هل تمون كارول سماحة على الشاعر محمود درويش ؟
أمّا وقد صدرَ بيان من «مؤسسة محمود درويش» يعترض ويرفض ما قامت به المغنية كارول سماحة وشركة إنتاجها الغنائي، إذ سمحت لنفسِها بتسجيل أغنية عن الشاعر الفلسطيني الأكبر، وهي عبارة عن تجميع جُمَل إنشائية عن «مواقع التواصل الإجتماعي» منسوبة اليه تتخلّلها جُملة واحدة لهُ جديّاً فقط من قصيدة طويلة… فإنّ الأمر يستدعي التوقّف فوراً عن بث الأغنية وعن عرض الكليب، والتوجّه مباشرة الى «المؤسسة» المكلّفة رسمياً وعائلياً لحل الموضوع الذي قد لا يُحَل إلّا بصرف النظر عن الأغنية نهائياً، لأنها ليست للشاعر أصلاً ولا فصلاً، أو بسحب إسم الشاعر عنها.
مشكلة يمكن أن تكون مقدّمة سيئة لكارول وشركة الإنتاج إذا أخذنا بعين الاعتبار الإعلان الذي رافقَ الأغنية، وهو أنّ «ستنتهي الحرب» هي واحدة من أصل تسع قصائد مغنّاة سجلتها المغنية وتود إطلاقها قريباً، ما يعني أن آلاف الدولارات صُرفَت على إنتاجٍ غير مهتمّ بحقوق الملكية الفكرية لشاعر عربي صاحب صيتٍ إبداعي جميل، في انتهاكٍ قد يكون الأكبر على صعيد الإنتاج الغنائي اليوم !
تعرف كارول أنّ أي أغنية تذهب بها الى التسجيل ينبغي أن تكون مُرفقة بتنازل من الشاعر على تسجيلها، كائناً مَن كان الشاعر مبتدئاً أو مكرّساً، فكيف الحال بهذه المشكلة المعقدة من نواحٍ عدّة ؟
ولعلّ أوخَم التعقيدات الآتية أنّه إذا كانت القصائدُ التسع المُتبقية «مشغولاً» بها أو «مضافاً» إليها عن مواقع التواصل، فإنّ كارول وشركتها أمام اعتراض ورفضٍ جديدين لبقية القصائد – الأغاني… ذلك أن المعنيين لن يرضخوا لأي تلاعب أو تطفُّل على النصوص الدرويشية المنشورة في كتبه، وتالياً فإلغاء الإنتاج كلّه أمرٌ مَبتوت… أما إذا كانت القصائد التسع مأخوذة كما هي أصلاً، ولا إضافات عليها فالحل يكون بتسوية مع «مؤسسة محمود درويش» تُعطى فيها الحقوق المادية للمؤسسة التي، من ضمن مهامها، الإعتناء بكل نتاج الشاعر وتسويقه والحفاظ عليه، ورعاية بعض المشاريع الثقافية التي تراها مناسبة على اسمه.
فهل كانت كارول سماحة تقدّر أنّ شيئاً من هذه الأزمة سينشأ، أو انها اعتبرَت أن مدى الإعتراض إذا حصل لن يأتي بهذا الحجم فتصرّفت بمُلك الشاعر درويش تصَرّف مَن يمون أو يستطيع أن يمرر الأمور «كأخطاء تقنية» وغير ذلك ؟
ينبغي أن يتحوّل هذا الموقف إلى قاعدة أصيلة، يُبنى عليها في المستقبل، بأنّ نتاج الشعراء الراحلين أو المعاصرين ليس كرماً على درب أحد!
فمنذ سنوات، وقبل رحيله وبعده، كانت قصائد الشاعر نزار قباني محط اهتمام النجم كاظم الساهر، لكنّ الساهر كان دائماً يحرص على نَيل «التنازل» من ورثته، وهو لا يزال الى الآن يتبع الطريقة نفسَها في التعامل مع الورثة، ولم تحدث أي بلبلة باستثناء مرة واحدة كانت عابرة!
إنّ الحق المادي لأيّ نجم غنائي جرّاء أي حفل أو فعالية أو نشاط، مقدّسٌ عنده، وهناك نجوم لا يصعدون الى المسرح قبل أن يصبح حقهم في جيوبهم، فبأيّ مسوّغ يمكنهم أن يتهاونوا في حقوق الشعراء المادية وهي أيضاً حقوق معنوية في آن واحد ؟
وكيف يتجرّأ نجم أو منتِج غنائي على تَجاهل شاعر بقامة محمود درويش ليأخذ من إبداعه «ويعمل حاله مش شايف»؟.
عبد الغني طليس- الجمهورية