باسيل بين خيارين … وحزب الله يحذّره من خطأ الحسابات !
ما زال الثنائي الشيعي يراهن على إيجابيات ستظهر بعد القمة العربية في جدة تُخرج الملف الرئاسي من حال المراوحة وتفتح الباب أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية قبل الموعد الذي حدّده منتصف حزيران/يونيو المقبل، بحيث إذا اتضحت الصورة الرئاسية من الآن ولغاية نهاية ايار/مايو وارتفعت حظوظ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية يمكن للرئيس بري أن يدعو إلى جلسة في 6 حزيران/يونيو تكون مختلفة عن الجلسات الـ 11 السابقة ويُدعى إليها السفراء العرب والأجانب بعد اكتمال الترشيحات والتفاهمات.
ويستند الرئيس بري في الدعوة المرتقبة إلى الضغوط الدولية والعربية لانجاز هذا الاستحقاق وعدم التباطؤ به نظراً للتداعيات المتأتية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية واستحقاق انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتحسّب من إطالة أمد الفراغ وانعاكاساته السلبية على مواقع حساسة في الدولة اللبنانية تقترب من نهاية ولاية شاغليها وفي طليعتهم قائد الجيش العماد جوزف عون.
وحتى ذلك الموعد لا مؤشرات توحي بتراجع الثنائي الشيعي عن دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي فشل في استقطاب أصوات إضافية من «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط كما لم ينجح في استقطاب كل أصوات النواب السنّة الدائرين في فلك تيار المستقبل، حيث ما زال نواب سنّة حائرين ومترددين في حسم خيارهم النهائي، فيما رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ما زال على تقاطعه مع قوى المعارضة في رفض انتخاب فرنجية من دون أن يكتمل الاتفاق مع هذه القوى على المرشح البديل خصوصاً أنه يأخذ بعين الاعتبار عدم قطع آخر خيوط العلاقة بينه وبين حليفه السابق حزب الله. من هنا يكتفي باسيل الذي تحوّل إلى بيضة قبّان بديلاً عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتلميح إلى تقارب مع القوات اللبنانية والكتائب حول بعض الأسماء المرشحة.
غير أن موقع باسيل الحالي بين مرشح الممانعة ومرشح المواجهة يضعه أمام تحد في وجه حزب الله إذا مشى مع المعارضة إلى النهاية واتفق معها على مرشح لأن هذا الأمر يعني قلب الطاولة على الثنائي الشيعي وافقاده ورقة الرئاسة القوية من يده بدل أن يبقى الثنائي ممسكاً بزمام المبادرة.
وبدا أن حزب الله تدارك أي انعطافة كاملة لرئيس التيار، فبعث له برسالة لتجنّب الوقوع في أي خطأ بالحسابات أو في أي تموضع سياسي جديد لأنه سيكون أشبه بمغامرة مكلفة عليه وعلى تياره وعلى مستقبل علاقته بالحزب الذي يحاول إقناع باسيل بأن المحور الذي ينتمي إليه حقق انتصاراً في المنطقة، وأن سوريا عادت إلى مقعدها في الجامعة العربية بلا شروط، وبالتالي لا مبرّر لتقديم تنازلات والذهاب إلى خيار آخر من خلال التخلي عن ترشيح فرنجية، ولاسيما بعد الحديث السعودي عن عدم وجود فيتو على أي مرشح وبعد مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في قمة جدة.
في المقابل، فإن القوى المسيحية تدعو باسيل للعودة إلى ما قبل «تفاهم مار مخايل» وإلى فك تحالفه بحزب الله كي تعود الثقة بينه وبينها، مع العلم أن علاقة باسيل بحزب الله تكسبه بعض المواقع في السلطة والمصالح والوظائف العامة وتجعله يستفيد من فائض القوة لدى الحزب، لكنها في المقابل تفقده شعبية مسيحية كان يتمتع بها الجنرال ميشال عون بعد عودته من فرنسا والتي انحدرت بعد «تفاهم مار مخايل» من 70 إلى حدود 30 في المئة وجعلت القوات اللبنانية تتقدم عليه في الانتخابات النيابية الأخيرة وأن تحظى بأصوات تفضيلية مسيحية تفوق الأصوات التفضيلية التي نالها مرشحو التيار.
وبين هذا الخيار وذاك، يتهيّب باسيل الذي استطاع إدارة تعاطيه السياسي في المعركة الرئاسية حسم أمره بين طرفي المواجهة. فإما يعود إلى حضن 8 آذار ومحور الممانعة ويؤمن النصاب لجلسة انتخاب فرنجية أو يعود إلى اصطفاف التيار السياسي قبل عام 2006 ويتقاطع مع المعارضة على مرشح منافس يعيد التوازن إلى الدولة ويحرّر الرئاسة من قبضة حزب الله ويمنع تهميش إرادة المسيحيين.
من هنا ما زال التيار يتريّث في إنهاء مفاوضاته مع المعارضة لعدم كسر الجرّة نهائياً مع حزب الله، ويركّز خطابه على الدعوة إلى توافق مسيحي على مرشح يحظى بقبول الكتل المسيحية ولا يلقى معارضة المسلمين بشكل عام والثنائي الشيعي بشكل خاص. لكن مثل هذا التوجّه يصطدم بعدم إظهار الثنائي أي مرونة تساعد في إحداث خرق في جدار الازمة الرئاسية ما يجعل التيار يختار في هذه المرحلة الاقتراع بورقة بيضاء في حال بادر بري إلى عقد جلسة قريبة.
سعد الياس- القدس العربي