جورج خباز موسيقياً في “مهرجانات البستان”
أثبت جورج خباز الكوميدي والممثل الناجح أنه يستطيع أن يكون مؤلفاً موسيقياً على القدر نفسه من البراعة التي جعلت اسمه متداولاً في الاعمال المسرحية والسينمائية على حد سواء. على امتداد ساعة ونصف سحر الفنان، المحبوب بشدّة من جماهير واسعة لأعماله المسرحية واطلالاته التلفزيونية، ليومين متتاليين جمهور «مهرجان البستان الدولي للموسيقي» الذي اتخذ «إيقاعات السلام» شعاراً له هذا العام.
بالفعل انهما أمسيتان راقيتان اختار خلالهما خباز الإطلالة على الجمهور قبل كلّ عرض موسيقي لشرح حيثيات أغنيات كتبها ومقاطع موسيقية ألّف بعضها أخيراً والبعض الآخر اقتبسه من أرشيف أعماله السابقة كموسيقى تصويرية لفيلمه «غدي» أو آخر أعماله «براندو الشرق» على منصة «شاهد».
تميّزت الامسيتان بأداء يستحق الثناء مع فرقة موسيقية مؤلفة من عشرين فرداً، تألق فيها عازف البيانو والموزّع لوكاس صقر وعازفا الكمان ماريو راعي، وناجي عازار وايفا حدشيتي على «الفيولا»، وساري خليفة على «التشيلو» ومكرم أبو الحسن على «الكونترباس» وزاد خليفة واسعد البستاني على الايقاع ونديم روحانا على «الاكورديون» ورامي عقيل على القانون. وأدت الاغنيات المطربة ذات الصوت الدافئ لينا فرح مع كورس «الفيلوكاليا» للأخت مارانا.
ولعل أكثر ما تميزت به الامسيتان هو براعة الانتقال من روعة الكلمة إلى جمال اللحن بانسيابية مطلقة، ما ابعد الرتابة عنهما فدخل الحضور في حالة انخطاف مع لبنان الزمن الجميل، لبنان عاصي ومنصور وسعيد عقل وصلاح وفيروز ونصري شمس الدين ووديع الصافي وصباح فجاءت الأمسيتان كما أرادهما خباز على صورة هؤلاء العمالقة.
وأمتعت الفرقة الموسيقية الحضور بادائها الدلعونـــا على ايقاع كلاسيكي.
ترجم خباز حبه للبنان بجمل موسيقية وكلمات شعر كتبها منذ الطفولة، مروراً بالمراهقة وعمر الشباب وصولاً الى سنوات النضج، فشارك الجمهور مشاعره نثراً ولحناً متناولاً شجون الوطن وهمومه، من قضية المخطوفين، إلى مآسي الحرب، إلى هموم ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها الكثير الكثير، ولكنه في كل تلك المحطات لم يفقد يوماً الأمل بغد أفضل ولذلك قدم اغنية «جايي الايام» التي ختم بها العرضين فصفق له الجمهور وقوفا مشاركاً في ادائها وكان خباز قد شرع بتأليف هذا العمل قبل أربع سنوات فمرّ بكافة المخاضات التي عصفت بالبلاد فقد وضع كلماتها مع الانهيار الاقتصادي ووزع ألحانها تزامناً مع انفجار مرفأ بيروت، وعلّق على الأمر مخاطباً الجمهور إبان تعريفه بها قائلاً: «هلق عم نغنيها هون قبل ما يصير الدولار بـ 100 ألف، بس جايي الأيام المليحة».
14 أغنية وقطعة موسيقية جسّدت الوطن والإنسان والسلام قدّمها خباز في حفلتيه الموسيقيتين زارعاً الفرح والجمال ومشيّعاً أجواءً من التفاؤل فغادر الحضور المسرح أسعد مما كان بعدما أزاح عن كتفه روتين «الآلام» اليومية وتزوّد كما أكد خباز مراراً خلال الأمسيتين بقليل من «الشعر والوطن والموسيقى والحب ومن الوجع والأمل…».
نداء الوطن