مَن يشعل الحرائق في استديوهات مصر؟
فُجع الوسط الفني المصري فجر السبت بحريق هائل شبّ في موقع تصوير «المعلم» أحد المسلسلات التي تُعرض حالياً ضمن سباق مسلسلات رمضان. وأتت النار على ديكور السوق والحارة بالكامل وفقاً لما أكّد العاملون في المسلسل، فيما بات مصير المشاهد المتبقية من التصوير غامضاً. ليس الأول، لكنه الأعنف والأخطر حتى الآن هو حريق ديكور الحارة الشعبية في استديو «الأهرام» التاريخي الذي تأسّس في منتصف عقد الأربعينيات من القرن الماضي، حيث كانت تصوَّر مشاهد سوق السمك والحارة في مسلسل «المعلم» (بطولة مصطفى شعبان ـــ كتابة محمد الشواف، إخراج مرقس عادل ــ قناة «الحياة» وWatch it). وبما أنّ معظم تصوير المسلسلات ما زال مستمرّاً رغم مرور أسبوع كامل على شهر الصوم، باتت علامات الاستفهام قائمة، ليس فقط عن السبب وراء الحريق، لكن أيضاً كيفية استكمال المشاهد المتبقية من الحلقات الأخيرة فيما موقع التصوير مدمَّر بالكامل.
اندلع الحريق بعد دقائق على مغادرة فريق العمل «اللوكيشن» لتصوير مشاهد أخرى في بلاتوه «استديو الأهرام» المجاور للحارة المحترقة. أمر أسهم في نجاة العاملين في المسلسل من ممثلين وفنيين، فيما أوردت تقارير صحافية أنّ ثلاثة لقوا حتفهم هم عامل إطفاء واثنان من كبار السن قاطني شقة مجاورة للاستديو، حيث تضرّرت سبعة عقارات من الحريق الذي انتقل إليها بسبب عدم وجود أي عوازل وقائية بين أخشاب الديكور وجيران الاستديو، في تكرار يكاد يكون متعمّداً لترك بلاتوهات التصوير من دون حماية، بشكل يجعل الحرائق تتكرر ودائماً ما يكون المتهم هو الإهمال والماس الكهربائي.
أسرة المسلسل أصيبت بصدمة بالغة، واكتفت يومَي السبت والأحد بالتأكيد على سلامة أفراد الطاقم وبعدم التصريح حول مصير المشاهد المتبقية وكيفية تصويرها في ديكور آخر، فيما رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، ووزيرة الثقافة نيفين الكيلاني قاما بزيارة موقع الحريق بسبب المكانة التي يتمتع بها الاستديو، وكذلك مواساة الأهالي الذين تضرّروا من الحريق الذي امتد إلى شققهم. لكنّ رئيس الحكومة تفادى بلاتوهات «استديو الأهرام» التاريخية التي لم تقترب منها النيران، فيما احتاج رجال الإطفاء قرابة ستّ ساعات للسيطرة عليها، بجانب يوم كامل لتبريد المكان تفادياً لاندلاع الحريق من جديد.
مخرج المسلسل مرقس عادل نفى في منشور على فايسبوك، شائعة ربطت بين الحريق وتفجير سيارة ضمن الأحداث، مؤكّداً على أنّ مشهداً مماثلاً لم يتم تصويره في الأساس، فيما أكد نقيب الممثلين أشرف زكي أنّ المسلسل سيكمل مشواره حتى الحلقة الأخيرة، لكنه لم يحدد الكيفية التي سيتم بها الأمر، موجّهاً الشكر للدولة على «تدخلها السريع وصرف تعويضات للمتضررين»، مع العلم أن الاستديو حالياً تحت إدارة وزارة الثقافة، أي إنّه صرح حكومي، ما يجعل كثيرين يتطلّعون إلى نتائج التحقيقات من أجل تحديد المتسبّب الرئيس في الحريق.
على مدار عقود، شهد «استديو الأهرام» تصوير عشرات الأفلام والمسلسلات من بينها «أرابيسك» و«حديث الصباح والمساء»، و«ابن حميدو» و«الهاربة»… كما شهد أحداث المشهد الكوميدي الشهير من فيلم «عائلة زيزي»، وهو ما يفسر حالة الأسى التي سادت الوسط الفني بسبب الحريق، مقارنة بحريق «بيت الكبير» الخاص بمسلسل «الكبير» الشهر الماضي الذي أتى على موقع التصوير الداخلي الرئيسي في المسلسل.
حريق «المعلم» ومن قبله «الكبير» ليس استثناءً، فكل مدة تشهد مواقع التصوير في مصر هذه النوعية من الحرائق التي تأتي عادةً على الديكور كاملاً بسبب غياب إجراءات الحماية المدنية والكم الكبير من الأخشاب والمواد سريعة الاشتعال في تلك المواقع بشكل يؤكد عدم التعلم من دروس الماضي في كواليس الإنتاج الفني في مصر، ويستبعد احتمال الحريق المتعمّد كون أصابع الاتهام عادة ما تتجه سريعاً إلى الإهمال وغياب أبجديات الحماية المدنية.
الاخبار