«مترو المدينة» إلى «أريسكو بالاس»!

منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الفائت، أقفل «مترو المدينة» أبوابه في سينما سارولا إثر انتهاء العقد بينه وبين أصحاب الملك. يومها ودّع رواده بحفل «غودباي فستيفال»، مخططاً للانتقال إلى مكان أكثر اتساعاً، فوقع الخيار على مسرح «أريسكو بالاس» في شارع الحمراء أيضاً. وانطلقت ورشة العمل لإعادة إعماره وبناء ديكوراته وتصميم مقاعد وطاولات تضمن استمراريته مع جمهور عريض. فهو كان وفياً طيلة 11 عاماً منذ تأسيسه حتى اليوم. غير أن «مترو المدينة» كان يتكل على شباك التذاكر كي يقاوم أزماته ويبقى.

عروض فنية منوعة شهدتها خشبة «مترو المدينة» منذ تأسيسه حتى اليوم، فتركت بصمتها عند اللبنانيين الذين لا يزالون يحتفظون بذكرياتها. كما «هشك بشك شو»، و«130 سنة سيد درويش»، و«بار فاروق»، و«عود من دون حدود»، و«برودواي»، و«أشكرة»، و«أزور» وغيرها.

مؤخراً أعلن «مترو المدينة» عن نيته بيع 10 في المائة من أسهمه لمن يرغب من جمهوره، فإعادة ترميم المكان الجديد الذي ينتقل إليه وتأمين إيجاره لمدة 10 سنوات مقبلة يستلزمان منه هذه الخطوة.

هشام جابر مؤسس هذا المسرح والحريص على ديمومته يعدّه جزءاً لا يتجزأ من حياته. لذلك لم يتردد في القيام بهذه المبادرة ليبقيه على قيد الحياة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه يشكل 80 في المائة من حياتي ولطالما كان جمهوره شريكاً فعالاً لنا. كان علينا الشروع في هذه الخطوة قبل 4 سنوات، فأوضاع البلاد المتأزمة جعلتنا نتوقع كل شيء، وفي تلك الفترة شهد لبنان أزمات بالجملة، بدأت بالاقتصادية والجائحة، وصولاً إلى انفجار بيروت، هو ما أخّر مشروعنا».

الشركاء في مسرح «مترو المدينة» سيكونون شركاء حقيقيين يملكون أسهمهم ضمن نظام داخلي قانوني، وإضافة إلى حصتهم هذه سيحصلون على اشتراك سنوي لحضور جميع برامج المسرح مجاناً، إضافة إلى أخرى بكلفة ضئيلة. كما سيحصلون على حسم دائم على المأكولات والمشروبات في صالة المسرح. وتبقى هذه الخدمات سارية المفعول مدى الحياة.

وفي 26 مايو (أيار) الحالي، وانطلاقاً من فكرة الإسهام في تمكين هذا المسرح وإعادته إلى الحياة، ستقام أمسية فنية؛ «حفلة بنص الورشة» هو عنوانها، وتتضمن 3 عروض فنية، سبق أن عُرضت على مسرح «مترو المدينة» القديم في سينما سارولا. ويخصص لرواده أيضاً عرضاً موسيقياً مع «دي جي».

تفتح أبواب هذا الحفل الذي سيكون على رواده حضوره وقوفاً، التاسعة مساء. وأسعار البطاقات تتراوح ما بين 20 و50 دولاراً، ويستطيع كل من يرغب في الإسهام بعودة هذا المسرح أن يدفع مبالغ أكبر.

ويتابع جابر: «استطعنا حتى اليوم قطع شوط كبير من إعادة بناء المسرح. وأتوقع أن يعود إلى العمل قريباً في مدة لا تتجاوز الشهرين. وسنعلن عن موعد الافتتاح الرسمي بعيد (حفلة بنص الورشة)».

يتسع المسرح المتجدد لنحو 400 شخص، حسب عدد الطاولات والمقاعد. أما ديكوراته فستأخذ منحى حديثاً يقترب بتصاميمه من أجواء الفضاء والنجوم. وسيكون الأزرق القاتم السائد بشكل كبير على ألوان الصالة. ومع تجدده لن يكون بعد اليوم مجرد مترو تحت الأرض، بل سيرتقي بجمهوره إلى فضاء أوسع.

بلغ سعر السهم الواحد 1000 دولار، وحتى اليوم وصل عدد الشركاء إلى نحو 180 شخصاً. أما كلفة ورشة الإعمار والتجديد التي تقام في «أريسكو» فتبلغ نحو 500 ألف دولار.

ويوضح هشام جابر أن «مترو المدينة» سيحافظ على مفهومه وتصوره المعروف بهما. ولكنه سيجدّد أيضاً في الإدارة والأفكار، وسيستقدم عروضاً فنية تواكب هذا التغيير. ويضيف: «أعتقد أن ما وصلنا إليه اليوم كان حتمياً، لنستطيع الاستمرار وإرضاء أكبر عدد من روادنا. ففي الماضي كانت الصالة لا تتسع سوى لـ100 شخص. وكان هذا العدد ضئيلاً نسبة لفرق فنية كبيرة تتعاون معنا، إذ كانت الأماكن محدودة. فالمدينة تحتاجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن الحركة المسرحية هي المتنفس الطبيعي لأهلها. وحالياً صار متنفساً أساسياً لعروض فنية لا تتوفر على وسائل التواصل الاجتماعي. فنحن مدينون بالكثير لهذه المدينة الجميلة التي شهدت وواجهت أزمات كثيرة. ولو لم نقم بهذه المبادرة لكنا قد أقفلنا أبواب مسرحنا إلى غير رجعة».


فيفيان حداد- الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة