المملكة «شيخ الدول العربية»: تكسب بالسلم ما خسرته بالحرب!

منذ شهر تقريباً، لم تكن المملكة العربية السعودية لتُجيب لدى سؤالها عن الشخصية التي تفضّل وصولها الى قصر بعبدا، لم تكن لتعطي إجابات واضحة أو تلميحات حول موقفها من هذا المرشح أو ذاك، فما تريده المملكة لا يتعلق بإسم المرشح في لبنان، واتفاقها مع ايران لا يستهدف لبنان اولاً، لكنه حتماً استهدف كسب السعودية في اكثر من مكان، من اليمن وصولا الى سوريا ولبنان.

خاضت المملكة العربية السعودية حروباً عسكرية وسياسية، مباشرة وبالواسطة، في سوريا، لبنان، العراق واليمن، وكانت المواجهة قاسية بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فكانت النتيجة سلبية عليها وعلى ايران، فكلفتها الحرب مادياً ومعنوياً في اليمن، واستنزفتها بشكل كبير، كذلك في العراق خسرت الكثير من المشاريع الاقتصادية، وفي سوريا بقي نظام الرئيس السوري بشار الأسد صامداً رغم كل الحروب عليه، وفي لبنان خرجت المملكة منذ العام 2016 بشكل كامل من بيروت.

اكتشف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يُفترض أن يكون ملكاً استثنائياً، شاباً طموحاً، متحرراً من كل عادات من سبقه، أن رؤيته للمملكة ودورها خلال السنوات القادمة تواجه صعوبات كبيرة بسبب واقع الحروب في المنطقة، فقرر اللجوء الى السلم والانفتاح شرقاً، وها هو اليوم يحقق عبر السلم كل ما عجز عن تحقيقه وقت الحرب، وبطريقة سلسة للغاية.

سنوات من الحرب في اليمن لم تؤد الى نتيجة، بينما طريق المفاوضات مع الحوثيين، وبعد الاتفاق مع طهران، وضع الحل السياسي في اليمن على سكة التنفيذ على 3 مراحل، بدأت المرحلة الأولى منها وتستمر حتى نهاية العام، حيث لن يعود للمدافع وجود.

وفي سوريا، بعد حرب طويلة بدأت العام 2011 على النظام السوري، زار وزير الخارجية السعودية دمشق، وسيكون للرئيس الأسد زيارة الى المملكة بعد عيد الفطر، بحسب المعلومات، وتدفع السعودية باتجاه عودة سوريا الى الجامعة العربية، مقابل شروط تتعلق بضبط الحدود لمنع خروج المخدرات، واقتراب سوريا من العرب ما يعني ابتعادها بعض الشيء عن الحضن الإيراني، وهو أمر طبيعي جداً كون سوريا لم تجلس بالحضن الإيراني سوى بعد تخلي العرب عنها.

بحسب المعلومات المتوفرة في سوريا، علمت المملكة أن عليها التأقلم مع واقع ترؤس الأسد للدولة، ولكن ستدخل السعودية بقوة في ملف إعادة الإعمار حيث سيكون لها حصة كبيرة من العمل، كذلك دورها الكبير في إعادة النازحين.

أما في لبنان، فقد تحدثنا سابقاً عما تريده المملكة وهو يتعلق بأكمله بحزب الله ودوره، وطالما أن الإتفاق مع ايران يسير على ما يُرام، وطالما أن الحرب اليمنية انتهت، وطالما أن العلاقات مع سوريا عادت الى طبيعتها، فما الذي يمنع السعوديين من الحوار بشكل مباشر مع حزب الله في لبنان وإيجاد أرضية مشتركة للعلاقات، وهذا ما سيحصل مباشرة أو بشكل غير مباشر.

منذ فترة تبوأت المملكة قمة الدول الخليجية، ونجحت بأن تكون «شيخ الدول العربية»، وحققت مركزاً متقدماً بالعالم الإسلامي، متقدمة مؤخراً على تركيا، وبالتالي هي كسبت من خلال السلم والحوار والتفاوض ما خسرته بالحروب.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة