تسريب رسالة موجهة إلى باسيل لـ”تطيير” المدير العام لكهرباء لبنان!
احتج التيار على الترفيعات في المؤسسة لأنها لا تضمن سيطرة العونيين على كهرباء لبنان
أموال وزارة الطاقة في الموازنة العامة لم تعد تلبي شهية التيار الوطني الحر وباتت العين مصوّبة على مؤسسة كهرباء لبنان. في السابق لم تحظَ المؤسسة باهتمام “التيار” المسيطر على الوزارة، فلا أموال فيها تستدعي خوض صراعات عليها، طالما أن المناقصات تتم في الوزارة. لكن بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء، واستطراداً مداخيل مؤسسة كهرباء لبنان، التي باتت قادرة على سداد ديونها، بات المطلوب السيطرة على المؤسسة، التي لم يكن مديرها العام كمال الحايك طيعاً لـ”التيار”. وتجري حالياً محاولات لاستبعاده وتعيين شخص آخر موالٍ لـ”التيار”، كما يستشف من الرسالة المرفوعة من “هيئة التيار في مؤسسة كهرباء لبنان” إلى رئيس التيار جبران باسيل.
السيطرة لا الترفيعات
صحيح أن الخلافات التي نشبت بين “التيار” وباقي الأحزاب، ولا سيما حركة أمل، في مؤسسة كهرباء لبنان مؤخراً سببها الترفيعات والتشكيلات للموظفين المقترحة من المدير العام، إلا أن الأساس في الموضوع ليس الترفيعات، بل إحكام السيطرة على المؤسسة التابعة لوزارة “التيار”. فموازنة وزارة الطاقة باتت غير كافية لعقد صفقات كبيرة مثل السابق، فيما مؤسسة كهرباء لبنان حسّنت وضعها المالي، بفعل الجباية بعد رفع التعرفة، وباتت مناقصات شراء الفيول وغيرها من المناقصات تمر عبرها. حتى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لفت منذ نحو عشرة أيام، عقب اجتماع عقده مع وزير الطاقة والحايك إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان دفعت المستحقات المتوجبة عليها للصناديق والجهات الدائنة، مثل الصندوق العربي- الكويتي، والتي تتراوح بين 5 و8 مليون دولار أميركي كانت مترتبة على الدولة منذ العام 2020.
تسريب رسالة موجهة إلى باسيل
في معلومات “المدن” حاول “التيار” التوافق مع حركة أمل وأحزاب أخرى على إيجاد تقاطعات حول الترفيعات وفرضها على الحايك، المحسوب على البطريركية المارونية، ولا ينفذ مطالب التيار. لكن المحاولة فشلت. بل أتت الترفيعات المقترحة بعكس رغبة التيار في السيطرة على المؤسسة، لا سيما أنها تشمل موظفين من كل الجهات السياسية.
وقد سبق ورفعت “هيئة التيار في كهرباء لبنان” رسالة إلى باسيل شكت فيها من مظلومية في مؤسسة يفترض أنها تابعة لتيارهم، عملاً بأن وزارة الطاقة للتيار، بحسب توزيع مغانم الوزارات على الأحزاب. وجاء في مطلع الرسالة أن مؤسسة كهرباء لبنان من المؤسسات المحسوبة على التيار الوطني الحر وأي خلل في إدارة هذه المؤسسة قد ينسحب على التيار الوطني برمته. وشكت “الهيئة” من أداء الحايك وبعض مدراء الوحدات بحق مستخدمي “التيار” في المؤسسة.
أما النقطة الجوهرية فهي ما اعتبرته “الهيئة” أنه يشكل انتهاكاً خطراً على التيار. يتعلق الأمر بدراسة ملف الترفيعات والتشكيلات، التي رفعتها مديرة الشؤون الإدارية هدى كفوري، قبل بلوغها السن القانوني مؤخراً، إلى الحايك. فالترفيعات تشمل 16 موظفاً حصة التيار فيها موظف واحد، كما تدعي الرسالة.
أعد الحايك ملف الترفيعات لرفعه إلى مجلس الخدمة المدنية، ويتضمن تعيينات لنحو 32 مركزاً إدارياً قيادياً، ونحو 96 مركزاً فنياً. فرفضت هيئة “التيار” الأمر وتحاول منع تحويل الملف إلى مجلس الخدمة المدنية. وأقدمت على تسريب الرسالة المرفوعة إلى باسيل سابقاً، خصوصاً أنه يوجد خلافات بين هيئة التيار في المؤسسة والفريق المحسوب على النائبة ندى البستاني في “اليتار” حول هذه الترفيعات.
الخلاف على الشؤون الإدارية
عدم رضى التيار على الترفيعات مرده إلى أن حصة المسيحيين موزعة على القوى المسيحية، لا التيار وحده في وزارة يعتبرها له. وفي هذا الشأن يتفق الفريق المحسوب على النائبة ندى البستاني مع هيئة “التيار” في المؤسسة، أسوة باتفاقهما على “تطيير” الحايك. لكنهما يختلفان حول منصب مدير الشؤون الإدارية. فقد عين الحايك رئيس مصلحة القضايا عزيز أنطون، بالإنابة مديراً للشؤون الإدارية، التي تعتبر من أهم المديريات. فريق البستاني لم يعلق على هذا التعيين وقبل به. لكن هيئة “التيار” في المؤسسة لا تريد هذا التعيين بل تطالب بتعيين رئيسة مصلحة المستخدمين مارونيت فرح في هذا المنصب. وبالتالي الهدف من تسريب الرسالة وصولها إلى باسيل ليعيد ويعيرها اهتماماً. والمراد منها الإيحاء أن “الهيئة” تعترض على معظم الترفيعات على اعتبار أنها تعود لأشخاص فاسدين يتلقون الدعم من المدير العام، كما تدعي الرسالة. بينما الخلاف الحالي هو على أنطون، المحارب بكل الأحوال من هيئة “التيار”، المصرة على تعيين فرح.
هدف الترفيعات بالإنابة التي قام بها الحايك هو تسيير عمل المرفق العام. وأعد كتاباً لإرساله إلى مجلس الخدمة يظهر فيه حاجته إلى تعيينات بالأصالة أو بالترفيع عملاً بتعميم مجلس الخدمة المدنية رقم 3 تاريخ 23 أيار الفائت. فبعد فضائح تكليف موظفين في الفئات الوظيفية الرابعة بمهام موظفين فئة أولى أو ثانية، لغايات سياسية (لوزارة الطاقة حصة الأسد في هذه المخالفات لأبسط قواعد القانون الإداري)، صدر كتاب عن رئيس الحكومة إلى مجلس الخدمة المدنية. وطلب الرئيس ميقاتي فيه إعداد تقرير مفصل حول جميع حالات التكليف في الإدارات لمعرفة مدى انسجامها مع القوانين المرعية الإجراء ورفع اقتراحات حولها.
في 23 أيار الفائت عمم مجلس الخدمة المدنية على كل الإدارات إلغاء كل حالات التكليف، واتباع الأصول القانونية في إشغال الوظائف سواء بالتعيين بالأصالة، عبر مباراة، أو من خلال الترفيع بالإنابة. فالتكليف حالة غير شرعية وقانونية وتستطيع الجهة السياسية تكليف موظف فئة رابعة مكان فئة أولى، فيما الإنابة حالة قانونية مؤقتة تنطبق على الموظف الأدنى رتبة مباشرة بعد الموظف الخارج من الوظيفة.
وليد حسين- المدن