مادونا: أعيش اليوم السلام بقرب والدتي

ألقابها كثيرة وعديدة من «الليدي مادونا» و«ملكة جمال النجوم» إلى «ملكة فن الاستعراض» وغيرها، وجميعها حصدتها في فترة زمنية قصيرة بعد أن طبعت الساحة الفنية بهوية تختلف عن غيرها. فعدا تميزها بأناقة ملحوظة، فمادونا عرنيطة عرفت بصوتها الذي يتميز بنبرة وبحّة خاصين.

تقول لـ«الشرق الأوسط» إنها تعبت وجاهدت كي تحقق حلمها وتصبح «فنانة قد الدني». فدخول مجال الفن اليوم وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي سهّلت انتشار الفنانين. «في أيامي لم تكن متوفرة أيٌّ من هذه الوسائل. وكان اعتمادنا على الإعلام البصري والسمعي والمكتوب. ولولا محبة أهل الصحافة لي في تلك الفترة لما استطعت البروز وحصد الشهرة».

بتواضع لافت تحدثك الفنانة مادونا عرنيطة، التي شاركت مؤخراً في مهرجان «الزمن الجميل»: «هو زمن نشتاق إليه اليوم وأنا عاصرته لأني محظوظة. كنت الفنانة الأصغر سناً بين عمالقة الغناء. وكنت أجتهد كي أكون على المستوى المطلوب، فحلمت وحققت هدفي. وقفت إلى جانب فنانين كبار أمثال جورج وسوف، وتعاونت مع الراحلين عازار حبيب وفليمون وهبي وإيلي شويري، إضافة إلى زياد الرحباني. فأخذت نصيبي من حب الناس، لا سيما وأني لم أقدم يوماً عملاً فاشلاً».

عرفت «ليدي مادونا» باستقطابها الكبار والصغار وهي على خشبة المسرح. فكان لها حضورها المميز بالرقص مع العصا وبتقديم مسرحيات لاقت شهرة واسعة. «سأضيف جائزة مهرجان (زمن الفن الجميل) إلى باقي لائحة جوائز طويلة حصدتها. فهي عربون حب صادق لمسيرة فنية حلوة خضتها ولا تزال عالبال».

لم تتبدل ملامح وجه مادونا عرنيطة منذ بداياتها حتى اليوم. وهي تعترف بأنها لم تقدم على أي عملية تجميل. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «قد أقوم بها عند اللزوم ولكني لا أزال أحمل نفس تعابيري الطبيعية التي عرفت بها. ولا بأس بأن تصيب وجهي بعض التجاعيد حول عيني، فالعمر لا يمكن إخفاء آثاره. لقد كنت أغني وأصور لساعات طويلة متتالية. كما درست 5 سنوات في المعهد الموسيقي الوطني كي أتمتع بخلفية ثقافية فنية. فأساتذتي كانوا عمالقة في فنهم وعزفهم وعلمهم أمثال توفيق الباشا وزكي ناصيف ومحمد سبسبي وتعلمت منهم الكثير». وعن رأيها بالفنانات اللاتي صرن يبدون اليوم أصغر بكثير من أعمارهن الحقيقية ترد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا متأكدة من أنهن غير راضيات عن شكلهن الخارجي. فنظرتهن كما ملامح وجوههن وحتى بشرتهن تبدلت تماماً. فصرن نسخات متشابهة ومكررة عن بعضهن البعض. فأنا ضد المبالغة في التجميل وأتمسك بملامحي كما هي وعلى طبيعتي».

تعد مادونا الأعمار مجرد أرقام لا علاقة لها بالروح. «التربية هي الأساس والتي تنعكس على روحك جمالاً أو بشاعة. وعندما يكون الشخص أميناً وصادقاً مع نفسه فتزداد ثقته بنفسه. وأنا من الأشخاص الذين تربوا في عائلة محبة، ولذلك أنا متصالحة مع نفسي، وفي أعماقي كمية عطاء لا تنتهي. وكل ذلك ينعكس إيجاباً على شكلنا الخارجي».

تقول عن الساحة الفنية اليوم بأنه فيها النوعية الجميلة وعكسها. ولكن «البعض يشوه صورة الفن الحقيقية فيلجأ إلى كلام هابط وعبارات غير لائقة. فما عادت الكلمة ولا اللحن والميلودي متناسقين كي يفرزوا عملاً حلواً. وبرأي أنه على نقابة الفنانين أن تلعب دوراً في هذا الإطار، وتحد من إصدار أعمال هابطة. ونقيبنا لمحترفي الفن والموسيقى فريد أبو سعيد يحاول ذلك باستمرار».

وتؤكد مادونا أن الأزمات التي تراكمت على لبنان، وأهمها الاقتصادية، أحبطت الناس. ومن ثم جاءت الجائحة لتزيد الأمور سوءاً، فصارت تهتم باللحظة التي تعيشها فقط. «لقد تعلمت أن الماضي عبرة، والحاضر خبرة، والمستقبل لتصحيح الأخطاء. أنا شخصياً لعبت كل من الصدفة والحظ دورين مهمين في حياتي. قدمت تضحيات كثيرة وتركت عائلتي كي ألتحق بالفن. ولا أندم على أي شيء قمت به».

تقول لـ«الشرق الأوسط» إن الـ«أنا» أصبحت متضخمة عند كثيرين من فنانين وسياسيين. ولو أعاد هؤلاء حساباتهم وتخلوا عنها لكنا بألف خير، وما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. وبمقارنة سريعة بين فن الماضي واليوم تقول: «إن السوشيال ميديا ساهمت في نشر الوقاحة. ولم يعد هناك من خصوصية يحترمها الآخر. ولا محبة ولا اهتمام بالآخر فصارت الدنيا (كل مين ايدو الو)». اليوم تعيش مادونا في خدمة والدتها المريضة وهي لا تتركها لأنها تعيش على الأكسجين. «إنها تعني لي الكثير، لا سيما وأنها ساعدتني وربت طفلتي ووقفت إلى جانبي، فكانت أكبر داعمة لي. فإن أجمل ما يمكن أن يقدمه المرء من عطاء هو العطاء للأم. فأنا أخدمها بفرح لأن بعد أمي الطوفان. وأنا اليوم أعيش السلام بقربها».

لم تفكر مادونا بالارتباط مرة جديدة بعد زواجها الأول الذي رزقت خلاله بابنتها «مود». «لقد تزوجت، والوقت كان كفيلاً بتعليمي دروساً كثيرة. عشت الحياة كما هي من دون أي رتوش. فكبرت وصبرت على الألم وصرت مادونا التي ترونها اليوم بكامل رونقها ونضجها».

حالياً تستعد لإطلاق أعمال جديدة وبينها مع الملحن المصري صلاح الشرنوبي. وكان مهرجان «الزمن الجميل» فرصة للالتقاء به والتحدث معه حول هذا الموضوع، إذ كان من الأشخاص المكرمين.


فيفيان حداد- الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة