شيطنة للوجود السوري ومزايدات…و“زجل” نيابي في جلسة المليار… “الفضائحية” !
“ليس بإمكان شعب أن يحمل شعباً آخر”
“متل الولاد الصغار”. بهذه العبارة انتقد النائب جبران باسيل أمام زواره تحرّكات “القوات اللبنانية” مؤخراً التي يراها copy paste عن تحرّكات نواب وقياديّي التيار الوطني الحر لجهة التحرّكات على الأرض أو اللقاءات مع المرجعيات السياسية والدينية ضمن سياق مواجهة أزمة النزوح السوري وصولاً إلى بروكسل!
كثير من الوقائع والتواريخ والخطابات منذ العام 2011 تضع القوات في قفص التقصير عن الإحاطة بأزمة النزوح والتحذير من تداعياتها في مقابل استنفار عوني جعل من النزوح “الفالت” من دون رقابة قضية توازي بأهميتها معركة ميشال عون في مواجهة الوصاية السورية، لكن مع تصويب “البندقية” باتجاه المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي المسؤول، برأي عون وباسيل، عن مشروع إبقاء النازحين في لبنان ومحاولة إبعاد خطرهم عن دول أوروبا في مقابل تحييد مسؤولية النظام السوري.
زيارات التضامن
تشهد عرسال على زيارات التضامن مع نازحي المخيمات لمسوؤلي “القوات” وقوى 14 آذار وكذلك خطابات الدعم اللامحدود. وأرشيف معراب يؤرّخ تصريحات سمير جعجع في 12 آذار 2012 حين انتقد “بعض الأجهزة التي تتعامل على أنّ دخول اللاجئين السوريين هو دخول خلسة الى لبنان، شو هالمزح هيدا؟”، مشدّداً على ضرورة أن يكون “الموقف الرسمي اللبناني من النزوح محايداً”!
اقتضى الأمر مرور عدة سنوات قبل أن يكتشف جعجع أن “ليس بإمكان شعب أن يحمل شعباً آخر”، ويحذّر من “الخطر الوجودي لبقاء النازحين في لبنان، وبأن جميع السوريين في لبنان حالياً، وجودهم غير شرعي، باستثناء 300 ألف سوري لديهم إقامة”.
النزوح وأموال ميقاتي
في الواقع، شكّلت حادثة مقتل مسؤول القوات في جبيل باسكال سليمان على يدّ سوريين الحافز الأساس لتزخيم الحراك القواتي ضد النازحين على الأرض، مع إلقاء اللوم بالدرجة الأولى على الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجيش لناحية عدم الالتزام بتطبيق القوانين. “فالحلّ، كما يقول جعجع، عنّا وليس في الاتحاد الاوروبي”، وصولاً إلى التمرّد على “رشوة المليار” بعكس الحرب التي يشنّها باسيل منذ فترة طويلة على الأوروبيين ودورهم في تثبيت بقاء النازحين بالتوازي مع تحميل الرئيس نجيب ميقاتي مباشرة مسؤولية حكومته عام 2011 بفتح الباب أمام الدخول غير المنظّم للنازحين ثم الانصياع للأمر الاوروبي بقوة اليورو. مع العلم أنّ التيار الوطني الحر كان في تلك الحكومة بباسيل وغيره من الوزراء.
ينقل عن باسيل قوله أمام محازبيه: “أموال ميقاتي كلّها في أوروبا وبالتأكيد هو لن يتمكن من قبّ رأسه كثيراً لأنه يعرف الكلفة”!
بين باسيل وجعجع
أمام التحرّك القواتي المستجد في مواجهة دور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر الكتاب الاعتراضي المرفوع إلى ممثل المفوضية إيفو فرايسن وإعلان جعجع عن تحرّك شعبي أمام مقر انعقاد مؤتمر بروكسل للدول المانحة في 27 الجاري تذكّر مصادر باسيل بمواقف الأخير المؤرشفة في مؤتمراته الصحافية حين كان وزيراً للخارجية عام 2018 حيث كان يخاطب “المفوضية” مباشرة ويدينها بتهمة منع عودة السوريين إلى بلادهم معلناً يومها عن وقف تلقي طلبات الإقامة للعاملين في مفوضية اللاجئين.
كما كان يجري الأعداد لزيارة لوفد من التيار برئاسة باسيل إلى بروكسل وستراسبورغ وباريس بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي بعدم الموافقة على عودة النازحين السوريين إلى بلدهم والمطالبة بحمايتهم في مكان إقامتهم في لبنان لإثارة الملف من على المنبر الاوروبي، لكن اندلاع حرب غزة فرمل الزيارة التي استغرق الإعداد لها ثلاثة أشهر. ويومها كانت الزيارة ستتمّ بمعزل عن أي تنسيق مع الحكومة ومع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
الادّعاء على مفوضية اللاجئين؟
مع ذلك، أكّد جعجع في تصريح تلفزيوني بأن “القوات اللبنانية” كانت من أوائل من أثار قضية النزوح “على الرغم من اعتبار البعض “يللي جيابن وأفواههن كبيرة” أن تصرّفنا أتى متأخّراً، علماً أنّه توجّب على “هذا البعض” معالجتها، فقد كان لديه رئيس الجمهورية والأكثرية في الحكومة ومجلس النواب”، مذكّراً “بأنّنا زرنا عرسال حين حاول كثيرون تطويقها وتسويق أبنائها بأنهم “شياطين”، وما علاقة ذلك بالنزوح السوري؟”. ولمّح إلى إمكان الادّعاء على مفوضية اللاجئين “إذا لم تسحب بطاقات اللجوء التي منحوها للنازحين، وهناك فريق قانوني في القوات يعمل على الملف”.
حلف ثلاثي!
بالتأكيد ليس صعباً رصد التحاق القوات بقطار “مواجهة النزوح” متأخرة عن المسار الطويل من العراك المباشر للتيار مع دول أوروبا وUNHCR. لكن أهمية هذا التلاقي على الكوع نفسه يترجم بالحلف الثلاثي غير المنسقّ العوني-القواتي-البطريركي في مواجهة قنبلة النازحين.
هو حلف نَدر رصده في ملفات سياسية آخرى خصوصاً الملف الرئاسي، وقد يجد امتداداً له في الجلسة النيابية المقرّر انعقادها الاربعاء المقبل لإصدار توصيات في ما يتعلق بالموقف من الهبة الاوروبية، مع العلم أن لا تنسيق حتى الآن بين الحزبين في شأن مداولات جلسة المليار.
القوات تتراجع؟
لكن الملفت، وبعدما أعلن العديد من مسؤولي القوات مواقف هجومية ضد هبة المليار، قال جعجع قبل أيام من انعقاد الجلسة النيابية: “لم نهاجم الهبة، لكن تهيّأ للبعض منّا أنّه من الممكن أن تكون مرتبطة بإبقاء اللاجئين في لبنان، لذا سنستفيد من الجلسة التي دعا اليه الرئيس بري لنستوضح الحكومة ورئيسها، فإذا منحت كسواها من الهبات لمساعدة لبنان فحسب ولا علاقة لها باللاجئين، سنوافق عليها، اما في حال ارتباطها بأي امر آخر فسنرفضها”!
جلسة فضائحية؟
تعليقاً على جلسة المليار التي دعا إليها بداية رئيس الحكومة ووافقت معظم الكتل النيابية على انعقادها ثم استجاب بري لها يقول مصدر سياسي بارز لـ “أساس”: “ستكون جلسة فضائحية لجهة المزايدات التي ستشهدها وشيطنة الوجود السوري وتضارب الأرقام حول كلفة النزوح وعدد السوريين في لبنان، ولا أرى هناك أي حكمة في عقدها في ظل رفض النظام السوري عودة السوريين لأنه يريد أن يقبض عليهم”.
يضيف المصدر: “ليس دفاعاً عن الرئيس ميقاتي لكن هبة المليار ليست رشوة، فلبنان كان يفترض أن تدفع له الأموال منذ سنوات جرّاء تكبّده خسائراستضافته لأكثر من مليون ونصف نازح سوري. وبهذا المعنى هل مَنِح الاتحاد الاوروبي ثلاثة مليار يورو لتركيا بوجود 3 ملايين و600 ألف نازح سوري على أراضيها هي رشوة، كذلك الهبات المقدّمة للأردن الذي يستضيف مليون و200 الف نازح سوري؟
ملاك عقيل- اساس