الأفلام والمسلسلات الشهيرة تتحول إلى معارض تشكيلية ناجحة !

أصبحت بعض الأفلام والمسلسلات علامة فارقة في التاريخ الفني العالمي المشترك منه والمختلف، حتى إنها لا تزال تثير انتباه الجمهور وتجذبه إذا ما تم تناولها بشكل مختلف على هيئة معارض فنية، بعضها تشكيلي أو ضوئي يعرض للمتفرج شخصيات أحبها سواء في عالم السينما أو الدراما.

بات عدد متزايد من ظواهر الثقافة الشعبية الشهيرة، على غرار سلسلة أفلام وروايات “هاري بوتر” ومسلسل “فريندز” التلفزيوني وأعمال المخرج تيم بورتون، محور معارض “غامرة”، تجول في مختلف أنحاء العالم مثيرة اهتمام جمهور متنام حجما وتطلبا.

وبعد نجاح معرض “تان تان” في العام الماضي، أعاد مختبر الأضواء في باريس تنظيم المعرض في وقت سابق من هذا الشهر. ومع الرسوم الكاريكاتورية المعروضة على الجدران الكبيرة للغرفة المخصصة، قدم العرض الضوئي عرضا بأثر رجعي، من “تان تان” في أرض السوفييت (1929)، إلى الألبومات الأخيرة التي نُشرت في السبعينات.

توضح المدرّسة والباحثة المتخصصة في دراسة سلوكيات الجماهير والقطاع الثقافي جولي إسكورينيان أن هذه المعارض التي تتيح لروادها الغوص في عوالم مسلسلاتهم أو أفلامهم المفضلة، “تحقق نجاحا لافتا”.

ومنذ المعرض الذي خُصص لفيلم “تايتانك” قبل عشرين عاما، تُسجّل مستويات ارتياد قياسية للأحداث التي تجمع بين عوالم الأعمال الخيالية الشعبية والتجارب الانغماسية، التي هي شكل من أشكال المعارض يوفق بين أدوات تقنية تشمل السرد والمؤثرات البصرية والسمعية وتحرّك حتى حاسة الشم.

وفي المنطقة العربية، نشهد مبادرات قليلة نسبيا، تعرض معلقات خاصة بأفلام كلاسيكية ولوحات تشكيلية عن أفلام وممثلين مشهورين، منها معرض “المشهد” الذي انعقد في العام الماضي وقدم رؤية تشكيلية معاصرة لأهم الأفلام المصرية، كذلك معرض “خلي بالك من زوزو” الذي جمع العشرات من الفنانين الذين أنجزوا لوحات حول فيلم “خلي بالك من زوزو” الذي صنف ضمن قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، ويعد من روائع صلاح جاهين كاتبا، وحسن الإمام مخرجا.

ويوضح توم زالر، رئيس شركة “إيماجن إكزبيشنز” القائمة خصوصا على معرض هاري بوتر، أن تطور التكنولوجيا “يتيح إنجاز أمور بنوعية أفضل وبأسعار معقولة”.

من الولايات المتحدة إلى أوروبا، يحقق معرض هاري بوتر المتنقل نجاحا ساحقا، إذ بيعت أكثر من 150 ألف تذكرة قبل انطلاق فعالياته في العاصمة النمساوية فيينا، و”أكثر من 175 ألف” تذكرة عشية افتتاحه في باريس.

الأمر عينه سُجل مع معرض “المتاهة” لتيم بورتون، الذي استضاف بنسخته الإسبانية في مدريد “ما يقرب من نصف مليون زائر”. وقبل شهر على انطلاقه في باريس في التاسع عشر من مايو الجاري، كانت “حوالي 50 ألف تذكرة بينها كامل تذاكر الفئات الخاصة” قد استُنفدت، وفق إيناكي فرنانديز، رئيس شركة “لتس غو” المنظمة للحدث.

وتعزو جولي إسكورينيان هذا النجاح إلى الشهية المتزايدة لدى الجمهور على عيش تجارب مبتكرة. وتشير إلى أن هؤلاء المعجبين بالأفلام والمسلسلات “ليسوا مستهلكين عاديين. هم لا يكتفون بمشاهدة مسلسل أو فيلم، بل يحبون الذهاب أبعد وعيش تجارب مرتبطة بهذا العالم”.

ويعي المنتجون أنهم يستفيدون من ظواهر موجودة مع “روابط قائمة أصلا” مع الجمهور.

ويقول توم زالر “لم نكن لنبيع هذا الكمّ من التذاكر لو نظمنا معرضا عن السحرة بالإجمال. ثمة رابط حقيقي لدى الناس مع هاري بوتر”.

سبب آخر لهذا النجاح يتمثل في ندرة الأماكن المخصصة لهذه العوالم ولمحبيها. وتقول جولي إسكورينيان إن “إقامة معرض في باريس تتيح لفرنسي لا يملك الموارد للذهاب إلى لندن أو أورلاندو (لزيارة المراكز الترفيهية أو أستوديوهات التصوير) لولوج هذا العالم”.

وإثر دعوته إلى معرض مخصص لفنه، عمد تيم بورتون “على الفور إلى طرح مجموعاته الخاصة” وأوكل “أكثر من 180 عملا أصليا مع شخصيات غير موجودة بعد”، وفق ساندرين ماريل، مديرة التطوير لدى شركة “كارامبا كولتور لايف”، المنتجة التنفيذية لـ”متاهة” تيم بورتون في فرنسا.

وترى ماريل أن الجانب “العابر للأجيال” مركزي أيضا، إذ إن الرواد الأصغر سنا “يغوصون في العالم المرجعي، فيلما بفيلم” بفضل ديكورات عدة ومؤثرات صوتية وبصرية، فيما البالغون يجدون على الجدران “عالما كلاسيكيا أكثر مع رسوم أصلية وتدوينات لتيم بورتون”.

لكن مع أسعار تذاكر تراوح عموما بين 20 و25 يورو، ما يفوق أسعار الدخول إلى المتاحف التقليدية، فإن الجمهور “يقف بالمرصاد لنا لأن هذه العوالم معروفة” و”تحظى بتقدير وإعجاب”، وفق ساندرين ماريل.

وهنا تكمن أهمية “وضع إطار يضخ الحياة بالقطعة أبعد من مجرد عرضها كما لو أنها في متحف”، بحسب توم زالر.

ومن شأن ذلك استقطاب الزائرين من دون إفراغ المعارض التقليدية. ويقول إيناكي فرنانديز إن “الجدل بين الثقافة الرفيعة وتلك الوضيعة بات من الماضي”، إذ إن “نوعا لا يلغي الآخر، بل قد يكونان متكاملين”.

العرب

مقالات ذات صلة