خاص: بين قطر ولبنان اكثر من… “شكرا قطر”!

قد يغيب عن البعض أنّ لبنان بلد عربي الهوية والهوى.. وأنّه مهما تعارضت أو تشابكت الأحداث الزمنية، تبقى الأخوّة العربية أساساً في التعاون ومدّ يد العون.. ومن هذا المنطلق موقعنا ارتأى في زمن التفكّك والتباعد عن إخوتنا العرب.. استعادة ولو القليل من الدور والثقة بلبنان وأهله، سواء مع أخواننا أو مع مواطنينا المهاجرين إلى تلك الديار العربية الساحرة..

وبداية الرحلة ارتأيناها من دولة قطر، التي لا يكاد التاريخ ينسى شعار “شكراً قطر” الذي رفعه اللبنانيون يوم كانت ولا تزال “دولة قطر” تمد لهم يد العون، وترفع الضيم عنهم، وتبلسم جراح “العدو” ، حتى جمعتهم في الدوحة، ووضعت نقطة على حروف صراع أوشك أن يودي بالبلد..

واليوم يطمح اللبنانيون بل ويزايدون بأنّ قطر دولة وقيادة وشعباً وحتى جالية لبنانية، لم ولن ينسوا إخوانهم، فإنْ كانت دولتنا على غير “الخط السوي”، فالشعب لا ينسى ويبيع الفضل، خصوصاً مع ما تقدّمه قطر مؤخراً إلى الجيش اللبناني من 70 طنّاً من المواد الغذائية شهرياً، ناهيك عن التعهّد بإعادة إعمار عدد من المدارس التي تدمّرت في تفجير 4 آب 2020.. فنجدّدها ونقول للقطريين واللبنانيين المُقيمين في قطر “شكراً قطر”.. وشكراً وألف شكر لوطن يحبكم وتحبونه..

وفي هذا السياق كان لقاؤنا الأوّل مع رجل الاعمال “ايلي رزق” المغترب اللبناني الذي أمضى سنوات طوال في دولة قطر، حتى ألفه أهلها وألفهم.. فسألناه عن مقارنة بسيطة بين لبنان اليوم الأمس، كان الجواب: “لا أظن أنّ هناك أسوأ من الأوضاع التي يمر بها لبنان حالياً، ففي “لبنان الأمس القريب” كانت الحياة مختلفة، والناس في نعيم، حتى أُطلق عليه “سويسرا الشرق”، وأنا في عقدي السادس، أكاد أجزم بأنّه كان جنّة على الأرض، وقبلة للحياة والازدهار، يأمّه النجوم والمصطافون من كل بقاع الأرض، حتى أنّ طبيعة الحياة أبسط وتكلفتها أرخص، ناهيك عن أنّ أوّل شاشة تلفزة ملونة كانت من لبنان، حتى كنّا واجهة الخليج، أما اليوم فلبنان وأهله يفتقرون إلى ربطة الخبز وصفيحة البنزين، وسيطر عليهم الفقر والجوع، حتى أصبحنا نقارن بين لبنان والصومال.

وعمّا إذا كان السبب في ما بلغه اللبنانيون “الشعب أم الزعماء”، فأكد أنّ “السبب أولاً على الشعب، الذي يصنع الزعماء، الذين يُفقرون الشعب، ويعودون إلى شراء “البعض” بـ100 دولار، بمعنى كما تكونون يوّلّى عليكم، والشعب اختار قيادات على شاكلته”.

وحول إيمانه بالتغيير، خاصة إثر ولادة حكومة لبنانية جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، سارع إلى تأكيد “أنا لا أثق بنفسي هذه الأيام، فالواقع مقروء دون تكهّن أو ضرب رمل، والشعب يسعى إلى الملموس من الأشياء، وشخصياً سأبقى ما بين التشاؤم والتفاؤل، حتى ألمس “شبعة الجائع”، وهي حق للمواطن وليست رفاهية.

وعن دوره كلبناني مُغترب مُقيم في قطر في مدّ يد العون إلى إخوته في الوطن، قال: “ليس بالضرورة الحديث عن أعمال الخير، إلا أنّني أرعى 3 أُسر من الأف إلى الياء، وكماروني من مدينة جونيه، ألجأ إلى كاهن رعيتي، الذي أتكل عليه وعلى عائلته، ولي بهم كل الثقة، فهم يعرفون المحتاج في بلدتي، كما إنّني أتابع ما يقوم به شباب وصبايا الرعية من توزيع مساعدات على العائلات المحتاجة، وهو ما دفعني إلى مد بد العون، لأنّ هذه الطريقة أكثر ثقة ووعياً بوصول المساعدات إلى مستحقيها، ولله الحمد كما منّ الله عليَّ بالنعمة أقوم بالتزكية للناس المحتاجة.

وهل من دور أكبر لمساعدة اللبنانيين، سواء مع مواطنيهم أو أشقائهم من دولة قطر؟! فكشف عن أنّه في ميدان العمل منذ كان في عمر الـ14 عاماً، وحالياً في عقده السادس.. لذا آن الأوان للراحة وعدم بذل مجهود أكبر، “فكثرة التنقلات تضرني، لذلك أكتفي بهذا الدور الذي يرضي ضميري”.

وفي ما يتعلق بوجهة النظر القطرية – التي كانت تدعم لبنان – إلى الاتجاهات اللبنانية اليوم.. قال: “القطريون مستعدون لدعم الشعب والجيش اللبنانيين، وليس الدولة، ووزير خارجية قطر زار لبنان مؤخّراً، والتقى عدداً من المسؤولين اللبنانيين، والدولة القطرية سبق وأقرّت بناء المدارس التي تضررت مع انفجار المرفأ، وهي تشرف على البناء في الكرنتينا، وترسل 70 طنّاً من المساعدات للجيش كل شهر..

وبخصوص تراجع عروضات العمل العربية للبنانيين، وتدنّي قيمتها المادية أيضاً، نفى أن يكون هناك استغلال لأوضاع اللبنانيين، فعلى سبيل المثال، يطلب المهندس اللبناني 4 آلاف دولار مع سيارة وBonus، في المقابل المهندس التونسي مثلا.. ومن نفس المستوى يطلب 2500 دولار، دون الحوافز الأخرى، لذلك فإنّ السوق فرض نفسه، والمشكلة أنّ اللبناني لا يقبل بالرواتب المعروضة، ومن الضروري التذكير بأنّ كل المصالح في الخليج وخاصة دبي تعرّضت لمشاكل كثيرة بعد أزمة 2008، واللبناني كان يفكر دوماً بالعمل سنتين أو ثلاث في الخليج وثم يعود إلى لبنان ويبني قصراً، وهو ما حصل معي عام 1979، أما اليوم فكل الاقتصاد العالمي مضروب، بالأمس كان من السهل أنْ يحصل اللبناني على 5 آلاف دولار، فيما اليوم بالكاد يحصل على 2000 أو 2500.

وختاماً، هل تفكّر بمشروع في لبنان؟.. يجزم رزق: “أبداً، أبداً ففي الخليج العمل منظم، أما في لبنان “خود إيدك ولحقني”، وشخصياً أزور لبنان للراحة والاستجمام، ووصيتي إلى أبنائي من بعدي الاستثمار والعمل في خارج حدود الوطن، لأنّ بلدنا حاليا ليس أرضاً للإنتاج والعمل، بل هو للاصطياف وزيارة الأحباب فقط، والسبب في ذلك أنّ رجالات الدولة الكبار سابقاً كانوا يضحّون ويستشهدون من أجل الوطن، أما حالياً فالموجودون من رجال السياسة يضحّون بلبنان وشعبه في سبيل مصالحهم الخاصة…

إيمان ابو نكد – Checklebanon

مقالات ذات صلة