تهديد للجيش بقتل 5 عناصر منه إثر مقتل مطلوب من آل زعيتر في”الليلكي” !

على امتداد مستديرة الليلكي والأوتوستراد المؤدي إليها نزولًا باتجاه فرع الجامعة اللّبنانيّة – الحدث، شرقي جنوب الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت، تنتصب صورة جديدة لأحد أبناء عشيرة “آل زعيتر”، عُلقت إلى جانب عشرات الصور التّي تراكمت منذ عشرين سنة لوجوه أبناء العشيرة نفسها. بعضهم، في الصور، يقف أمام سيارة “بي أم دبليو بطة” (BMW E30) يُدخن، متجهمًا، بعضهم الآخر يمتشق السّلاح الحربيّ، متموضعًا أمام الكاميرا بفائض “رجولة”، فيما تتوزع هذه الصور، إلى جانب العبارة الشهيرة لمؤسس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى وحركة أمل الإمام موسى الصدر: “السّلاح زينة الرجال”.

أما الصور المُعلقة حديثًا والمُذيلة بلقب “شهيد الغدر”، فهي صور “حسين يوسف زعيتر”، المُلقب بأبو علي زعيتر، مواليد عام 1989، أحد أخطر مجرمي المحلة المعروفة بخروجها التّاريخيّ عن القانون، فضلًا عن الكثافة السكانيّة والفوضى الغامرة.
وزعيتر، الذي تمكنت وحدة مخابرات الجيش اللّبنانيّ من الإطباق عليه أخيرًا، بعد محاولات شتّى لتوقيفه بموجب عشرات مذكرات التّوقيف، قضى متأثرًا بجراحه أثناء العمليّة النوعيّة للجيش.

مداهمة ليليّة
مساء 2 تشرين الثاني الجاري، وبالتّزامن مع التّحضيرات لخطبة أمين عام حزب الله حسن نصرالله، داهمت قوّة من مخابرات الجيش، محل القهوة وألعاب التسليّة الذي يملكه زعيتر في المحلة نفسها، حيث كان المطلوب، بما يناهز عشر مذكرات توقيف قضائيّة و90 وثيقة اتصال (وهي رديف بلاغ البحث والتّحري، لكنه يصدر عن مديريّة المخابرات في الجيش، ومن دون إذنٍ قضائيّ)، موجوداً مع عصابته الإجراميّة ومقربين منه، بحسب مصدر أمني، يلعب “البلياردو”.

إلا أن المداهمة تحولت لاشتباكٍ بين عناصر الجيش وزعيتر وعصابته المُسلّحة، التّي قامت بأمرٍ منه بإشهار الأسلحة ومقاومة العناصر. ولدى إشهار المطلوب، سلاحه الحربيّ، وإطلاقه عيارًا ناريًّا باتجاه العناصر، ردوا بالمثل، ما أدى إلى إصابة زعيتر بجروحٍ بالغة. وفيما هربت العصابة من محيط القهوة التّي قام الجيش بإخلائها، عاد بعضهم بعد دقائق، مُسلّحًا، مطلقين النار باتجاه الدوريّة وملالات الجيش التّي توزعت في المنطقة، بغية خطف زعيتر من يدّ العناصر، لكن الدوريّة تصدت لهذه المحاولات. وسارعت الدوريّة لنقل المطلوب إلى المشفى، لكنه وصل إلى الطوارئ، لافظًا أنفاسه الأخيرة.

تاريخٌ حافل
وزعيتر المتحدر من قرية الكنيسة، جنوبي مدينة بعلبك، والمُرتبط بإحدى الفتيات من العشيرة، هو من أصحاب السّوابق الجنائيّة والمطلوب قضائيًّا بجرائم متنوعة أبرزها: السّلب والسّرقة بقوة السّلاح في عدّة مناطق منها الضاحيّة وبيروت وجبل لبنان، القتل المتعمد، التّرويج للمخدرات، تجارة الأسلحة والذخائر، تأليف عصابة مُسلّحة، الخطف، إطلاق الرصاص العشوائي عشرات المرات وإصابة المواطنين وآليات وأفراد من الجيش اللّبنانيّ، ترويع المواطنين وافتعال المشاكل.. وغيرها.

وأشارت المصادر الأمنيّة التّي تواصلت معها “المدن” أن مخابرات الجيش تمكنت لاحقًا من توقيف “يدّه اليمنى” وأحد مُطلقي النار على دوريّة الجيش ليلة المداهمة، المُلقب بـ”أبو عجاج” وهو من التّابعيّة السّوريّة، الذي تمّ الكشف عن تورطه في عدّة جرائم خلال التّحقيق، حيث أدين في سلسلة من الأنشطة الإجراميّة، بما في ذلك ارتكاب جريمة قتل لمواطن سوري في 10 آذار الفائت في منطقة اللّيلكي، وأصيب فيها 12 شخصًا، ومحاولة اغتصاب امرأة في الشارع العموميّ، وخطف، وسرقة ما يربو عن 2000 دراجة نارية من مناطق متفرقة، وإطلاق رصاص عشوائيّ، وكانت معظمها خلال عمليات سلب لدراجات نارية تابعة للمواطنين.

ردّ العشيرة
أما اللافت، فكان ردّ عشيرة آل زعيتر، فبدايّة أقامت العشيرة مراسم العزاء والتّأبين للمطلوب فيما تمّ دفنه في مدفن “حيّ السّلم” القريب من المحلة بوجود عسكريّ لافت للجيش طوق مستديرة الليلكي ليومين متتاليين، أمام القهوة التّي قُتل فيها، لمدّة أسبوع. حضر المراسم عشرات المعزين، وتخلّلها خطب لأبناء العشيرة التّي تضمنت تهديدًا ووعيدًا بأخذ “ثأر” حسين زعيتر، من الجيش وكل من تسبب في مقتله، تبعها موجة تحريض واسعة ضدّ الجيش، والأجهزة الأمنيّة. فيما قام أخوه بإطلاق النيران مرتين أمام ملالات الجيش الحاضرة، على امتداد أوتوستراد الليلكي. متوعدًا الجيش بقتل خمسة عناصر، ثأرًا لأخيه. فيما طالبت أسرته قيادة الجيش بالتّحقيق في وفاة ابنها و”محاسبة المرتكبين”.

هذا وسط استنكار واسع لرهط لا يُستهان به من أبناء العشيرة، الذين اعتبروا أن الجيش قام بمهامه على أكمل وجه، لفرض الانتظام العام في المنطقة التّي حيّدت نفسها عن سلطة القانون والمؤسسات الدستوريّة (ينحصر وجود القوى الأمنيّة فقط في مخفر المريجة بينما ينحصر وجود الجيش في الجامعة اللبنانيّة). فيما ذكرت المصادر المطلعة في المحلة أن ثنائي حزب الله وحركة أمل، لم يتدخلوا نهائيًّا بكل السّجال، ولم يصدر عنهم أي موقف رسميّ حتى الآن.

أما موجة التّحريض فمستمرة حتّى حينه، وسط توجسٍ لأهالي المنطقة التّي لا تخلو يوميًّا من الإشكالات الأمنيّة والعشائريّة، كما في البقاع الشمالي. وقد فشلت كل المعالجات الأمنيّة والقضائيّة في تدارك هذا التّفلت الحاصل، لاستحكام منطق العشائر الذي تغض عنه الطرف قوى الأمر الواقع، الحزبيّة والسّياسيّة.

المدن

مقالات ذات صلة