خاص شدة قلم: على واجهة بيروت البحرية.. لكم لبنانكم ولي لبناني… ولو “على إجر ونص”!!
سأحدثكم عن لبناني أنا.. لبنان الذي أعرفه من الطفولة والصبا.. وسأتجاهل حروبهم ودمارهم وانهياراتهم.. لبناني موجود في كتب القراءة العربية وأناشيد الأطفال.. لبناني لا يزال على عتبات “أخوت شاناي” و”الأميرين فخري الدين وبشير”..
لبناني جبران ونعيمة وزيادة أبو شبكة وأبو ماضي.. لبناني حسن كامل الصبّاح وابراهيم عبد العال.. الأخوان رحباني وفيروز وصباح ونصري شمس الدين وليلى كرم..
لبناني ليس أزماتهم الطائفية واحتقانهم المذهبي وتناحرهم المناطقي.. ولا حتى الانهيار الاقتصادي والأمني والاجتماعي وحتى الإنساني..
لبناني فيه من كل شيء جميل.. ولعلّي ببساطة الحال رغم الحرب المستعرة.. وعيش اللبناني “على إجر ونص”.. ومرمطته في زمن الخوف و”الدبح بالقطنة”.. وجدتُ صورة عن “لبنان الذي أعرفه” على الشاطئ البيروتي..
سمّوه ما شئتم Biel أو Seaside Arena أو الكورنيش الجديد.. المهم أنّ الصورة العصرونية اليومية وخصوصاً في هذه الأيام.. هي لوحة فسيفسائية بكل الألوان.. بل سمفونية فيها من كل النغمات..
ترى وجوهاً من كل الأديان والمناطق والانتماءات المختلفة.. ترى الكبار والصغار وحتى “الشخصيات العامة” كالمحلل السياسي وناشر موقع “جنوبية” علي الأمين.. أو الفنان والملحن سليم عساف.. وسواهما من الوجوه المعروفة التي لا تركب أبراج عليائها.. بل ينزلون إلى ساحات الناس.. لأنهم أصلاً من الناس وللناس..
صورة توثقها عيناي يومياً خلال رياضتي المسائية.. أدخلتْ السرور إلى قلبي.. خاصة أنّ المكان يُنار تقريباً مع هبوط ساعات الليل.. والكثير من العائلات النازحة من الضاحية الجنوبية.. أو حتى البيارتة الهاربين من الكهرباء المقطوعة.. يحملون كراسيهم وما يسليهم.. ويمضون صوب الهواء العليل..
يمكن للكبير أن يروّح عن نفسه.. وللصغير أن يلهو ويلعب في “براح” ما تبقّى من الواجهة البحرية لبيروت.. قبل أنْ تمتد إليها يد “المستعمرين المحليين” كما حصل مع “الجارة”.. التي تحوّلت بين ليلة وضحاها وبقدرة قادرة إلى الـZaytouna Bay..
أما على المقلب الآخر.. فكم هو مؤسف مشهد هذه الواجهة.. التي خُطّط لها يوماً أنْ تُصبح قبلة جاذبة لأهم المؤسّسات من حول العالم.. إضافة إلى إفساح المجال أمام المواطن البسيط لـ”شم الهوا”.. بهندسة وديكورات حجرية رائعة.. تحوّلت إلى مواقع للعشاق من جهة وللمنحرفين من جهة أخرى..
ولن أحدثكم عن كميات القمامة المهولة التي تتجمّع بين الماء واليابسة.. إضافة إلى الحشيش الذي نبت ما بين الصخور.. الشاهدة على أفظع مجزرة في التاريخ اللبناني الحديث والقديم.. “تفجير العنبر 12 في مرفأ بيروت”..
مصطفى شريف- مدير التحرير