مسلسل “ما اختلفنا” يخالف سواه من المسلسلات المعروضة: الإنسان العربي من الزعيم إلى الأجير
خالف مسلسل “ما اختلفنا” سواه من المسلسلات المعروضة في شهر رمضان الحالي، مبتعداً عن خطوط العنف والقسوة والمشاهد المؤلمة، فاختار الخوض بمواقف كوميدية سلسة، في حياة الإنسان العربي، وما يعيشه من هموم يومية بمختلف شرائحه، من الغني إلى الفقير.
وبرعت لوحات العمل الكوميدي في ولوج حالات اجتماعية قائمة ومستجدة من صميم الواقع، ليمسّ المشاهد بحالات عايشها أو مرّ فيها من قريب أو بعيد، معالجةً بأسلوب فنيّ خلاّق، وكاريكاتوري أحياناً، تتراوح من القضايا الكبرى، على غرار الحكم والسلطة والغربة، وصولاً إلى الأمور الإجتماعية كالغيرة والحياة الزوجية والمتغيّرات التكنولوجية، وأيضاً ملفات شائكة في العلاقة بين الرجل والمرأة، من دون إغفال مشاكل الموظفين وعنائهم اليومي.
وبرزت لوحات عدّة في هذا الأطار، على غرار “البديل”، حيث يلجأ زعيم إلى استنساخ شبيه من أجل الحصول على كلية، بعد تعذّر الحصول على واحدة مناسبة من “عامة الشعب” ومن المسؤولين “الذين يحملون الخيانة في دمائهم”، ولكن المفاجأة الطبيعية تظهر حين تأتي النسخة بطبع مماثل للأصل، ما يدفعها إلى الإنقلاب والسيطرة على الحكم!
وخاضت لوحة أخرى بعنوان “خيارك الذكي” التأثيرات التي أحدثتها شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال قصة شاب يذهب مع أهله لطلب يد فتاة في منزل ذويها، حيث أصبح المقدّم والمؤخّر و”ملبوس البدن”، عبارة عن صفحات ومتابعين على الـ”سوشيال ميديا” التي بات “المؤثّر” عليها أهم من حامل العلم والشهادات الجامعية!
وعالجت لوحات شؤوناً محلية في بعض الدول العربية، على غرار أزمة انقطاع الكهرباء في سوريا ولبنان، فتحوّل صاحب “الطاقة البديلة” في منزله، إلى “عريس لقطة” ومحط غيرة الجيران. وذلك بالإضافة إلى محاولة السكان الهجرة هرباً من الظروف الصعبة بشتى السبل، رغم خطورة المسارات، ولو بلغ محاول الهرب من العمر عتياً، حتى إذا إضطر إلى تسميم صديق العمر! وفي هذا الإطار، تصدّرت لوحة جسّدت برودة الغربة وقسوتها على أهل طاعنين في السن، يعانون بُعد أولادهم المتفرّقين في أنحاء شتّى.
وحضر الحب في أكثر من لوحة، حيث تمّ تشريح مراحله بطرافة من النظرة الأولى إلى الإعجاب وصولاً إلى انتهائه وتخطّيه، بالإضافة إلى طرح معادلة الحب في مواجهة الفقر المنتصر في النهاية، فالعاطفة وحدها لا تأوي ولا تُشبع.
ومن المواضيع التي ناقشها “ما اختلفنا”، العلاقة الزوجية من أبواب لطيفة، كاعتماد زوج على عصابة لخطف زوجته من أجل تخسيس وزنها، فتبادله بالمثل، ولكن من أجل إكسابه ما فقدته، في إشارة إلى اختلاف وجهات النظر والمعايير الجمالية بين الطرفين، كما تناولت اللوحات تعدّد الزوجات والنكد في المنزل، وغيرها من آفات البيوت.
وطرح المسلسل الكوميدي لوحات منفصلة متصلة لطرق مجموعة من الملفات، كعيادة طبيبة مختصة بـ”الكيد النسائي”، تساعد من تريد الحصول على زوجة صديقها، أو التأكّد من زواج شريكها من أخرى، من خلال تقديمها نصائح شيطانية!
وعلى الصعيد الإعلامي، سلّط الضوء على السلوك الإعلامي في المصائب والأحداث، فالمراسلة أو المذيعة تفترس بكاميرتها المرافقة الضحايا، أي تكون المصيبة التي فُجعوا بها!
واللافت أنّ “ما اختلفنا” تفوّق على هذا النمط من الأعمال التي سبقته، من حيث الاعتماد الكبير على الكراكتيرات وتنوّعها في اللوحات التي فاقت المئة، مع قدرة الممثلين على التلوين في أدواتهم المختلفة شكلاً وأداءً، من بطولة نخبة من أبرز نجوم الكوميديا في سوريا ولبنان: باسم ياخور، عبد المنعم عمايري، منى واصف، نظلي الرواس، محمد خير الجرّاح، نادين تحسين بيك، نوار بلبل، نبال الجزائري، محمد حداقي، غبريال يمين، أندريه سكاف، ريم علي، ديمة الجندي، شادي الصفدي، رنا شميس، سلمى المصري، جمال العلي، غسان عزب، عبد الرحمن قويدر، مازن عبّاس، سليمان رزق، دلع نادر، آنّا السيّد، سيرينا محمد…
وحمل المسلسل توقيع شركة شركة “ميتافورا للإنتاج الفني”، من تأليف مجموعة من أبرز الكتّاب العرب، بإشراف الكاتب زياد ساري والمنتج المنفّذ أسامة الحمد، وإخراج وائل أبو شعر، الذي قدّم حلولاً بصرية جديدة على الصعيد الكوميدي مع قدرة على التجديد بين لوحة وأخرى من حيث الصورة والمواضيع والشخصيات، والأبرز توأمة الكادرات مع الموقف أو الحوار برؤية تعد بالكثير فنياً.
النهار العربي