تأليف الحكومة بين المعايير والمرونة.. فلمن الغلبة؟

برزمة من المعايير ومرونة في التعاطي.. هكذا تسير محركات تأليف الحكومة الجديدة، ومن خلالهما يحاول رئيس الحكومة المكلف القاضي نواف سلام إنجاز تشكيلته التي تحتاج ولادتها إلى بعض الوقت.

لا يزال التأليف ضمن المهل المعقولة، اما هو أبعد من التوقيت فتلك المحاولة المتواصلة للرئيس المكلف للخروج بحكومة لا تهمش أحدا وفي الوقت نفسه تحظى بثقة الداخل والخارج ومدى صمودها.

يعتبر كثيرون ان هذا التعثر الحاصل في التأليف والذي يمكن ادراجه في المنحى التقليدي للأمور بفعل مطالب الكتل النيابية ليس سليما للواقع الذي يمثله الرئيس المكلف ومن شأنه فرملة التقليعة المتوخاة للفصل الجديد في حال استمرار التعنت.
وتفيد مصادر سياسية مطلعة عبر لـ«اللواء» أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون توافق مع الرئيس سلام حول مواصفات مجلس الوزراء وعمل الوزارات الذي يجب ان يشمل لبنان كله، وهناك عبارات صارت تلازم موقفه أمام زواره لجهة رفض المحاصصة أو تناتش الحصص والمهاترات وزواريب الطائفية، وتؤكد أن الرئيس عون لم يتدخل بالمسار المتصل بتأليف الحكومة انطلاقا من احترامه الدستور إنما جاء تشديده على الكفاءة والنزاهة ليصب في التوجه العام المطلوب، ملاحظة أن رئيس الجمهورية متمسك بحكومة تضم أصحاب الاختصاص يتلفتون إلى إنجاز الإصلاحات ويقاربون المواضيع وفق مصلحة البلاد، وهذا قاسم مشترك مع سلام ولعل من أبرز نقاط القوة هو تفاهم الرئيسين ما يسهل ترميم الثغرات ومعالجة المطبات وحتى إيجاد حل للعراقيل، ولذلك لم يصدر عن الرئيس عون أية اشارة اعتراضية إلا في ما يقرأ بين السطور بشأن شروط تلف عملية التأليف.

لكن أين تكمن الإشكالية إذاً؟ في تقدير هذه المصادر أن المعايير التي التزم بها الرئيس المكلف صعَّبت المهمة أمام القوى التي ابدت تمسكاً بعدة أسماء فيما شكا بعض القوى من كثرة مطالب الثنائي الشيعي وحصر وزارات مثل وزارة المال بطائفة محددة والتمسك بعدد من الحقائب دون أية محاولة منها لكسر التقليد، اما التعقيدات الأخرى فليست مستعصية لأن هناك رغبة من هذه الكتل بالمشاركة في الحكومة. كما ترى أن أية تشكيلة لا تتوافق والمواصفات المطلوبة هي انتكاسة لإرادة الداخل وتطلعات الخارج، موضحة أن القاضي سلام لم يكلف ليعتذر والهامش ما يزال مقبولا.

ماذا عن العرقلة من الأفرقاء المسيحيين؟ تقول المصادر نفسها أن لا رغبة في العرقلة بالمعنى المتعارف عليه إنما مقاربة متباينة، وترى أنه فور تأليف الحكومة، يمر البيان الوزاري بنسخة قريبة من خطاب القسم، ومن ثم جلسة الإقرار في الحكومة وجلسات الثقة في البرلمان، وبعد كل هذا القطوع، تنطلق « دعسات» الحكومة، اما العهد الرئاسي فلا يزال يتلقى جرعات الدعم والتأييد ولكنه يحتاج إلى أدوات تنفيذية مناطة بالحكومة، وتعتبر أن قنوات التواصل مفتوحة بين الرئيس المكلف والقوى السياسية على اختلافها ولن يقفل باب التحاور، لكن هل يتم تنازل ما؟ وماذا عن دور الوسطاء؟ وهذه الأسئلة منطقية.
لا رغبة داخلية وخارجية في كبح جماح الإندفاعة نحو بناء الدولة القوية إثر انتخاب رئيس الجمهورية،وأي خطوة ناقصة في موضوع تشكيل الحكومة لها تداعياتها ولذلك سيضطر الرئيس المكلف إلى إجراء مرونة مضاعفة وربما تفضيل الأهم على المهم.

كارول سلوم- اللواء

مقالات ذات صلة