عراقي أتى إلى لبنان لتمضية إجازة الأعياد.. فقُتل ثأراً: عملية قتل مدبرة عراقيا”!
في لحظة واحدة، انتهت حياة السائح العراقي آزاد كوركيه. هُدرت دماؤه فجأة، وتحولت زيارته الترفيهية للأراضي اللبنانيّة إلى فاجعة
في لحظة واحدة، انتهت حياة السائح العراقي آزاد كوركيه. هُدرت دماؤه فجأة، وتحولت زيارته الترفيهية للأراضي اللبنانيّة إلى فاجعة، بعدما عثر عليه جثة هامدة في منطقة كسروان.
تقاليد الثأر
والواقع المأساوي الذي تعيشه بعض المجتمعات، أن الجرائم تُرتكب فيها باسم العادات والتقاليد والأعراف؛ وتقاليد الثأر العشائري تحظى بـ”مباركة” الأهل والأقارب. لذلك، ليس مستغربًا القول إن أفراد العشائر قد تُخطط للسفر من بلدٍ إلى آخر، لتنفيذ الجريمة والأخذ بالثأر؛ تحت شعار “الثأر لا يموت”. هذا تمامًا، ما حصل مع القتيل العراقي، فكانت بيروت محطته الأخيرة.
في الرابع من كانون الأول الجاري، وصل آزاد برفقة صديقه إلى مطار رفيق الحريري الدولي، لتمضية إجازته في بيروت، بعدما أقنعه صديقه بأهمية زيارة لبنان خلال الأعياد المجيدية ومناسبة رأس السنة.
عملية قتل مدبرة
لدى وصوله، استقبلته مجموعة من الشبان، الذين تبين لاحقًا بأنهم أفراد العصابة الذين نفذوا الجريمة. وجهزوا السيارات ذات اللوحات الخضراء، على اعتبار أنهم سيوفرون كامل الخدمات التي سيحتاجها آزاد وصديقه خلال مكوثهما في بيروت. ساعات قليلة وانقطع التواصل مع الضحية واختفى. لتظهر التحقيقات لاحقًا بأن صديقه الذي رافقه في زيارته الأخيرة، عاد إلى العراق بعد تسليمه لأفراد العصابة.
حاولت عائلة الضحية المقيمة في العراق، التواصل معه هاتفيًا للاطمئنان عليه، إلا أن هواتفه المحمولة خرجت عن الخدمة. وللتحري عن مصيره، حضر شقيقه من العراق إلى لبنان، قاصدًا القضاء اللبناني لمساعدته. وقُدمت شكوى أمام النيابة العامة التمييزية، بوكالة المحامي علي الدبس، حول اختطاف آزاد فور وصوله إلى لبنان. وحُولت القضية إلى المحامي العام التمييزي، القاضي صبوح سليمان، الذي كلّف المباحث الجنائية المركزية بالتحقيقات.
تحرك قضائي
وبالفعل، تمكنت المباحث الجنائية المركزية برئاسة العميد نقولا سعد، من إنهاء كامل التحقيقات خلال أسبوع واحد فقط؛ وكُشفت هويات المتورطين في تنفيذ الجريمة، بعدما رُصدت كاميرات المراقبة الموزعة في مطار رفيق الحريري الدولي، ومراقبة حركة السيارات التي استخدمت. وبعد تقديم كافة التفاصيل وعرض الأسماء والمعلومات التفصيلية عنهم، أصدر القاضي صبوح سليمان مذكرات توقيف دولية بحقهم، وعممت بلاغات الإنتربول عبر شعبة الإتصال الدولية.
وفي التفاصيل، فإن آزاد (42 عامًا)، متزوج وأب لطفلة، يملك وكالة لتجارة التبغ في دبي، وشركة للأمن في محافظة أربيل بإقليم كردستان، قُتل في لبنان بسبب تقاليد الثأر العشائري، ودفنت الجثة في جرود كسروان، وقد استدرج إلى لبنان من أجل تنفيذ عملية الثأر.
تعود أسباب هذه الجريمة إلى حزيران الماضي، وخلال نزاع مسلح في محافظة دهوك (المحافظة الغربية في إقليم كردستان العراق) بين أبناء العشيرة التي ينتمي إليها القتيل (عشيرة القطروشي)، قُتل ابن عم آزاد. ومن أجل ذلك، قرّر شقيق القتيل الأخذ بثأر أخيه، وقتل آزاد.
وتنفيذًا لعملية الثأر، استعان شقيق القتيل (المخطط لجريمة القتل) بمجموعة من الشبان الأجانب لمساعدته، فحضروا من تُركيا والعراق إلى لبنان خلال الأسابيع الماضية، وبعد تنفيذ الجريمة، عادوا إلى بلدانهم.
ومن خلال متابعة تحركات السيارات التي استخدمت، تبيّن بأنهم توجهوا من بيروت نحو كسروان، وبعد أيام متواصلة من المراقبة وتجميع المعلومات، أظهرت التحقيقات خروجهم من الأراضي اللبنانية وهروبهم. ومن ثم بدأت عملية البحث عن الجثة التي دُفنت في كسروان، والتي وجدت في خراج بلدة بقعتوتة، على أن تسلم إلى عائلة القتيل في إقليم كردستان العراق، بعد استكمال التشريح والتقرير الطبي للطبيب الشرعي.
هذه القضية بما تحمله من تفاصيل مأساوية، تمكنت من تحريك الجانب العراقي الذي أثنى على جهود المدير العام لقوى الأمن الداخلي في إنهاء التحقيقات خلال أيام قليلة. بدورها، أعلنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني في بيان رسميّ عن عثورها على الجثة في الثامن والعشرين من كانون الأول الجاري، في خراج بلدة بقعتوتة بعد دفنها من قبل مجموعة أشخاص من جنسيات مختلفة.
فرح منصور- المدن