باحثان إسرائيليان يحذّران: سيناريو خطير.. «طوفان أقصى» جديد ينطلق!!
يقول باحثان في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن إسرائيل تدفع ثمن غياب الحسم في غزة في الضفة الغربية أيضاً، ويحذران من «طوفان أقصى» جديد ينطلق منها وتشارك فيه «جهات متطرفة» من فلسطينيي الداخل. ويقول الباحثان كوفي ميخائيل وغابي سيبوني في مقال مشترك نشرته صحيفة «معاريف» الجمعة، إن الهجمات الفلسطينية في الضفة الغربية لسنة 2023 الصادر عن «مركز مئير عميت لشؤون الاستخبارات والإرهاب» إلى زيادة كبيرة في عددها ونوعيتها، بالإضافة إلى ارتفاع في عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين مقارنة بالعام الفائت. وتمثلت أغلبية الهجمات في عمليات إطلاق نار نُفذت على الرغم من الحضور الواسع لقوات الجيش في الميدان، وعلى الرغم من العدد الكبير لمن تم اعتقالهم أو اغتيالهم، ومن العديد من جهود إحباط العمليات الكثيرة والناجحة. ووفقا لهما تعيش إسرائيل حربَ «إرهاب» في الضفة الغربية منذ آذار/مارس 2022. وبعد نحو 4 أشهر من الاحتواء والمراوحة، وفي الوقت الذي ترسخت فيه جنين كمركز رئيسي لـ«الإرهاب» أطلق الجيش في 3/7/2022 حملة «بيت وحديقة» ومنذ انطلاقها، اتسع نطاق القتال، إذ باتت قوات الجيش تدخل بوتيرة عالية مخيمات اللاجئين في كل من جنين، ونابلس، وأريحا، وطولكرم. وقتلت إسرائيل المئات من الفلسطينيين ضمن هذه الحملات التي تأتي في نطاق استراتيجية «جز العشب» أي مداهمة مواطن المقاومة في مهدها قبل أن تنمو وتشكل تهديدا أكبر.
خلايا حماس
ويقول الباحثان كوفي ميخائيل وغابي سيبوني إنه منذ أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، قام الجيش الإسرائيلي بتوسيع نشاطاته في الضفة الغربية من أجل ضرب خلايا «حماس» وإحباط الهجمات والتنظيمات «الإرهابية» ومنع تحوُل الضفة الغربية إلى ميدان قتال واسع ونشيط جديد. كما يقولان إن الدعم العميق الذي يسود أوساط الشعب الفلسطيني لحركة «حماس» و«المجزرة» التي ارتكبتها، يشكّل بنية تحتية نفسية ومعنوية تشجع الهجمات أكثر، وهكذا، على سبيل المثال، فقد تحولت طولكرم مؤخراً إلى مركز بارز للهجمات، إلى جانب التنظيمات والخلايا المسلحة في المدينة ومخيم نور شمس، ويتضح أن عدد هجمات إطلاق النار من المدينة القريبة من جدار الفصل في اتجاه بلدات خط التماس الإسرائيلية القريبة من الجدار، على غرار مستوطنة «بات حيفر» قد كَبُرَ. ويمضي الباحثان في تحذيرهما: «لا يقتصر الأمر على أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية غير قادرة أو راغبة في محاولة مواجهة خلايا حماس في المدن الواقعة تحت سيطرتها خاصة في شمال الضفة، بل أيضاً إن أعضاء في هذه الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في كثير من الأحيان، يشاركون في الهجمات».
ويزعمان أن زيارة أبو مازن التاريخية لجنين، التي أطلق خلالها وعودَه باستعادة الحوكمة في المدينة، قد صارت عبرة وأضحوكة، وكانت تعبيراً إضافياً عن عجز السلطة الفلسطينية التي يستند بقاؤها عملياً إلى نشاطات الجيش الإسرائيلي في جميع مراكز «الإرهاب» في الضفة الغربية، وخصوصاً في المواقع الأكثر بروزاً، كجنين، التي زارها أبو مازن، وطولكرم. ويتابع الباحثان كوفي ميخائيل وغابي سيبوني «كان أحد أهداف يحيى السنوار التي دفعته إلى مهاجمة سكان المستوطنات المحيطة بغزة إثارة موجة ضخمة من شأنها أن تجر حزام النار الذي بنته إيران حول إسرائيل إلى عمل واسع النطاق. وقد شكل فلسطينيو الضفة الغربية جزءاً من هذا الحزام الناري، إذ تم، بجهود إيرانية متصلة، تهريب وسائل قتالية كثيرة عن طريق الحدود الأردنية بصورة خاصة». ويرى الباحثان الإسرائيليان أن السنوار لم ينجح في مسعاه؛ فالواقع في الشارع الفلسطيني المفتقر للطاقة لم يؤد حتى الآن إلى اندلاع انتفاضة شعبية بالسمات التي عرفناها سابقاً في الانتفاضتَين الأولى والثانية. وعلى الرغم من ذلك يعتقدان أنه ليس هناك خلافا بشأن ارتفاع مستوى حوافز المنظمات «الإرهابية» ابتداء من كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ «فتح» وصولاً إلى حركتَي الجهاد الإسلامي و«حماس». ويزعمان أن هذه المنظمات تحظى بتشجيع من إيران التي تواصل تحويل الأموال والوسائل القتالية، بينما قيادة «حماس» في قطاع غزة وخارجه (كتركيا) تواصل، بصورة شديدة النشاط، التركيز على إنشاء البنية «الإرهابية» وتوجيهها في جميع أرجاء الضفة الغربية.
صمود حماس
ويقولان أيضا إن استمرار القتال في غزة، وشعور الجمهور الفلسطيني بالإنجاز المتمثل في صمود «حماس» في وجه الجيش الإسرائيلي، يشجع العناصر «الإرهابية» في الضفة، ويعتبران أن هذا التشجيع ينبع أيضاً من الفجوة الناشئة بين إسرائيل من جهة، وحليفتها الولايات المتحدة ودول أُخرى في العالم من جهة أُخرى. وهكذا أيضاً، تستمر حرب الاستنزاف على الحدود الشمالية، في الوقت الذي يقوم فيه حزب الله بتوسيع نيرانه، ويُظهر التزامه مساعدة الفلسطينيين طالما الحرب في القطاع مستمرة. ويضيفان «كل تلك العناصر تشكّل تشجيعاً وتحفيزاً لكل الخلايا الإرهابية في الضفة الغربية. إن فكرة تعدُد الجبهات وتوحيدها، بصفتها ناظماً موجهاً لاستراتيجيا حماس، ربما تتشكّل أمامنا الآن، حينما تدرك هذه المنظمات الإرهابية في الضفة، بمساعدة وإسناد إيرانيَين، أن اللحظة أصبحت سانحة، تعمل على استغلالها».
ويؤكدان أن منسوب الهجمات وخطورتها، إلى جانب ضعف السلطة الفلسطينية، من شأنهما أن يؤديا إلى انقلاب الموازين لدى العاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية. ويعتبران أن تأجيل العملية العسكرية، الذي يمس باستمرارية الجهد والضغط العسكري في قطاع غزة، بسبب الضغوط الأمريكية على إسرائيل، إلى جانب استمرار النشاط في رفح خلال هذه الأيام، يؤثران بصورة مباشرة في زيادة حدة الهجمات «الإرهابية» في الضفة الغربية. وفي ضوء ما تقدم، فإن هناك حاجة برأيهما إلى إجراء تغييرات في سياسات عمل الجيش الإسرائيلي واستعداداته للتصعيد؛ فإلى جانب استمرار الجهد الاستخباراتي والعسكري من أجل الضرب المتواصل للخلايا «الإرهابية» فإنه يجب تحسين الاستعداد لإمكان تنفيذ محاولات كبرى للقيام بعمليات في المستوطنات القريبة من الجدار، على غرار مستوطنات «بات حيفر» و«كوخاف يائير» وغيرها. ولهذا الغرض، برأيهما أيضا، يجب اتخاذ العديد من الإجراءات؛ أولاً، تعزيز الاستعدادات الدفاعية داخل المستوطنات عبر زيادة عدد فرق التأهب العاملة فيها، واستعداد القوات العاملة للتصدي لنشاطات تحدث من دون إنذار. وطبقا للباحثين الإسرائيليين يمكن إتمام الأمر بواسطة بناء تصوُر دفاعي في جميع المستوطنات الموجودة على خط التماس، وهذا التصور هو أمر يجب أن تدعمه الجهات الأمنية بواسطة الأيدي العاملة، والوسائل القتالية، والتدريبات، مثلما يجب النظر في إقامة منطقة عازلة أمنية شبيهة بتلك التي تُقام في قطاع غزة، وتهدف منطقة عازلة كهذه، ستقام قريباً من البلدات وشرقي جدار الفصل، إلى منْع اقتراب الجهات المعادية في اتجاه الجدار من الأماكن التي توجد فيها منازل فلسطينية قريبة من الجدار وكذلك يجب العثور على الحل العملياتي والقانوني لإخلاء هذه المنازل من أجل إنشاء المنطقة العازلة المطلوبة.
وينبهان إلى إن إقامة المنطقة العازلة قبالة المستوطنات يجب ألاّ تتلخص في تجريف الأرض من النباتات وإخلائها من البشر وتسويرها؛ فإلى جانب كشط المنطقة المطلوبة، يجب الاستعداد بواسطة وسائل مراقبة وكشف مبكر، وتشغيل قوات من الجيش أو حرس الحدود، وإعادة تعريف أوامر إطلاق النار. هذا كله من شأنه أن ينشئ منظومة دفاعية محسنة، تشوش جهود الاقتحام والاستيلاء على البلدات اليهودية القريبة من الجدار، وتحسن أوضاع أمن السكان في تلك البلدات. ويمضيان في مقترحهما: «علينا أن نتذكر أن سيناريو مرعباً، على غرار سيناريو 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولو على نطاق أصغر، في المكان الحساس لإسرائيل المقابل للضفة الغربية، وفي منطقة مليئة بالبلدات العربية، من شأنه أن يوسع نطاق الاشتباك بسبب انضمام جهات متطرفة من عرب إسرائيل إلى القتال، وهذا ما يجعل إسرائيل قريبة جداً من الوقوع في فخ من شأنه تغيير واقعها بأَسْرِه».
وديع عواودة- القدس العربي