هل ترفد قمّة باريس بين ماكرون وبايدن المبادرة “الإشتراكية”…باندفاعة دولية- إقليمية؟
**حزب الله يقول غير ما يضمر
يضطر «حزب الله» بين الفينة والأخرى إلى التأكيد بأنه لا يربط بين انتخاب رئيس الجمهورية وبين الحرب على غزة والمواجهات العسكرية المتصاعدة الحماوة في جنوب لبنان مع إسرائيل. إلّا أنّ خصومه، وحتى الفرقاء الذين يسايرونه في إصراره على الحوار حول الرئاسة ما زالوا يعتبرون أنه يقول غير ما يضمر. وحتى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي رأى نقطة إيجابية في إبلاغه من قبل «الثنائي الشيعي» بأنه يفصل بين جهود إنهاء الشغور الرئاسي وبين ما ستؤول إليه حرب غزة وحرب الإسناد التي يخوضها «الحزب» في الجنوب، لم يخف تشكيكه في شأن هذا الفصل.
حتى أن بعض القوى الوسطية تميل إلى اعتبار التأكيدات الصادرة عن «الحزب»، بالفصل بين مجريات الحرب وبين الرئاسة في لبنان، موقفاً تفاوضياً، وأنها قد تكون واقعية إذا كانت تعبر عن مصلحة فعلية في إنهاء الفراغ الرئاسي بانتخاب مرشح الحزب وليس غيره.
في الحد الأدنى، فإنّ «الحزب» معنيّ بالرد على تهمة الربط بين الرئاسة والحرب في الجنوب وغزة، من باب نفي التهمة عنه بأنه هو الذي يؤخّر إنهاء الشغور الرئاسي بانتظار نتائج هذه الحرب، ولردّها إلى خصومه، بحجّة أنهم لا يستعجلون انتخاب الرئيس لأنهم يرفضون الحوار الذي يدعو إليه حول الرئاسة.
بالموازاة يعتبر «الحزب» أن سبب استمرار الفراغ الرئاسي هو الخلافات الداخلية، لكنه سرعان ما يتّهم دولاً ملمّحاً إلى أن بعضها في اللجنة الخماسية، ويتدخل في الاستحقاق ويرفض مرشحين ولديه بدائل وأسماء. وبهذا يقفز فوق اهتمام دول أخرى بمرشحه ويروّج بعض إعلامه وحلفائه بأن هذه العاصمة أو تلك لا تمانع أن يتبوّأ المرشح الذي يريده… فيسهّل على خصومه القول إنه يستنجد بالخارج لترجيح كفّة من يريد. كما أن هؤلاء الخصوم، يتأرجحون بين رفض أي تسوية بين إيران وأميركا في إطار الحوار بينهما تفضي إلى مقايضة تجيز ترجيح كفة الأولى في الإمساك بالسلطة السياسية في لبنان، وبين توقع رفض الجانب الأميركي التسليم بسيطرتها على القرار اللبناني. فطهران أبدت في محطات عدة اهتمامها.
وفي كل الأحوال فإن «الحزب» نفسه لا يعدم وسيلة أمام خصومه للاستنتاج بأن دور الرئاسة في لبنان يدخل في حساباته لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في غزة والجنوب، حين يقول إن «هذه المعركة سيكون لها الكثير من الآثار العظيمة على فلسطين وعلى لبنان وعلى شعوب ودول المنطقة أمنياً وسياسياً واقتصادياً ومائياً ونفطياً… وكما تعني فلسطين ومستقبلها تعني مستقبل لبنان». وبين المعارضين لمرشح الثنائي الشيعي قوى تراهن بدورها على موقف خارجي يصدّ الرهان على مرشحه…
هذه الدوّامة من النفي والاتهام وردّ الاتهام تقحم الاستحقاق الرئاسي والبلد في حلقة مفرغة من الجدال الذي لا نهاية له. في كل الأحوال يدخل البلد في الأسبوع المقبل في محطات داخلية وخارجية، متوازية، على طريق المحاولات التي تبدو يائسة من قبل العديد من الأوساط السياسية، إذا بقيت هذه الحلقة المفرغة عصية على الخرق.
غداً الثلثاء تبدأ كتلة «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط لقاءاتها مع سائر القوى والكتل النيابية قاطبة، في محاولة للتفاهم حول مخارج باعتماد «التشاور» بدلاً من الحوار حول الرئاسة، وصولاً إلى عقد جلسات بدورات متتالية، انطلاقاً من تحبيذه الخيار الثالث للرئاسة، لعلّ مبادرته الوسطية تؤدي إلى تليين المواقف. ولا يخفي الذين يتطلعون إلى هذا التحرك بأن إحداث خرق عبر مبادرة الحزب التقدمي الاشتراكي يحتاج إلى إسناد بمبادرة خارجية. فهذه المبادرة بدأ التفكير بها بعد استنتاج جنبلاط الأب والابن، إثر لقائهما الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بأنه يشجع الجهد الذي يقومان به من موقعهما الوسطي الداعي إلى الخيار الثالث واستناداً إلى احتفاظهما بالعلاقة المقبولة بسائر الفرقاء.
فهل هناك مراهنة على أن يرفد الاجتماع المنتظر بين الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الأميركي جو بايدن في فرنسا قبل نهاية الأسبوع تلك المبادرة المحلية باندفاعة دولية- إقليمية، جراء إصرار ماكرون على تحقيق إنجاز لبناني؟
وليد شقير- نداء الوطن