المرتضى يحاول اقصاء القواس: ما بالكم اذا كانت ثقافة وزير الثقافة منبعها محور الممانعة؟

نكبة لبنان تتكشف كل مدة عن وجه قبيح. طبقة سياسية يفترض أن تكون حامية الناس صارت خاربة بيوتهم. وزراء يأتون من المجهول فيقومون بالمعلوم من أفعال وارتكابات تخالف أساساً الحقيبة التي يحملونها. لن نطيل التقديم. المقصود اليوم وزير الثقافة (القاضي) محمد وسام المرتضى، الذي أبدع مراراً في تشويه صورة لبنان، المتعدد الحضاري المنفتح على العالم، منصّباً نفسه “شاهد زور” في محكمته للقضاء على أحد المعالم التاريخية للثقافة: الكونسرفتوار اللبناني.

هي ليست قصة معاقبة موظفة أخلت بقواعد العمل أو أدبياته، بل هي قصة إقصاء وتعدٍّ على صلاحيات، وتغيير أساسي في واجهة لبنان الحضارية والثقافية، من وزير تابع لمحور الممانعة، يستغل كل مناسبة للتعبير عن عشقه لتدمير الهوية الحقيقية للبلاد، من خلال منشورات يقوم بنشرها عبر حسابه الرسمي من جهة، وأساليب قمعية وقرارات غير عقلانية بدأ يسطرها بحق فئة تعمل من أجل مصلحة البلد من جهة أخرى.

وبعد إقصائه لمدينة طرابلس، التي صُنّفت عاصمة للثقافة العربية من خلال حفل لا يرتقي الى مستوى العنوان وإعطاء الاطلالة لـ “تيكتوكرز” في ما يشبه حفل مطعم، في خطوة مستغربة، وكأن ليس هناك من شخصية عالمية أو عربية أو لبنانية تليق بالحدث، يحاول المرتضى اليوم ضرب الكونسرفتوار الوطني بشخصية رئيسته السوبرانو هبة القواس، المعروفة بالانجازات التي قدمتها له بعدما تبوأت منصبها عام ٢٠٢٢.

وبات واضحاً أنه لولا علاقة القواس المتينة بالمملكة العربية السعودية لما حظي المرتضى بترحيب في زيارته الأولى الى الرياض، والتي كانت بعكس صورة زيارته الى جدة. ففي الأخيرة علم المرتضى أن من دون متابعة القواس لن تكون الأبواب السعودية مفتوحة له.

فالقواس التي تسلمت الادارة بعد إقفال دام 4 سنوات، وتوقف التدريس بسبب غياب العناصر التي تساعد في ذلك، وتدمير البنى التحتية، أعادت إحياء هذه المؤسسة من جديد في فترة وجيزة مع أنها كانت مهمة شبه مستحيلة في ظل إنعدام المكوّنات الأساسية لذلك، إذ انها وصلت الى مؤسسة مشلولة، حتى من الحبر والورق والكهرباء وحتى الدعم للأساتذة أو الموسيقيين. وعلى الرغم من غياب التمويل المطلوب وضعت القواس من انتاج جهودها لانهاض هذه المؤسسة.

أتت القواس بفرق موسيقية عالمية، ووصلت الأصداء الى أرجاء العالم كلّه، نتيجة اقامة الحفلات الموسيقية الشهيرة في لبنان تحت هدف واحد، هو إظهار الصورة والهوية الحقيقية للبلاد، وصناعة ديبلوماسية موسيقية تتجاوز الحدود اللبنانية تمهيداً لفكرتها عن الاقتصاد الموسيقي، لكن يبدو أن الأمور باتت “سايبة” وكل وزير يحاول ضرب ما يريد والاستثمار في منصبه كما يشاء بالتماشي مع مصالحه الخاصة، فما بالكم اذا كانت ثقافة وزير الثقافة منبعها محور الممانعة؟

ولم يترك المرتضى فرصة إلا واستغلها لتعميم ثقافة “حزب الله”، حتى في الكتاب، خصص معرضاً لكتب الممانعة، محاولاً ضرب معرض بيروت الدولي للكتاب. وفي طرابلس تتوالى الأخبار عن وزير حسب أنه قادر على خرق البيئة الطرابلسية لتمرير ثقافة الحزب وزرعها في نفوس المتعاطفين مع الفلسطينيين.

وعلى الرغم من موقف الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الداعمين للقواس، أكمل المرتضى مخططه وطلب من ثلاثة أعضاء من مجلس إدارة الكونسرفتوار الاستقالة كي يكمل في لعبته، محاولاً بمؤامرته تطيير القواس بحجة أن الخلاف داخلي. والاعلام أذكى من أن توجهه نحو الخطأ والتضليل من خلال الادعاء بأن هناك اعتراضاً على أداء القواس، فيما الحقيقة أن هناك من سألها عن “منفعة”.

ولنزيد من الشعر بيتاً، فالوزير ليس مسؤولاً عن إدارة الكونسرفتوار، إنما يمارس الوصاية الايجابية لا أكثر ولا أقل، الا اذا كان معاليه يأخذ دروساً في الموسيقى بعيداً من الاضواء. والكونسرفتوار ليس مؤسسة ترضية لوزير الثقافة ومحوره بل مؤسسة عامة مستقلة، تملك الاستقلالية الادارية والفنية والقانونية الكاملة ولا تخضع لنظام المؤسسات العامة.

ترك المرتضى أحداث الجنوب والثقافة وبدأ بحرب الغاء ضد القواس عنوانها تدمير صورة لبنان الحضارية والعربية وفرض ثقافة لم تأتِ للبنان الا بالخراب، وغاب عنه أن محبيها في لبنان وخارجه قالوا لها: “لست وحدك… نحن معك”.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة