رعبٌ وظلام داخل قصر العدل..!

تزامنت أولى جلسات الاستجواب التي حدّدها المحقق العدلي، طارق البيطار، مع الهزات الأرضية الناجمة عن الزلزال التركي فجر اليوم، الإثنين 6 شباط 2023، ما اضطر البيطار إلى إرجاء جميع الجلسات إلى وقت لاحق لظروف عدة.

 

رعبٌ وظلام
داخل قصر العدل، ثمّة مواطنون يمشون ويحدّثون أنفسهم. يضيئون هواتفهم المحمولة بسبب الظلام جراء انقطاع التيار الكهربائي صباحاً، قبل أن يُعاد تشغيل المولد الكهربائي لبضع ساعاتٍ. وثمة من يدخل إلى أقلام المحاكم ليتحدث مع المساعدين القضائيين أو أي موظف آخرعن ليلته المرعبة التي قضاها فجراً. داخل المحاكم، على الأدراج، وفي غرف التحقيق حديث واحد يتكرر بين طوابق هذا المبنى، مفاده أن الهزة الأرضية ذكّرت اللبنانيين بتفجير الرابع من آب.

 

“ابتعدوا عن الشبابيك الزجاجية وعن الخزائن والرفوف والمواد القابلة للاشتعال”، نصائح متداولة بين المواطنين والموظفين والمحامين منذ صباح اليوم. ربما، يتوقعون انفجاراً جديداً يقضي على ما تبقى من مدينة بيروت، فهناك من لا يزال مستعداً لتفجير الشارع، وربما هناك من لا يزال مستمتعاً بإشعاله وفقاً للأجندات السياسية، وليس خافياً على أحد رغبة الكثيرين بتعطيل عدالة المرفأ وطي ملف التحقيقات. وهناك من ينتظر الهزات الارتدادية ويتوقع زلزالاً قضائياً مختلفاً سيعلن عنه المحقق العدلي طارق البيطار، من الطابق الرابع في قصر العدل.

 

إرجاء الجلسات
في التاسعة صباحاً، حضر المحقق العدلي إلى مكتبه في قصر العدل، وانضم إليه الكُتّاب المسؤولون عن تدوين إجابات المستدعين إلى التحقيق. اليوم، النائب غازي زعيتر والنائب السابق نهاد المشنوق هما المستدعيان إلى التحقيق. وكما كان متوقعاً، لم يحضرا.

وبعد اجتماع البيطار ومجموعة من المحامين من هيئة الإدعاء، أرجئت جميع جلسات المستدعى عليهم إلى وقت لاحق.

 

هذا وأكد البيطار في حديثه أمام الصحافيين المعتمدين في قصر العدل “أن قراره هذا نابع من حرصه على ملف التحقيقات. فالتحقيق العدلي السليم يجب أن يترافق مع نيابة عامة تمييزية مُتعاونة مع المحقق العدلي، وعدم وجود تعاون بينه والنيابة العامة التمييزية هو أمر غير سليم، ويضر بمصلحة سير التحقيقات. وشدد على ضرورة إيجاد الحلول اللازمة وإجراء التحقيق بشأن الدعاوى المقدمة ضده بجرم اغتصاب السلطة، على أن يُكمل هذا التحقيق في حال ثبت العكس، أو أن تتم محاسبته في حال ثبت هذا الجرم”.

 

ويعتبر القضاة أن مرضاً خبيثاً أصاب العمود الفقري للقضاء، ومن الضروري معالجته قبل أن يتفشّى. من أجل ذلك، يسعى القضاة إلى إيجاد الحلول بغية إنهاء الشرخ الحاصل بين المدعي العام التمييزي غسان عويدات، والمحقق العدلي طارق البيطار. وحسب مصدر قضائي لـ”المدن” فإن رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود، يعمل جاهداً لحل هذه الأزمة ومعالجتها.

 

هذا وقد تضاربت بعض المعلومات حول اتجاه القاضي غسان عويدات إلى إصدار مذكرة توقيف بحق البيطار في حال قرر الأخير إصدار مذكرة توقيف بحق المستدعى عليهم. ما يعني بأن تصادماً ضخماً كان سيحصل بين الأجهزة الأمنية التي ستنفذ قرار عويدات وبين عناصر الجيش اللبناني التي تقوم بحماية البيطار. غير أن الواقع كان مختلفاً جداً اليوم، وربما تعمّد البعض نشر الشائعات بهدف التهويل والتضليل. فالنيابة العامة التمييزية لم تعلن عن توجهها لاتخاذ أي قرار بحق البيطار.

 

دعوى جديدة
هذا، وتستمر الدعاوى الموجهة ضد البيطار، وآخرها توجه وكيل نهاد المشنوق إلى محكمة التمييز الجزائية بطلب نقل دعوى للإرتياب المشروع بحياد المحقق العدلي المكفوفة يده طارق البيطار.

 

وقد غصّ إيوان المحكمة صباحاً بعشرات المحامين الذين حضروا للوقوف إلى جانب البيطار وحضور جلسة الاستجواب، كما انضم حسن خليل ومحمد زعيتر، نجلا النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، واجتمعا أمام مكتب البيطار بانتظار القرار الذي سيصدر عنه.

 

التعطيل مستمر. والانقسام حلّ على الأجهزة الأمنية والسلطة السياسية والجسم القضائي. وبين محقق عدلي مصرّ على إكمال التحقيق، وبين اعتباره مغتصباً لسلطته، سيبقى الملف في حالة مؤجلة حتى إشعار آخر.

 

منير الربيع – المدن

مقالات ذات صلة