صمت سياسي: هل تلغى الامتحانات الرسمية في الأسبوع الأخير؟
أين يُمتحن نحو 3 الاف طالب من النازحين المنتشرين من شمال لبنان إلى بيروت؟
رغم أن استحقاق الامتحانات الرسمية يعتبر استثنائياً جداً في ظل استمرار الحرب في جنوب لبنان، ورغم ضيق الوقت حتى موعد الامتحانات بعد نحو شهر، ما زالت استعدادات وزارة التربية دون المستوى المطلوب. فإلى حدّ الساعة لم تحدّد مراكز الامتحانات لمعرفة ما هي المراكز التي ستعتمد في الجنوب كبديل عن المراكز المعتادة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا. وهذا، معطوفاً على عدم وضع أي خطة لكيفية امتحان نحو 3 الاف تلميذ من النازحين المنتشرين من شمال لبنان مروراً ببقاعه ووصولاً إلى بيروت. فمن المعروف أن طلبات ترشيحهم هي في الثانويات التي تسجلوا فيها، والتي ما زالت مقفلة منذ مطلع العام الدراسي. ويضاف إليهم مئات التلامذة من النازحين من المناطق المحاذية للمناطق الحدودية، فثانويات هؤلاء غير مقفلة لكن خوف أهاليهم من القصف المتكرر لتلك المناطق دفعهم إلى النزوح في مختلف المناطق اللبنانية. والسؤال هو: أين يُمتحن هؤلاء الطلاب؟ فهل يمتحن طالب نازح إلى جبيل أو طرابلس في النبطية أو في صور؟
استعدادات لوجستية عادية
هذه الأسئلة المصيرية، في الامتحان الرسمي الاستثنائي، كانت تستدعي تشكيل خلية أزمة في وزارة التربية للبحث عن أجوبة عليها وعلى أسئلة أخرى تتعلق بالامتحان نفسه: بأي مناهج سينجز الامتحان؟ هل ستخصص إجراءات استثنائية لطلاب الجنوب الذين لم يتمكنوا من انهاء المناهج المقلّصة من المركز التربوي؟ أما السؤال الأهم: ما هي خطة وزارة التربية البديلة في حال تعرضت مناطق محددة كمركز امتحانات إلى قصف إسرائيلي عشية الامتحان؟ هل يمكن الطلاب حينها إجراء الامتحان في ظل الخوف والتوتر؟
جُلّ ما بدر عن وزارة التربية ضمن الاستعداد للاستحقاق بعض الأمور اللوجستية المعتمدة في أي امتحان عادي لا يحاكي الوضع الاستثنائي. فقد أرسلت الوزارة طلبات تأمين المراقبين في أيام الامتحان، وطلبت من مديري الثانويات ابلاغ الأساتذة لمعرفة من يرغب منهم في المشاركة بأعمال تصحيح المسابقات. لكن على مستوى تحديد مراكز الامتحانات وتوزعها في الأقضية، والمراكز البديلة للمناطق الحدودية والمناطق المحاذية للمناطق الحدودية، لا إجراءات حولها. ووفق ما تؤكد مصادر مواكبة للامتحانات، قبل الانتهاء من انجاز لوائح المرشحين لا يمكن تحديد المراكز. علماً أنه تم تمديد مهلة تقديم طلبات الترشيح حتى نهاية الشهر الحالي. وبعد هذه المهلة يصار إلى حصر عدد المرشحين في كل منطقة وعلى أساسها تحدد الأماكن التي تفتح فيها مراكز الامتحانات. لكن أحداً لا يملك أي جواب عن المراكز البديلة للمناطق الحدودية والمحاذية لها، رغم أن هذا الأمر حيوي للغاية. ما يعني أن هناك بطأً شديداً في كيفية الاستعداد للامتحانات الرسمية التي تعتبر استثنائية جداً هذا العام.
إجراءات استثنائية للجنوب
بما يتعلق بالمسابقات أنجز المركز التربوي للبحوث والإنماء دراسة في المناطق الحدودية لمعرفة كيفية سير الدروس وإذا كانت المدارس أنجزت المقررات المقلصة سابقاً. وتبين أن طلاب الجنوب انهوا نحو سبعين بالمئة من المناهج حتى منتصف شهر أيار. وهنالك تفاوت كبير بين مدرسة وأخرى في انجاز الدروس. لكن لم يتخذ أي قرار رسمي حول ماهية الخصوصية التي ستسري على طلاب الجنوب، حيال هذا التفاوت في عدد الدروس المنجزة. وذلك وسط حديث عن اعتماد أسئلة اختيارية ضمن المسابقة، لطلاب الجنوب، إضافة إلى المواد الاختيارية التي ستشمل كل طلاب لبنان. بيد أن الأهم في هذه القضية أن الدراسة طالت عدد الدروس المنجزة، أي التي تمكن الأساتذة من تنفيذها، وليس تمكن الطلاب من هضم الدروس واستيعابها. بمعنى أوضح لم تشمل الدراسة الطلاب لمعرفة الكفايات المكتسبة. إذ لا يكفي أن ينهي الأساتذة الدروس من بعد من دون معرفة إذا كان الطلاب اكتسبوا المهارات اللازمة.
العوائق المالية والسياسية
إلى هذه المعوقات التي تؤخر الاستعداد للامتحانات، يعتبر المعوق المالي أساسياً لإنجاز الاستحقاق من عدمه. وما جرى، حتى الان، أنه تقرر رفع ميزانية الامتحانات بأكثر من ضعفين. لكن الحديث هو عن ميزانية الامتحانات بالليرة اللبنانية التي وصلت إلى نحو 80 مليار ليرة. لكن لم تحدد الوزارة إذا كانت ستخصص حوافز بالدولار لأعمال الامتحانات، لحث الأساتذة والموظفين على المشاركة. فبدل الاتعاب بالليرة اللبنانية غير كافٍ حتى لو تضاعف المبلغ ثلاث مرات عن العام الفائت، في حال لم تخصص الوزارة حوافز بالدولار. وهذه ألامور الحيوية ستعرضها روابط المعلمين مع وزير التربية عباس الحلبي بعد عودته من لندن، لأنه على أساسها يتقرر المشاركة في أعمال الامتحانات من عدمها.
بيد أن المستغرب في الامتحانات ليس بطء استعداد وزارة التربية فحسب، بل غياب المواكبة السياسية لها. فمنذ مدة لم تخرج أي تصريحات من نواب أو وزراء الثنائي الشيعي حول الامتحانات، وسط عدم مواكبة للاستعدادات وإذا كانت كافية لمحاكاة الوضع التربوي في جنوب لبنان. فهل هذا الغياب هو بمثابة كلمة سر بأن الامتحانات قد تلغى في الأسبوع الأخير قبل موعد انطلاقها، في نهاية الشهر المقبل؟
وليد حسين- المدن