خاص: رمضان اللبنانيين “بما تيسّر”.. إفطار عالشمعة وسفرة خاوية وزينة بلا كهرباء !

“هل هلالك شهر مبارك”، ها هم اللبنانيون يستقبلون شهر رمضان المبارك، رافعين شعار “بما تيسر”، فالغلاء سيطر على كل شيء، وأسعار ما يقتات به المواطن فاقت حدود المعقول، فكيف بمكن يفكر بزينة ترحيب بشهر الخير، سواء منزلياً، أو تلك التي رفعتها المؤسّسات الخيرية في الطرقات، في ظل غياب الدولة الكامل عن دورها في كل ما تعلق بحياة المواطنين، فهل ستتطلع إلى زينة شهر فضيل؟!

يحل الشهر الفصيل وقد فكت المصارف إضرابها فجأة – والله يستر – أما الدولار فقفز إلى 145 ألفاً، ثم “بليلة ما فيها ضو قمر” هبط إلى 109 آلاف، أما الأزمة فعلى حالها، واللبنانيون يستعصون على الموت لأنه بدوره أصبح مكلفاً، فإلى أين الملتجأ؟!

جولة على أحوال الناس
موقع Checklebanon وعشية الشهر الفضيل جال على أسواق العاصمة، مستطلعاً أجواء الزينة من جهة، والحرب الضروس بين المعروض من المنتجات وانعدام قدرة المواطن على الشراء من جهة أخرى، فالتقينا الأهالي وبعضاً من التجار وعدنا بالتالي:

لا حول ولا قوة
التقينا في محلة الملا (ببيروت)، “أبو يوسف عثمان” صاحب محل “أبو يوسف” للعصائر والفاكهة، الحلويات والتمور، فأخبرنا بأن رمضان هذا العام يحل والناس “لا حول لها ولا قوة”، مؤكداً أنّ البضاعة “اشتريناها وعرضناها، وكلنا أمل أن نتمكن من بيعها، لكن حتى تاريخه، ورغم بداية الشهر الفضيل، المبيع قليل جداً مقارنة بالسنوات الماضية”.

وقارن “أبو يوسف” بين أسعار رمضان 2022 حين كان الدولار يعادل 30 ألف ليرة وبين رمضان 2023 حيث الدولار يتراقص بين 109 و140 ألف ليرة، متأسفاُ على أحوال العباد.

بانتظار الرواتب
*وللحلويات الرمضانية وأسعارها وجع آخر، حيث أصبحت إما بالدولار أو بأرقام مليونية، أو الحل الأنسب تراجع النوعية مقابل الكمية، وعن ذلك كان لنا لقاء مع الشاب عثمان المكاري، صاحب محل المكاري للحلويات، وهو أحد أقدم محال الحلويات البيروتية الشهيرة، في محلة “سوق بربور التجاري” في بيروت أيضاً.

وفيما سألناه عن المبيع، أشار إلى المحل، وإذ به فارغ تماماً، مؤكداً أن الأمل بوصول نهاية الشهر وقبض الرواتب، لأن الشهر الفضيل يحل في الربع الأخير من آذار، بما يعنيه ذلك من تبخر للرواتب منذ ما قبل منتصف الشهر.

وعن الأسعار، والجودة والنوعية، أبلغنا المكاري بأنّ الأسعار حتى تاريخه لم “يدولرها” كما فعل سواه، إلا أنها بصراحة ارتفعت بمعدل كبير جداً، وأصبحت من 6 أصفار، فأرخص كيلو حلويات، لا يقل ثمنه عن الـ900 ألف ليرة، بينما كان العام الماضي بحدود الـ300 ألف ليرة، وهو ما قد يدفع إلى أن التقليل من النوعية المستخدمة كي يتمكن الناس من الشراء.

لم نبع شيئاً
*وللزينة عنوان، رمضان شهر الخير والنور، لكنها إما غابت، أو تم الاكتفاء بما تيسر من زينة العام الماضي، حيث انتقلنا إلى محلة الزيدانية (أيضاً سوق تجارية)، وزرنا “مكتبة منيمنة” لمالكها محمود منيمنة، والتي قارب عمرها الـ80 عاماً، وورثها أباً عن جد، فبادرنا قائلاً لم نبع شيئاً من الزينة “الله وكيل”.

وأوضح أنه اضطر إلى دولرة الأسعار، لأن البضاعة بمجملها صينية، ورغم أنه لم يشتر شيئاً جديداً، بل جميعها بضاعة العام الماضي، الذي ظنّه سيكون الأسوأ، لكن للأسف يحل موسم 2023 الرمضاني والأوضاع صعبة جداً، لأن الناس يفضلون الطعام على الزينة.

زينة بلا كهرباء
أما العابر في شوارع بيروت، وكما كل عام يرى أن “مؤسسات الرعاية – دار الأيتام الإسلامية” قد أطلقت العنان لزينتها في الشوارع، لكن غابت عن هذه الزينة الأضواء، فمن أين الكهرباء لإنارتها؟، لذلك تم الاكتفاء برفع المجسمات التي تم استخدامها العام الماضي، دون أن يتم توصيل الطاقة إليها، مصحوبة ببعض اللوحات، التي تعبر عن الترحيب باستقبال الشهر الفضيل.

مبادرات مجتمعية
وفي حين تغيب الدولة اللبنانية عن القيام بدورها، فإنّ عددا من الجميعات الإسلامية، وتحسساً مع المواطنين، بادرت إلى تنظيم أنشطة ترفيهية للأطفال، أو نشاطات اقتصادية دعماً لأصحاب المشاريع الصغرى.

فقد أقدمت جميعتا “فانوسي” و”بيروتتنا” بالتعاون والتنسيق مع جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية العريقة، إلى تنظيم احتفالية على مدى عدة أيام في وسط بيروت التجاري، ضمن ما يُعرف بـ”أسواق بيروت”، تضمنت نشاطات ترفيهية للأطفال وسوقاً تجارية بسيطة ليتمكن الناس من الشراء ولو برأس المال، فكانت الأسعار – حسب جولتنا – مرتفعة، لكنها بقيت ضمن إطار المقبول، أقله لذوي الدخل المحدود.

فرحة الأطفال بالزينة
ومن الأسواق والتجار والباعة، إلى أهل بيروت وعلى سبيل المثال، التقينا بعضاً من الأهل والأصدقاء، فأكدت السيدة رشا شريف علاء الدين أن استقبال شهر الخير لا بد وأن يكون على أتم وجه ولو بالمتيسر، فالأطفال لا يعرفون معنى غلاء أو ضيق حال، بل يبتهلون بحلول رمضان الذي ينتظرون موسمه من عام لآخر من أجل زينة وأضواء وألوان تغمر المنزل.

ولفتت إلى أنه استدراكاً للأوضاع، وبما أن زينة العام الماضي ما زالت على ما يُرام، خصوصاً أن أسعار الزينة هذا العام تكاد أن تبلغ قيمتها رواتب زوجها بأكمله، فآثرت استعادة زينة العام الماضي مع بعض الترميم والتعديلات التي أعادتها وكأنها حديثة، مع تبديلات بسيطة في موقع هذه الصورة أو تلك الأضواء، وأصبح الوضع مختلفاُ عن العام الماضي، ولله الحمد.

أشتري كل جديد
صديقة من آل التيماني، والتي تعتبر من ميسوري الحال، أكدت أنها ولله الحمد قادرة على شراء كل جديد تظن بأن منزلها بحاجة إليه من أجل زينة رمضان لهذا العام، وبالفعل اشترت وبالدولار، رغم أنها لم تبلغنا بالأسعار، إلا أنها قالت “غالية كتير”، ورغم ذلك اشترتها لأن أولادها يفرحون بالجديد، وفي حال زارهم أصدقاؤهم خلال الشهر المبارك سيجدون أن الزينة حديثة وتختلف عن العام الماضي.

ولا يسعنا ختاماً مع حلول الشهر الفضيل إلا أن نقول: “كل عام وأنتم بخير وعساكم من عوّاده”…

اعداد: مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة