لبنان بلا ملاجئ أو أجهزة إنذار…
لبنان عاش الأزمات والحروب منذ لحظة تأسيسه، ويحده من جنوبه عدو دائم الاعتداء عليه، ومع ذلك يكاد في العام 2023 ينعدم فيه وجود ملجأ في حال قصفت اسرائيل مجمعاته السكنية، ولم يعد لديه “زمور الخطر” أو نظام الانذار لتحذير مواطنيه من خطر قادم، على الرغم من أن الفرق بين الحياة والموت قد يكون ثانية واحدة، وبالتالي على ماذا اعتمدت الدولة اللبنانية طيلة السنوات لإبقاء مواطنيها آمنين؟
كانت الأبنية في فترة السبعينيات مجهزة بالملاجئ، التي يتجه اليها اللبنانيون عند سماع “زمور الخطر” ولكن بعد انتهاء الحرب، ودخول مرحلة السلم، توقف العمل بجهاز الانذار، ولم تعد الدولة تهتم إن بنيت الملاجئ تحت الأبنية أم لا، بينما في اسرائيل، تم بناء الملاجئ وأصبح جهاز الانذار مطوراً لدرجة أنه يمكن تحميله على الهاتف كتطبيق، يحذر المستوطنين من خطر الصواريخ.
ويقول العميد الركن هشام جابر لموقع “لبنان الكبير”: “حسب القانون كل بناية لا تأخذ ترخيصاً إلا إذا كان فيها ملجأ مستوفي الشروط لكل سكان البناية في حال الخطر، ومن المفترض أن يقوم الدفاع المدني بجولات تفتيش دورية للتأكد من تجهيزات هذه الملاجئ ولو لمرة في السنة، وإن كان أصحاب الأبنية حوّلوها إلى مستودعات أو مواقف سيارات، يتم تغريمهم بمبلغ كبير، وعليهم تصحيح المخالفة، هكذا يقول القانون”.
هذا بالنسبة الى بيروت، أما في القرى فيؤكد جابر أن على البلديات أن تنشئ ملاجئ في نطاقها، ويجب أن تستوفي كل الشروط.
ومن جهة فاعلية الملاجئ أمام الأسلحة المتقدمة كالقنبلة الفراغية، يشير جابر إلى أن الحماية التي تؤمنها نسبية، لافتاً الى أن “القنابل التي ترميها اسرائيل ليست كلها متطورة كالفراغية وغيرها، بل يمكن اعتبار هذه الحالة استثناء، إلا أن في لبنان ليس هناك 10% ملاجئ، وبهذا يكون المواطنون معرضين للخطر من الأسلحة الخفيفة حتى”.
لطالما اعتمدت الدولة على النزوح الداخلي كوسيلة لحماية المواطنين، كون الحروب على لبنان لم تكن شاملة تاريخياً، فاسرائيل لديها هدف بث الشقاق في المجتمع اللبناني وعدم إغضاب أوروبا وغيرها، وكانت البروباغندا أن المعركة مسلمة – يهودية، ولذلك كانت تتجنب قصف المناطق المسيحية، في فترة الثمانينيات، ما دفع الدولة إلى الاعتماد على نزوح اللبنانيين إلى مناطق تعتبر غير معرضة للقصف في حال الحرب في السنوات اللاحقة. وكذلك اعتمدت الدولة على المدارس، التي أصبحت مراكز للنازحين خلال كل حرب، على أساس أن قصفها سيؤدي إلى رد فعل دولي ضد اسرائيل، وهذا ما تقترحه حتى خطة الطوارئ الأخيرة التي وضعتها الحكومة بعد التوترات الحدودية منذ عملية “طوفان الأقصى” ولم تفكر الدولة خلال عقود من الزمن في بناء ملاجئ آمنة للناس، إن كان تحت الأبنية كما يفرض القانون، أو مراكز ايواء خاصة في كل قضاء أو محافظة.
تجدر الاشارة الى أن اسرائيل كما يبدو تعتمد الفكرة نفسها في مستوطناتها في الجليل الأعلى، حيث يتم إجلاء المستوطنين من الشمال، خلال أي حرب. ويعزو العميد جابر الأمر إلى كون “المنازل في الجليل الأعلى، بغالبيتها مثل منازل القرى، وتعتمد الموديل الأميركي”.
أما عن أنظمة الانذار، فحدث ولا حرج، اذ أن الدولة لم تفكر حتى في هذا الأمر، بينما العدو يمتلك أحدث الوسائل. فماذا يمنع أن يكون للجيش رادارات رصد وأجهزة تتبع، يمكنها تحذير المواطنين عبر رسائل نصية أو تطبيق الكتروني، في حال أطلقت صواريخ أو كانت هناك طائرات حربية قادمة باتجاه منطقة ما؟ يعلق جابر على الأمر قائلاً: “في لبنان سرقوا الأموال، وقد حرم الجيش اللبناني من أبسط حاجاته منذ التسعينيات، بحيث راهنت الدولة على السلام، وعدم الحاجة إلى تقوية الجيش”.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير