“وبْقِيت”.. صرخة فنية تذكيراً بقضية المفقودين!

“وينن”.. وإنْ كانت فيروز غنّتها قبل سنين طويلة.. لكن أصداءها إلى اليوم والغد وإلى كل يوم.. تتردّد وتسأل الجدران والطرقات والسماء والفراغ وحتى الصمت.. “وينن”؟!

يكاد لا يخلو بيت في لبنان من مفقود أو مخفي قسراً أو مجهول مصير.. ولا تزال دموع الأمهات الثكالى والزوجات التائهات لا هُنَّ أرامل ولا هُنَّ متزوجات.. وحتى الأبناء لا يدرون إنْ كانوا أيتاماً.. وكلهم يسأل: فأين مثوى الأب أو الأخ أو حتى الإبن ليبكوا دموع يؤججها لهيب الفراغ..

“وبقيت”
بالتزامن مع اليوم العالمي للمفقودين والمخفيين قسراً، الذي يتكرّر كل عام في 30 آب، نظّمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حدثاً امتزجت فيه مشاعر الأسى بالأمل، واقترنت فيه الأعمال الفنية بالقضايا الإنسانية السامية، بعنوان “وبقيت”.

وخلال هذا الحدث الذي أقيم في مركز بيروت للفن، أطلقت الفنان جمال أبو حمد أغنية مصوّرةٍ تخليداً لذكرى المفقودين، بمشاركة شخصيات ديبلوماسية وثقافية وفنية وإعلامية أرادت أن يشكل حضورها رسالةَ تضامنٍ قوية مع قضية المفقودين وهم بالآلاف في لبنان ممن لم تعرف عائلاتهم شيئاً عن مصيرهم منذ سنوات الحرب.

تجارب حقيقية
“أبي. كلمةٌ لا أعرف منها إلا كيفية لفظها… طفلتُكَ كبُرَت وكَبُر كل شيءٍ بعدَك إلا فرحتي. رحَلَتْ معك ولم تكبُر بعد. فمتى أفرَحُ بلقاءِك يا أبي…” جزءٌ من رسالةٍ عُرضَت ضمن تقريرٍ مصورٍ استُهِل به لقاء “وبقيت”، كتبتْها ميسا إلى والدها “سعْدو” المفقود منذ سنوات الحرب في لبنان، والموثقة في كتاب “وقِلْت بكتِبْلَك” الذي يضم مجموعة رسائلَ وقصائد شاركتها عائلات المفقودين مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتروي من خلالها قصصها وتعبر عن أعمق مشاعرها وآمالها.

إلتزام بالقضية
بعدها كانت كلمة الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومسؤولة العلاقات الإعلامية سالي عون، مما جاء فيها: “نحيي منذ سنوات في 30 آب/أغسطس من كل سنة اليوم العالمي للمفقودين، لنؤكد على التزامنا بهذه القضية ولنطالب بتطبيق أحكام القانون وقد أردنا هذا العام أن يحمل لقاءنا طابعاً ثقافياً – فنياً خاصاً، ليعلو صوت هذه القضية ونحملها معنا في كل لحظة من خلال كلمات وموسيقى ورسالة أغنية: وبْقِيتْ”.

صرخة مدوية
شكلت الأغنية التي كتبت كلماتها ولحنتها وحتى صورتها أبو حمد بنفسها، صرخةً مدوية في قضيةٍ وَجَبَ أن يعلوَ صوتُها عالياً ليخرقَ صمتَ النسيان والوجع التخاذل.
وتقول “كل اللي قلتُنْ كلمْتَين، شْوَي وراجِع رايح لَوين، سألتَك وتودعوا العينَيْن، وعَبُكرا صار شهر وسنتين، وبقيت وحدي بتخت لتنين، لَوين رحت وما عدت جيت”.
وبتأثر كبير، تحدثت أبو حمد التي درست الموسيقى في الكونسرفتوار الوطني اللبناني والتمثيل والإخراج ما بين لبنان والخارج، عن أهمية الفن في إيصال الصوت. وتشاركت مع الحاضرين قصتها المؤثرة مع قضية المفقودين.

مقالات ذات صلة