الحذاء الأبرز في عرض الازياء. وأضاف كيم جونز “تلقينا مساعدة من كريستيان ديور وإيف سان لوران ومارك بوهان وجانفرانكو فيريه وجون غاليانو، الذين يشكلون أول خمسة مدراء فنيين لديور”. وتشكل هذه الخطوة بادرة تنطوي على سخرية من “لوي فويتون” التي اختارت لإدارة قسمها المعني بالابتكارات الرجالية نجما عالميا ليست لديه خلفية مرتبطة بالموضة، بهدف توسيع قاعدتها الجماهيرية.
وكان كيم جونز نفسه مسؤولا عن قسم الملابس الرجالية في “لوي فويتون” وساهم في إطلاق أسلوب المزج بين الملابس الراقية وأزياء الشارع، وهو ما حقق نموا كبيرا للدار. وبالإضافة إلى منصبه في “ديور”، يشغل جونز مدير التصاميم النسائية وأزياء الهوت كوتور في دار “فيندي” الإيطالية التي شاركت النجمة ديمي مور المقرّبة من جونز، في أحد عروضها. وكانت مور التي يصفها جونز بـ”زوجته” ويحب أن يُطلَق عليها “السيدة جونز”، حاضرة في عرض الأزياء. وكانت النجمة أثارت ضجة عقب حضورها أحد التدريبات مع طفلها الذي كانت تضعه في حمّالة أطفال من تصميم جونز.
يذكر أنه تم مؤخرا افتتاح “غاليزي ديور” في عنوان 30 مونتينو الباريسي. هذا المتحف الحيّ الذي يمتدّ على 2000 متر مربع ويتضمّن 13صالة تستعرض فصولا من تاريخ وإرث دار ”ديور” بأسلوب استثنائي، مما يجعل منها علامة الأزياء الوحيدة في العالم التي تمتلك مساحة مماثلة. ويشهد هذا المتحف بثّ فيديوهات رائعة تُظهر مصممي الدار أثناء عملهم في مشاغلها التي لا تزال حتى اليوم تشغل الطابقين الرابع والخامس فوق المتحف.
ويتمّ أيضاً عرض مقاطع من أفلام تظهر فيها أشهر نجمات السينما بإطلالات من ”ديور” إلى جانب الإطلالات نفسها. هذا بالإضافة إلى المئات من أغلفة المجلاّت المخصصة للدار وعبوات العطور التي تحمل توقيعها. ويكشف المتحف عن المهنة الأساسيّة لمؤسس الدار ديور كتاجر للقطع الفنيّة، وهذا ما يُفسّر ظهوره في بعض الصور إلى جانب أشهر فناني ذلك العصر، أمثال سلفادور دالي، وكريستيان بيرارد، وجان كوكتو.
وكالات