ما الذي دخل أو خرج عبر المطار خلال اختراقه: “هل هناك ما قد يُراد تمريره خارج نظام التفتيش والمراقبة؟
خلص وزير الأشغال العامة والنقل، علي حميّة، إلى أن “القوى الأمنية ستقوم باستكمال تحقيقاتها لتحديد كيف حصل الخرق ومصدره”. هي خلاصة لم يكن من المنتظر أن يُعلَن سواها كردٍّ على حادثة اختراق حواسيب المطار يوم أمس الأحد، وبثّ إعلان نُسِبَ إلى ما يسمّى “جنود الربّ وشعبه”، ويؤكّد على أن “مطار رفيق الحريري مش مطار حزب الله وإيران”، ويبلغ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بأن لن يجد نصيراً له في حال ابتلي لبنان بحرب. وكذلك، يقول الإعلان “يا حزب الله ما راح نحارب نيابة عن حدا. طيرتو مرفأنا والآن بدكن تطيروا مطارنا بسبب إدخال السلاح”.
ومَع أن حميّة بصفته وزير الوصاية على المطار، طمأن إلى أن “80 بالمئة من الأضرار في المطار إثر الخرق عولجت”، لكن الكثير من التساؤلات تذهب أبعد من التطمينات، لما لها من انعكاسات على المطار والبلد.
خلاصة غير كافية
بتكتّم شديد وعبارات مقتضبة، أعلن حميّة في مؤتمر صحافي أنه “تمّ اتخاذ إجراءات جذرية منذ يوم أمس، ومنها إيقاف كل التواصل الخارجي مع المطار بعد حادثة الخرق التي تسببت بأضرار”. وأكثر من ذلك، لم يكن لدى حميّة ما يقدّمه نظراً لحساسية الموضوع من الناحية الأمنية. وعليه فإن هذا الموضوع “يخصّ الدولة اللبنانيّة، ونتائج التحقيق ستصدر بعد أيام”.
وما يهمّ حميّة قبل صدور النتائج الرسمية هو عدم تأثّر رحلات الطيران بحادثة الخرق. فقد سجّل المطار “مغادرة 3000 شخص خلال الساعات الماضية”. علماً أن الأجهزة المختصة في المطار، اعتمدت خطة بديلة للتفتيش إثر تعرّض أجهزة التفتيش للقرصنة بفعل الاختراق، ولم يعد بالإمكان عرض ما يتم نقله على المعدّات المخصصة للتفتيش إلكترونياً. وما حَصَرَ الأضرار، هو عدم تأثّر أجهزة الكمبيوتر التي تتحكّم بالأعمال والخدمات الأخرى في المطار، ومنها أجهزة الرصد ومتابعة حركة الطيران وما إلى ذلك.
وبالتالي، وصلت القضية إلى هذا الحدّ الضئيل من المعلومات المفرَج عنها، على أن يُحال الباقي إلى التحقيقات. وإلى حينه “لا توقيفات” برأي حميّة، ولا يمكن معرفة ما إذا كان الخرق قد تمّ “من داخل المطار أو خارجه. أو إذا كان العدوّ الإسرائيلي هو المسؤول أم لا. فكل ذا سيتبيّن خلال الأيام المقبلة”.
فجوة زمنية ضائعة
استمرّ وصول الطائرات وإقلاعها، ولم تبلِغ أي شركة طيران إلغاء أو تأخير رحلاتها، ما يعني غياب المخاوف الأمنية المرتبطة بحادثة الاختراق. لكن مع ذلك “يجب اتخاذ الحيطة لأن الأحداث المشابهة، مع أحداث أخرى تتكرّر في المطار، قد تعطي صورة لدول وشركات العالم بأن المطار غير آمن، وبالتالي البلد غير آمن. خصوصاً وأن المطارات هي بوابات الدول”، وفق ما تراه مصادر متابعة للملف.
وتجد المصادر في حديث لـ”المدن”، أن مثل هذه الأحداث لديها انعكاسات أمنية واقتصادية بشكل او بآخر، فأي خلل أمني في المطار “قد يرفع نسبة المخاطر لدى شركات الطيران وشركات التأمين التي تسارع عادة إلى زيادة كلفة التأمين، ما سينعكس حكماً على أسعار تذاكر السفر، لأن شركات الطيران ستحمِّل المسافرين كلفة التأمين”. وتضيف، أن صَبغَ البلد والمطار بصبغة غير آمنة، يستدعي “تكثيف وجود القوى الأمنية داخل المطار وفي محيطه، وهذا ليس بالصورة الجيّدة لأي بلد، ولا يعكس التواجد الأمني الكثيف صورة عن الأمان.
في العمق الاقتصادي، لم تستدعِ الحادثة أي تغيير في دور المطار “سيّما وأن مطار بيروت يلبّي بشكل أساسي حركة الركّاب ويقدّم بعض الخدمات كوجود السوق الحرّة، لكن ليس فيه مرافق قد يؤثّر اختلال عملها على اقتصاد البلاد”.
تطيمنات حميّة وعدم انقطاع حركة الطيران، بالإضافة إلى عدم تخطّي تأثيرات الاختراق حَرَمَ المطار، يرفع احتمالات أن يكون سبب الاختراق وهدفه النهائي “داخلّي بحت”. بمعنى أن “هناك ما قد يُراد تمريره خارج نظام التفتيش والمراقبة، وهو ما تم استهدافه بالاختراق”. وهذا الرأي، راجحٌ لكنّه غير مؤكّد رسمياً، ولذلك “يُنتَظَر صدور تقرير رسمي عن القوى الأمنية والجهات التي تتولّى التحقيق بالحادثة، لتتبيَّنَ الحقيقة. ولا يُفتَرَض أن يغيب عن بال الجهات المحقِّقة نوع البضائع والحقائب التي قد تمرّ خلال فترة الاختراق وما أحدثه من فوضى قد يُستفاد منها بشكل أو بآخر”.
خضر حسان- المدن