آلان سركيس لموقعنا ضمن فقرة “من أهل البيت”: نعاني من الاحتلال الثقافي الإيراني.. و”نداء الوطن راجعة” ضمن مجموعة الـ MTV !
نحن لا ندّعي التكريم أو التبجيل في فقرتنا “من أهل البيت”.. بل نوجّه تحية وكلمة شكر لأهل مهنة المتاعب.. فننحني إجلالاً أمام قدير نتعلّم منه.. ونصفّق لزميل برع وأجاد ونجح.. ونحاول أن نسلّط الضوء على مغمور علنّا نكون باب عبور.. من صنّاع الخبر والرأي إلى الجمهور والقرّاء..
ننقل إليكم خبرات أجيال متنوّعة ونستقرئ آراءهم في واقعنا الإعلامي.. السياسي.. الفني.. أو الاجتماعي.. عارضين لواقع مهنة المتاعب بعدما أصبحت “صناعة الخبر” لا تحتاج لأكثر من هاتف.. بينما الخبر اليقين يناضل من أجله الصحافي الحقيقي.. واللقاء اليوم مع الزميل الصحافي آلان سركيس.
* آلان سركيس: “نداء الوطن” لن تصمت وستعود أقوى وأقوى
* بكركي ليست رمزاً دينياً.. بل من أساس الدولة
* مَنْ لا يملك المال لا يمكنه إطلاق وسيلة إعلامية
* الصحافة الورقية “خميرة” النخبة وصنّاع القرار
* بعد السوري.. نعيش آثار الاحتلال الثقافي الإيراني
* علاقة الصحافي بالسياسي لا تعني بالضرورة تأليهه
* رغم هجمة مواقع التواصل.. الحقيقة للصحافة الحقيقية
بدأ رحلته مع “الربيع العربي”.. ففرض وجوده في عالم الصحافة..
مؤمن حتى العظم بدور الدولة.. في مواجهة مشاريع “الدويلة” الهدّامة..
متمسّك بقضيّته إلى حد الانحياز.. وقابل للحوار والنقاش مع كل الأطراف..
يدعو للانفتاح على الآخر ويرفض العداء بين الزملاء الصحافيين في لبنان..
أسلوبه التحليلي مرن ومنطقي.. وقادر على إيصال المعلومة من مصادرها للقارئ..
قريب من الصرح البطريركي باعتزاز.. ويواجه أي محاولات لتغيير الهوية..
تجربة صحيفة “نداء الوطن” تعنيه حتى العمق ويعتبرها مميّزة بكل تفاصيلها..
***************************
حاورته رئيسة التحرير إيمان أبو نكد:
وفي ما يلي نص الحوار:
*إلى متى سيستمر تحكّم أصحاب المال والأعمال بالصحافة والإعلام، ومصير صحيفة “نداء الوطن” ما هو إلا دليل صارخ على هذا الارتهان بعد وقف التمويل؟!
– على أرض الواقع مَنْ لا يملك المال لا يمكنه إطلاق وسيلة إعلامية مهما كان نوعها، خاصة أنّ المصاريف في هذا الزمن أصبحت ضخمة جداً، إضافة إلى أنّ سوق الإعلانات في لبنان يعاني من تدهور كبير، ويمكن اعتباره بحالة “صفر” على مدى السنوات الأربع الماضية وتحديداً منذ ثورة 17 تشرين الأول، مروراً بتفشي “كورونا” ووصولاً إلى اليوم، وبالتالي طبعاً الصحافة بحاجة إلى تمويل وإلى رؤوس أموال تدعمها للنهوض.
أما في ما يتعلّق بتجربة “نداء الوطن” فقد كانت تجربة فريدة من نوعها مع الراحل ميشال مكتّف، فخلال 5 سنوات من عمر الصحيفة، تمتعنا كفريق عمل بالحرية المطلقة بالعمل، بغض النظر عن الخطوط الحمراء التي نعرفها انطلاقاً من خبرتنا الصحفية.
*مصير الصحافة الورقية إلى أين؟.. ولو طُلب من آلان سركيس رسم خطة لإنقاذ الصحافة فعلى ماذا ترتكز؟
– الصحافة الورقية والإعلام بكل أوجهه يمر بحالة من العجز والمعاناة، لكن الإعلام الورقي يتميز بمصداقيته لأنه يشكّل مستنداً يمكن الاحتفاظ به لسنوات طويلة، وأرشيفاً لمراحل الوطن الزمنية، ومن هنا تأتي أهمية الصحافة الورقية التي لا بد من استمرارها، وعلى الدولة اللبنانية وضع خطة لإنقاذها.
لكن للأسف ومع أهمية الصحافة الورقية، نصطدم بمشكلة كبيرة جداً، وهي أن الجمهور لم يعد يقرأ، فلو حافظ الناس على قراءة التحليلات السياسية والتحقيقات المتنوعة، كانت الصحافة الورقية تموّل نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى مموّلين، وهو ما يشكل مشكلة أساسية وجذرية، إضافة إلى صعوبة توفير الإعلانات في الصحف والجهات الراعية في ظل بلد منهار مالياً واقتصادياً، فلو توفرت الإعلانات والرعاية يتراجع ارتهان المؤسسات الإعلامية للسياسيين وأصحاب المصالح.
وفي ظل هذا الوضع هناك الكثير من الخطط لمساعدة الصحافة الورقية، لكنها تحتاج إلى تكاتف بين أصحاب الصحف كخطوة أولى، ثم بين الإعلاميين لحث الناس على العودة إلى القراءة و”التثقيف” لأننا في لبنان نعاني من ارتفاع نسبة المتعلمين وقلة عدد المثقفين، حيث من المعيب أن قسماً كبيراً ممَّنْ يشترون الصحف هدفهم حل الكلمات المتقاطعة، لذلك من الضروري إحداث تغيير في بنية المجتمع.
*هل يفقد الصحافي/ الإعلامي حريته في الكتابة وموضوعيته في التعبير بسبب علاقاته مع السياسيين؟ وإلى أي مدى؟
– برأيي الشخصي لا تتلاشى حرية الصحافي والكاتب السياسي في لبنان عندما يكون على ارتباط وثيق بجهات سياسية معينة، وذلك انطلاقاً من تركيبة لبنان المختلف عن الدول الأوروبية، فالصحافة في لبنان طابعها سياسي، ما يفرض العلاقات مع بعض السياسيين والأمنيين ليشكلوا مصادر معلومات.
لكن من المهم المحافظة على الموضوعية وحرية التعبير خلال نقل المعلومات التي حصل عليها الصحافي من المصدر السياسي أو الأمني، وعدم تأليه المصدر مقابل الحصول على المعلومة، إضافة إلى تحريرها بمصداقية وعدم تحريفها لتخرج إلى العلن كما صدرت عن السياسي، ولكن قد يختلف الأمر بين صحافي وآخر فيتأثر بمصدره ويفقد قيمته ومصداقيته.
*هل يؤثر تقرّب الصحافي من رمزية دينية معينة على أفكاره أو كتاباته؟!.. وكيف يحافظ على وسطية قلمه ليبقى مقروءاً من كل التيارات والانتماءات، خاصة أن آلان سركيس من الداعين إلى “مشروع الدولة” في مواجهة “الدويلة”؟!
– بالنسبة للدعوة إلى قيام “مشروع الدولة”، كما هو معروف يعاني لبنان من معركة قيم ومبادئ ومحاولات تشويه صورة الدولة، وهذه الدعوة تشكل فخراً لكل صحافي أن يكون إلى جانب الدولة في مواجهة “الدويلة”، مهما كانت “الدويلة”.. اليوم “حزب الله” قد تكون غداً تياراً آخر، ونحن كلبنانيين عايشنا منذ مطلع التسعينات إلى اليوم الاحتلال السوري، وحالياً نعيش تحت وطأة الاحتلال الثقافي الإيراني، إضافة إلى السيطرة على قرار الدولة وتغيير البنية الثقافية.
لذلك أؤكد أن دعم “مشروع الدولة” ليس تهمة أبداً، بل هو فخر في ظل المواجهة السياسية والثقافية للمحافظة على بلدنا ووحدته والأهم هويته التي نرفض تغييرها.
وبخصوص الرمزية الدينية، فبكركي لا يمكن التعامل معها كرمز ديني، بل هي من أساس الدولة اللبنانية، منذ مار يوحنا مارون و”فكرة الاستقلالية اللبنانية” مروراً بـ”إمارة الجبل” ووصولاً إلى “لبنان الكبير”، وهي جزء من الدولة العميقة التي تساعد لبنان على البقاء رغم كل ما يواجهه.
ولكن هنا لا بد من التمييز بين تقرّب الصحافي من مرجعية دينية لمهاجمة باقي الطوائف وبين التقرب من المرجعية الدينية للحفاظ على هوية لبنان وثقافته وانتمائه وحضوره وتطوره، وبالتالي هنا لا يمكن الحديث عن الوسطية بين الخير والشر بل موقف واضح وجداً واضح.
*شخصياً لمَنْ يقرأ آلان سركيس؟، وهل يطلع على إعلام الآخر من منطلق “إعرف عدوّك”؟
– في الإعلام اللبناني لا وجود للأعداء أبداً، بل على العكس جميعنا زملاء ونحترم بعضنا البعض، ورغم اختلاف الآراء وتعبير كل صحافي عن رأيه، نطلع على آراء بعضنا البعض، وأطالب بزيادة عدد الصحف الورقية ليبقى لبنان منبراً للإعلام الحر.
شخصياً أسعى قدر المستطاع للاطلاع على آراء كل الزملاء لأي جهة انتموا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الزميل جوني منيّر أتابع كتاباته لأنّه صحافي موضوعي ويمتلك معلومات داخلية وخارجية ويربطها ببعضهما، إضافة إلى الزملاء نبيل بو منصب، سمير عطالله والكثير من الأسماء المحترمة التي تستحق المتابعة، كما أتابع الصحافة الاستقصائية، لأن على الصحافي الاطلاع على كل الآراء… والمستجدات.
*في زمن هجمة مواقع التواصل، إلى أي مدى يهتم آلان سركيس بالوصول إلى القارىء والمشاهد من خلال النشر عبر مواقع التواصل إلكترونياً؟
– أنا ناشط على منصة فايسبوك أكثر من “إكس” (تويتر سابقاً) رغم أن الصحافيين يعتمدونه أكثر، إضافة إلى باقي مواقع التواصل كإنستغرام وتيك توك، وأعتبر بأنّ الصحافي من الضروري أن يكون ناشطاً على مواقع التواصل، وينشر كتاباته عبرها، لأن الصحيفة الورقية تنشر مضمونها عبر موقعها الإلكتروني، ومّنْ لا يقرأها ورقياً يطلع عليها إلكترونياً، بالتالي تلعب مواقع التواصل دوراً مهماً في نشر مضمون الصحف الورقية وإيصال آراء الصحافيين إلى أكبر شريحة ممكنة من القرّاء.
لكن تبقى الصحيفة الورقية إذا صح القول “الخميرة” التي تصل إلى النخبة ومراكز صناعة القرار والسياسيين ورجال الأعمال والنقابات والسفارات، ومن ثم إلى الناس، بحيث تأتي أهمية الجريدة من صناعتها للرأي العام، وطبعاً تجربة “نداء الوطن” كانت رائدة في هذا المجال.
ورغم أن وسائل التواصل تنشر أخباراً غير حقيقية بين الحين والآخر، إلا أنه بطبيعة الحال الحقيقة ستظهر أولاً وأخيراً، من هنا نعود إلى تأكيد أهمية الصحافة الورقية والإعلام الحقيقي، بحيث مع ساعات صباح كل يوم تستمد كل وسائل الإعلام مرئية ومسموعة مصادرها من الصحافة الورقية، لتبقى المصداقية للصحافة الورقية في مواجهة الـFake news.
*ختاماً، إلى من لا يعرف آلان سركيس نبذة عن مسيرتكم الصحفية؟.. وبعد صمت “نداء الوطن” قلم آلان سركيس على أي غصن يغرّد؟!
– بدأت مسيرتي المهنية في صحيفة “صدى البلد” عام 2011، رغم أنها شكّلت نوعاً من مرحلة التدريب التي تلت الدراسة الجامعية، إلا أنها كانت انطلاقة حقيقية لتزامنها مع تفجّر “الربيع العربي”، وبعد 9 أشهر انتقلت إلى صحيفة “المستقبل” حيث كانت التجربة السياسية الأولى والأساسية، التي دعَمَنا فيها عدد من الزملاء المخضرمين وفي مقدمهم الأستاذ جوزيف الهاشم، الذي كان أستاذاً حقيقياً، لنعود ونلتقي لاحقاً في “نداء الوطن”.
ولكن قبل ذلك، كانت مرحلة 7 سنوات في صحيفة “الجمهورية”، لكن التجربة الأهم هي الـــ5 سنوات في “نداء الوطن” في مرحلة من أصعب مراحل لبنان التاريخية، بداية من حادثة “قبر شمون” التي تزامنت مع يوم الافتتاح، فالثورة وأزمة الدولار، تليها كورونا، إنفجار مرفأ بيروت وانهيار البلد، وكل ما رافق ذلك من أحداث صعبة.
والتجربة مع آل مكتّف من الراحل ميشال إلى أبنائه الذين تابعوا الرحلة من بعده كانت متميزة لأنها شكلت نوعاً من التزاوج ما بين الرأسمالية والصحافة الحرة، ضمن خط سياسي معروف الاتجاه ، ألا ليتها طالت أكثر وتعمّمت تجربة “نداء الوطن” على الإعلام ككل.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن “نداء الوطن” لن تصمت وستعود أقوى وأقوى، وسواء بقي فريقها كما هو أو أدخلت عليه تعديلات، فإنّ هذا الصوت الحر سيستمر بعدما انتقلت ملكيتها إلى الأستاذ ميشال غبريال المر، لتنضم إلى مجموعة الـmtv، وتبقى على الخط السياسي والمسار السيادي نفسه، لكن لم يتم تحديد موعد إعادة الصدور بعد.
خاص Checklebanon
رئيسة التحرير: إيمان ابو نكد
مدير التحرير: مصطفى شريف