برناديت حديب لموقعنا: ما من دور كبير ودور صغير.. بل ممثل كبير وآخر صغير
برناديت حديب لموقعنا: ما من دور كبير ودور صغير.. بل ممثل كبير وآخر صغير
“المدام” وصلت أصداؤها إلى مصر والعراق والمغرب العربي
نادين نسيب نجيم وقصي خولي نجمان “ترند”
شركات الإنتاج تكتب النصوص تفصيلاً على مقاس أسماء معينة
أعد الجمهور بمفاجأة مسرحية تليق به قريباً جداً
هي رقم صعب.. إسم يكفي ذكره حتى تُرفع القبعات.. من خشبة “روجيه عساف” إلى شاشة “أسد فولادكار” و”بهيج حجيج” إلى الوقوف “ندّاً للند” أمام القدير دريد لحام..
صمتت طويلاً و”لما حكيت مريم”.. ردّت “المدام” وقالت: “راحوا”.. ولكن “وأخيراً” عادت ابتسامتها السمراء لتزيّن الشاشة الرمضانية.. بأداء شكّل علامة فارقة في الموسم الدرامي..
هي نجمة ملعبها خشبة المسرح.. تتلمذت على أيدي الكبار والمخضرمين.. ومن عشقها للمسرح ارتبطت بالمخرج المسرحي عصام بو خالد، فكانت الستارة شاهدة على حبّها.. وتصفيق الجمهور ردَّ “نعم” أمام الله إلى أبد الآبدين.. على روعة أدائهما ولو في الكواليس..
إنها برناديت حديب.. النجمة القديرة المخضرمة… وفخامة الإسم عند ذكرها تكفي..
في “دردشة هاتفية” حاورنا برناديت، وبحثنا في العودة بدور مساعد، ورأيها في نجاح أو فشل مسلسل “وأخيرا”.. لتكشف لنا عن “سكوب” عودتها إلى الجمهور قريباً.. وإليكم الحوار:
*نجمة بمستوى برناديت حديب، من “صانع المطر” على المسرح، إلى “لما حكيت مريم” و”شتي يا دني” في السينما.. إلى “راحوا” ثم “وأخيراً” على الشاشة الصغيرة، ما أسباب الإطلالات الجديدة بأدوار درجة ثانية، بينما “بنت مبارح” تلعب دور البطولة في مسلسل؟!
ما من مساحة دور كبير أو دور صغير، بل هناك طبعاً ممثل قدير وكبير، وآخر صغير ومبتدئ، والممثل الحقيقي مهما كانت الشخصية التي يؤديها، إنْ كانت تعبّر عن قناعات يؤمن بها، فحتماً سيؤديها بشكل مميّز، وبأسلوب فيه الكثير من المصداقية، بل وتصل إلى المتلقي ببساطة مهما كانت الشخصية مركّبة وصعبة على الممثل، حتى تترك بصمة لدى الجمهور.
أما على الصعيد الشخصي، فقناعتي أن البطولة المطلقة ليس أمراً أساسياً، كي أوافق على أداء الشخصية المعروضة عليَّ، فمثلاً دوري في مسلسل “راحوا” كان “لاجئة عراقية”، وشكل تحدياً كبيراً، لأنه يستعرض وجع فئة من الناس، وهم اللاجئون، ولاسيما وجع المرأة والأم بشكل خاص، وبالتالي سعيتُ من خلال هذه الشخصية إلى إظهار ما يعنيني شخصياً، من معاناة للمرأة العربية في ظل الأوضاع التي يمر بها العديد من الدول العربية.
فيما دوري في مسلسل “وأخيراً”، والذي هو أيضاً ليس دور بطولة، بل دور مساند، لكن التحدي كان بتقديم شخصية المجرمة أو عضو العصابة وحتى القوادة، بما يعاكس الصورة النمطية عن هذه الشريحة من النساء، التي تكون عادة شبه عارية، بل من الممكن أن تكون أنيقة وراقية ومحتشمة، لكنها مجرمة وقوّادة في آنٍ معاً، وبذلك أكون قد وضعتُ حدّاً لفكرة أن كل محتشم طاهر ونقي، بل من الممكن عند الاحتكاك به أن تظهر كمية الشر والغضب والقسوة التي يخبئها.
*كيف تقيّمين تجربة مسلسل “وأخيراً” على الصعيدين الشخصي، والعمل ككل، وهل نجح وفقاً للمعايير الفنية، أم أنّه مجرد “ترند” جمع نادين تجيم وقصي خولي؟
بالمطلق لا يحق لي تقييم المسلسل، ليس لأنّني مشاركة فيه، لكن أصلاً لم أتابعه حتى أسمح لنفسي بالتقييم، لكن وفقاً لما تردد على مسمعي من المحيطين أو أصداء الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص لا أعرفهم شخصياً، مثلاُ المغرب العربي عموماً، ليبيا، تونس، الجزائر، العراق، وحتى من مصر، فإنّ الجمهور كان سعيداً ومتعلقاً بالعمل، حتى أنهم أسفوا أنّه اقتصر على 15 حلقة فقط، ورغبوا لو كان على مدار الشهر.
طبعا نادين نسيب نجيم وقصي خولي نجمان “ترند”، ويمتلكان قاعدة جماهيرية ضخمة، لكن أنا في هذا المسلسل أطل على الجمهور بعد غياب، فكانت أصداؤهم لدور “المدام” أكثر من إيجابية وأفرحتني كثيراً، خاصة عندما تلقيت على جوالي رسائل نصية مازحة أعرب فيها كثيرون على كرههم لي، أو امتعضوا من كمية الشر التي أمتلكها، من هنا أظن بأنني نجحت في تقديم الشخصية، حتى صدّق الناس وحشيتها ووحشية أدائها، وأسقطوا غضبهم على برناديت الإنسانة على اعتبارهم أنها والمدان متماهيتان، وظنوا بأنني كبرناديت إنسانة شريرة.
لكن طبعاً الكمال لله وحده، وقد يكون هذا العمل وحتى أدائي شخصياً لا يتناسب مع بعض الأذواق، وبما أنه من المستحيل إرضاء كل الأذواق، أؤكد أنني راضية عن دوري في مسلسل “وأخيراً”، كما راضية جداً عن أصداء الجمهور تجاه دور “المدام” في هذا العمل.
*ما رأي برناديت بتقديم شركات الإنتاج الأبرز على الساحة اللبنانية والعربية لاسيما “الصباح إخوان” و”إيغل فيلمز” لنفس الوجوه ونفس الأسماء، في وقت هناك نجوم كبار مثل رولا حمادة، جوليا قصار، يوسف الخال، يورغو شلهوب، وسواهم يجري التعتيم عليهم؟!
سؤال يتكرّر على مسمعي، لكن معظم الصحافيين والإعلاميين يعرفون جيداً أن شركات الإنتاج تمتلك مجموعاتها الخاصة من الممثلين والمخرجين وطاقم العمل، الذين تتعاون معهم بشكل دائم، وبالتالي أسماء مخضرمة وكبيرة مثل التي ذُكِرَتْ في السؤال، يكون من الصعوبة بمكان حصولها على فرص في أعمال هذه الشركات.
لكن في الختام لا يصح إلا الصحيح، وعلى سبيل المثال “شركة الصبّاح إخوان” تاريخ عريق في سوق الدراما، وهذا أوّل تعامل بيننا بهذا الشكل الكبير والجميل، وعلى ما أظن فقد بدأوا بإعادة النظر وتقدير أن هناك نجوماً أكفّاء و”عندهم القدرة وعليهم القيمة” دون أعمال تليق بهم، ليكونوا علامات فارقة في هذه الأعمال الدرامية، وبالفعل بدأوا بالاستعانة بالفنانين والمسرحيين ذوي الباع الطويل في دنيا التمثيل المسرحي، التلفزيوني أو السينمائي، ليكون هناك توازن بنوعية العمل وقيمته.
ولكن لا بد من الإشارة إلى أنه حالياً تُكتب المسلسلات على مقاس هذه الفنانة أو تلك، بناء على طلب شركات الإنتاج، التي تُدير ورشات كتابة بما يتناسب مع أسماء الأبطال، لذلك نحن الممثلات “اللواتي لسنا ضمن فِرَق عمل هذه الشركات” لا حظوظ لدينا لتقديم أدوار البطولة، لأن ما يُكتب ليس نصاً عاماً للممثلة التي تجيد تقديم هذه الشخصية، أو أداء هذا الدور بطريقة تليق بالعمل، بل يُكتب تفصيلاً على إسم معين لممثلة معينة.
*إلى أي درجة يُسمح للفنان بالتدخل في تفاصيل الشخصية التي يؤديها، وهل توافق شركات الإنتاج على هذه التدخلات أم تمنعها أساساً؟
يعود الأمر إلى شخصية الممثل، فهناك ممثلون سلبيون لا يتدخلون في أي تفصيل، ولو كان صغيراً جداً، بل يحفظون النص ويتركون أنفسهم للمخرج الذي يدير المشهد، أما أنا فلا أستطيع ذلك، بحيث أتدخل بالكثير من التفاصيل حتى الشكل والملابس، فمثلاً أنا اقترحت الشكل الخارجي لـ”المدام”، وأنْ تكون إطلالتها محتشمة، لأمنحها بُعداً آخر عن الابتذال الذي نراه في أعمالنا لهذا النوع من الشخصيات، فارتأيتُ منحها هذا العمق أو الغموض، كأن لا نعرف أي شيء عن حياتها أو داخل منزلها، وخلفيتها، وعلى قدر استطاعتي لأسعى لأفرض رؤيتي على الإنتاج لتظهر الشخصية على الشاشة كما أراها.
*الجمهور اشتاق للسمراء ذات المعايير الجمالية والأداء القدير والراقي.. هل من جديد سيُفرح الجمهور بوجود برناديت قريباً على الشاشة، أم سنضطر للانتظار طويلاً مرة أخرى؟!
طبعاً أنا اشتقتُ كثيراً للجمهور بعد غياب، خاصة أنّ مَنْ ألتقيهم في الحياة اليومية يعبّرون عن شوقهم لعودتي إلى الشاشة، لذلك قرّرتُ العودة إليهم، وكان دوري في “وأخيراً”، لكن حالياً ما من أعمال تتحضّر في القريب، إلا أنّني سبق وقدمتُ شخصية محورية كضيفة شرف، في مسلسل بعنوان “الغريب”، من بطولة النجمين بسام كوسا وفرح بسيسو، إخراج صوفي بطرس، وإنتاج “الصباح إخوان” أيضاً، ويُعرض بعد رمضان على منصة “شاهد”.
أما مسرحياً، وحيث إن الخشبة هي الركن الذي أعز وأجل، وأعتبرها ملعبي الأساسي، فنحن حالياً “عم “نتكتك” على نص مسرحي متميّز” مع المخرج عصام بو خالد، كي أعود إلى جمهوري المسرحي كما عوّدته، بعمل يليق به، إن شاء الله مطلع كانون الثاني 2024.
خاص Checklebanon
إعداد: مصطفى شريف / حوار: إيمان أبو نكد