خاص شدة قلم: “أمرِك يا وطن”.. بنات حوّاء يضبطن الأمن في الشارع!!

“صباحِك أبيض يا وطن”.. ركنتُ سيّارتي إلى جانب الطريق للحظات قلائل.. دون أن أتسبب بأي إزعاج لأحد أو عرقلة السير.. ولم يكن هدفي أبداً أنْ أركنها لوقت طويل.. بل للحظات قلائل – كما قلت – ريثما تتمكن زميلة في “مهنة المتاعب” من أنْ تترجّل إلى مكان موعدها..

وكـ”أنثى النمِر” الشرسة بزيّها “الرمادي المُرقّط”.. “طبِّتْ علينا الوطن” وكأنّها ضبتتنا بـ”الجرم المشهود” نقترف جريمة في وسط الشارع.. ضربت بكفّها “الناعمة” على السيارة قائلة بنبرتها الأنثوية التي تحاول أن تجعلها “ذكورية جهورية”: “مطوّل هون؟!”.. أجبتها وكُلّي ثقة: “صباحِك أبيض يا وطن.. لحظة عم تنزل المدام من السيّارة وفالل”.. فأجابت: “إيه الله معك!”..

تلك مشهدية بسيطة عاشها كاتب هذه السطور قبل يومين.. ورُغم تمازجها بين القليل من الفُكاهة والكثير من الجدية.. إلا أنّها “ظاهرة صحيّة” أنْ نرى “شرطية السير” تتجوّل عند تقاطعات الطرق.. أو تسعى إلى ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة.. على قاعدة “المُساواة بين المرأة والرجل” في الخدمة العسكرية.. فلا تبقى النساء في المكاتب وكأنّهن “موظفات إداريات”.. ويخرج الرجل إلى حر الشمس وبرد الشتاء.. على اعتبار أنّ طبيعته الجسمانية أقوى وأصلب..

المرأة التي اختارت النزول إلى “المعترك العسكري” لأي سلك أو جهاز أمني كان.. تلقّت بطبيعة الحال نفس تدريبات الرجل واكتسبت نفس خبراته.. لذلك من الطبيعي أنْ تكون اليد في اليد والكتف على الكتف في الإدارات والشارع والمهمّات سهلها وصعبها..

والأجمل من هذا كُلّه “تقبّل اللبنانيين المُخالفين لنظام السير” بكل رحابة صدر.. لما يتعرّضون له من فرض غرامات أو “ضبط” بالمعنى المتعارف عليه.. حيث توالت التعليقات عبر مواقع التواصل لمواطنين تعرّضوا لـ”الضبط” من شرطية.. فكان رد فعلهم الابتسام والضحك.. بل والتغزّل بـ”المرأة العسكرية” وجمالها ونعومتها.. وما بين “إمشي على رمشي.. منِّك الضبط أحلى”.. و”تكرم عينِك يا وطن.. فلوس الدني كلّها”.. و”يا محلى الضبط بريحة البرفان بدل ريحة الحبر”..

ليُضاف إلى ما سبق سيل من العبارات التي تحوّلت من الغزل إلى الغضب حين تدرك اللبنانيات أنَّ مَنْ أنزلت بهم الغرامة “عنصر أمن أنثى”.. حيث اشتعلت “نيران الكيد العظيم” في صدور “بنات حواء” المُخالفات.. اللواتي اعتبرن أن “شرطية السير” صدرها ضيّق وأفقها غير رحب..

لبتقى الصورة الأقرب إلى الفكاهة.. هو لحظة “إلقاء القبض” على سيارة معالي وزير “الكهربا” السابق وليد فياض الـ”ميني كوبر” تقترف جريمة “الركن في الممنوع”.. ومن يدري لعل من دوّنت الضبط كانت أنامل انثوية..

“يا محلى الكحل بعينيكي”.. بهذه العبارة يمكننا أنْ نقول لـ”حضرِة الوطن” شُكراً.. ولمن عارضوا ويعارضون هذه الخطوة على اعتبار أنّ المرأة قد لا تتمكن من ضبط الوطن في الشارع في حال وقوع إشكال وما شابه.. نُردّد ببساطة في بلاد الحرمين نزلت المرأة إلى الشارع لتُعين زميلها وتضبط السير.. في المملكة المتحدة تركت الشرطية المكتب ونزلت إلى الشارع حفظاً للأمن.. يعني “خفّوها علينا شوي.. وبلا فلسفة”.. العسكرية كالعسكري اليد باليد والساعد بالساعد والكتف على الكتف.. و”الله يحمي لبنان وينشر جماله مش بس على الشاشات وبالطرقات كمان”!!


مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة