التقارب العربي – السوري: هل يستهدف أيران؟

من المفترض أن يزور الرئيس السوري بشار الأسد عمان في وقت قريب، وهناك شكوك أو معطيات حول نيته زيارة الإمارات العربية المتحدة، التي تُعتبر الدولة العربية الأقرب لسوريا في الوقت الراهن، وهذه الزيارات في حال حصلت ستكون التعبير العملي لكلام وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان عن “إجماع عربي” بخصوص عدم استمرار الوضع السوري على ما هو عليه، وبالتالي فإن هذه التحركات العربية – العربية، قد تكون مقدمة لمسار سياسي جديد في المنطقة. أين لبنان؟

بالطبع بالنسبة الى العرب، وتحديداً المملكة العربية السعودية، فإن الأولويات العربية ليس منها لبنان بالوقت الحالي، فالملف السوري أكثر اهمية، كذلك الملف اليمني، وبنسبة أقل الملف العراقي، لكن لكل هذه الملفات تأثيرات على لبنان، حتى وإن كان البعض يحمّلها أكثر مما تحتمل.

حاول البعض مؤخراً فصل الواقع الداخلي اللبناني عن الواقع الإقليمي والدولي، من خلال القول ان الملف الرئاسي يتطلب حلاً داخلياً، وهو ما لم يحصل في تاريخ لبنان الحديث حيث كان للخارج دوره الدائم في اختيار رؤساء الجمهوريات في لبنان، علماً أن هذا الدور كان في أضعف احواله عند انتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016، وهو ما دفع العهد ثمنه في السياسة غالياً.

حتى الساعة، لا تزال الكثير من الأوساط السياسية تربط بين التسوية الخارجية وإمكان الوصول إلى اتفاق داخلي على مستوى الإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي يبرر التصعيد السياسي الداخلي الذي جاء بعد النتائج التي أفرزها لقاء باريس الخماسي، لا سيما أنه لم يصل إلى أي نتيجة حاسمة يمكن الركون إليها، بل أعاد الكرة إلى ملعب الأفرقاء الداخليين الذين وجدوا بعدم الوضوح الدولي فرصة للتصعيد لا للحوار والتهدئة.

في هذا السياق، ما ينبغي التأكيد عليه بحسب مصادر سياسية بارزة، هو أن مواقف الجهات المحلية يأتي إنعكاساً للإنقسام القائم على المستوى الدولي، بدليل أن كل المشاورات والإتصالات الدولية لم تصل إلى مرحلة طرح الذهاب إلى حوار قادر على إنتاج تسوية، على إعتبار أن هذا الأمر يتطلب فتح حوار مع طهران، التي تعتبر لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف، وهذا ما يقودنا الى التطورات العربية – العربية، التي قد يكون لها بحسب المصادر تأثيرات سلبية على الواقع اللبناني، كون التقارب العربي من سوريا يستهدف إيران بالدرجة الأولى، بحسب آراء بعض الخليجيين، الذين يعتبرون اقتراب دمشق من العواصم العربية يعني ابتعادها بعض الشيء عن طهران التي تتعرض لمحاولة إقصاء على الأرض العراقية، وهو ما لن يكون لصالح الملف الرئاسي في لبنان، بحال تحقق.

وترى المصادر أن هذا الواقع العربي قد يعني اشتداد الأزمة في لبنان، وهو من الأسباب التي دفعت حزب الله الى التصعيد على لسان امينه العام السيد حسن نصر الله، وهو ما قد يدفع الحزب الى التمسك أكثر فأكثر بمرشحه غير المعلن سليمان فرنجية، حتى ولو طال الفراغ أكثر، علماً أن بعض المصادر الخارجية القريبة من لقاء باريس تحدثت عن مهلة زمنية تنتهي في حزيران، سنشهد قبلها انتخابات رئاسية.

في الخلاصة، فإن الوضع الخارجي والداخلي مترابطان، والثاني انعكاس للأول، والأول ضرورة للثاني، فبحسب المصادر لا يمكن للتسوية الخارجية وحدها أن تؤثر على المواقف الداخلية بحال لم تكن التسوية مترافقة مع الحوار والنقاش بين الخارج والداخل، كما أنه لا يمكن للداخل وحده أن يُخرج لبنان من عنق الزجاجة. أما التوافق بين الخارج والداخل فلا يكون من خلال “موافقة” كل الاطراف على التسوية، بل على الأقل ضمان عدم عرقلتها.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة