«العربجي»: بيئة شامية «نيولوك»
برغم إصرار صنّاع العمل على أنّ أحداث المسلسل «من وحي الخيال، لم تحدث في أي زمان ومكان، ولكنها قد تحدث في كل زمان ومكان» لم تخرج حكاية «العربجي» عن مألوف مسلسلات البيئة الشامية بقصصها المتعلّقة بالشرف، والثأر، و«كيد النساء»، ولم يقدم المسلسل شخصيات مختلفة عن تلك التي عهدتها أعمال من هذا النوع: شخصيات بسيطة أقرب للكرتونية، شرّ مطلق يواجه خيراً مطلقاً.
حكاية العمل تدور حول صراع بين «دريّة خانم» (نادين خوري)، وشقيق زوجها «أبو حمزة» (سلوم حداد)، حيث يحاول الأخير الاستيلاء على أملاك وسلطة شقيقه بعد وفاته، تارة عن طريق تزوير مستندات بيع، وطوراً بالمكائد والحيل. أمر يدفع «دريّة خانم» إلى الاستعانة بـ «عبدو العربجي» (باسم ياخور)، الذي يعمل عتّالاً ينقل البضائع على عربة تجرّها دابّة، وقد كان في ما سبق أحد قطّاع الطرق قبل أن يتوب عن ذلك. يوضع «العربجي» في صراع مباشر مع «أبي حمزة» الذي يلفّق تهماً عديدة لكسر شوكته، من بينها قتل زوجته والادعاء بأنها هربت، واتهام ابنته بأنها ليست بكراً بالتعاون مع الداية (ديمة قندلفت) التي تحاول الثأر لوالدها الذي تتهم «عبدو» بالتسبّب في سجنه.
المسلسل الذي ألّفه عثمان جحى ومؤيد النابلسي، الذي أبصر النور أخيراً بعد أعوام من تأجيله، نتيجة اعتذار مخرجين عن عدم تنفيذه (عامر فهد، وناجي طعمة)، قبل أن يتولى إخراجه سيف السبيعي، جاء مليئاً بالمواجهات بين أطراف الصراع الرئيسي، والصراعات الجانبية الموازية، ما أضفى عليه عنصر تشويق نسبي، تشوبه الكثير من علامات الاستفهام حول طريقة تكوين هذه الصراعات، بالإضافة إلى الحوار الركيك الذي لا يمكن تجاوزه، خصوصاً الحوارات التي تدور بين الشخصيات الرئيسية في لحظات المواجهة، وما أكثرها!
سيناريو العمل، وركاكة حواره، يُعيدان إلى الأذهان تصريحات سابقة لعامر فهد، ذكر خلالها أنّ سبب اعتذاره عن عدم المشاركة في المسلسل قبل نحو عامين، يعود إلى أنّ «النص يحتاج إلى إعادة بناء من جديد»، موضحاً أنّه «يجب أن يكون مسبوكاً بشكل أفضل، وأن يحمل تكنيكاً جديداً، حتى لا يتشابه مع باقي أعمال البيئة الشامية، كما أن جميع خطوط الشخصيات في الحكاية تُشبه بعضها إلى حدّ كبير». نقطة لا يمكن الحكم عليها بشكل نهائي قبل انتهاء عرض حلقات المسلسل، كما لا يمكن المقارنة بين النص الذي كان يفترض إنتاجه قبل عامين، والنص الذي أُنتج هذا العام، غير أن ما تم عرضه حتى الآن يطرح تساؤلات عديدة حول بعض خطوط العمل وشخصياته، بينها على سبيل المثال «الدراويش» الذين تم إقحامهم في العمل بشكل لم يتم تبريره بما يكفي، وشيخهم «كرمو» (يؤدي الشخصية عبد الرحمن قويدر) الذي يملك معارف غيبية تمكّنه من التدخل في لحظات حاسمة، بينها منع «عبدو» من قتل ابنته بداعي الشرف، الأمر الذي انتهى بتقبيله حذاء «أبو حمزة» طلباً لسترة ابنته!
كذلك، يثير العمل الذي أنتجته «غولدن لاين» الكثير من علامات الاستفهام حول ديكوراته التي تتنقل بين منازل شامية قديمة، وأخرى غير مألوفة في هذا النوع من الأعمال، وخانات وحارات مألوفة، وأخرى بلا هوية، تشبه في بعض جوانبها عوالم مسلسل «كان ياما كان» (سلسلة للأطفال من أربعة أجزاء، أُنتج جزؤها الأول عام 1992 وكان من إخراج بسام الملا عرّاب مسلسل «باب الحارة» الشهير) بالإضافة إلى الملابس التي شكّلت خليطاً غريباً، بين أزياء نمطية وأخرى غريبة، زادت الموسيقى التصويرية لرعد خلف من غرابتها بما احتوته من خليط غريب بين القربة الإسكتلندية والإيقاع والناي.
على صعيد الممثلين، قدّم نجوم العمل أداء لافتاً بدءاً من باسم ياخور وسلوم حداد ونادين، وصولاً إلى ديمة قندلفت وفارس ياغي وحلا رجب. عنصر أسهم بشكل كبير في جماهيرية العمل، الذي لقي رواجاً كبيراً، وحققت حلقاته التي تقوم شركة الإنتاج بعرضها عبر قناتها على يوتيوب بعد يوم من عرضها على القنوات التلفزيونية مشاهدات عالية. إذ حققت الحلقة الأولى أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، حتى الآن، وفاق عدد مشاهدات الحلقات اللاحقة 1.5 مليون مشاهدة لكل حلقة.
الاخبار