التغيير الديموغرافي الأخطر : الدمج بات امراً واقعاً!
من الواضح ان النزوح السوري بات يشكل عبئا حقيقيا على المجتمع اللبناني برمته ويزعزع ديموغرافيته، والتحذيرات التي يطلقها السياسيون والأكاديميون لا تلقى التعاون الدولي المطلوب حيال هذا الملف الحسّاس، خصوصا مع موجة النزوح الجديدة، التي تسجل يوميا دخول اعداد كبيرة من السوريين عبر المعابر غير الشرعية، بمساعدة عصابات تهريب البشر مقابل مبالغ مالية كبيرة، لذلك أصبح من المُلح على الدولة اللبنانية، وبحسب مصادر متابعة للملف، الضغط على كافة المستويات من اجل إيجاد حل لهذه القضية، لا سيما مع استمرار هجرة الشباب اللبناني، والحديث بتآمر دولي لمحاصرة لبنان من خلال العمل على صهر هويته وتشويه مستقبله.
فحتّى المنظمات الحقوقية، تضيف المصادر، لم تقم أي اعتبار للدولة اللبنانية والقوانين المرعية فيها، والدليل ان الامن العام اللبناني لم يتسلم قاعدة البيانات الخاصة بالنازحين السوريين. وهذا يؤكد ان الاعداد تفوق التقديرات التي يتم التداول بها. وفي حال كُشفت الوثائق الحقيقية، فإن العواقب ستكون وخيمة في ظل غياب خطة واضحة لعودة النازحين من قبل المجتمع الدولي. فهؤلاء “استوطنوا” الأملاك العامة، والبلدات والقرى اللبنانية والسهول الواسعة والأراضي الزراعية والمشاعات الخاصة والعامة وحتّى المدارس.
اللقاء الأخير مثمر… الا إذا!
وعلى مقلب تربوي متّصل، بات ملف النازحين السوريين هذه السنة يشكل تهديدا حقيقيا للطلاب اللبنانيين، فالأعداد تتضاعف في القطاعين الرسمي والخاص على حد سواء للاستفادة من دعم الدول المانحة. فبعد ان كان عدد الطلاب حوالى 267 الفا العام المنصرم، فإن هذا العدد بات اليوم يتعدّى 700 ألف تلميذ سوري.
وفي شأن يتعلق بإعادة دورة الحياة للمدارس الرسمية، قالت ممثلة المتعاقدين في الثانوي الرسمي منتهى فواز لـ “الديار”: لقد “صارحنا وزير التربية في لقائنا الأخير معه، ان الدول المانحة لا تريد دفع الأموال للدولة اللبنانية، ربما بسبب عدم قيام الأخيرة بالإصلاحات المطلوبة وربما لدمج الطلاب السوريين”. وبوضوح قال الوزير: “بعدما رفضت الدول المانحة إعطاء الأموال للحكومة او الوزارة لتغطية نفقات التعليم قبل الظهر، لجَأت الى الحكومة التي خصصت للقطاع التربوي 150 مليار ليرة لبنانية مقسّطة على عدة دفعات، وسيُصرف 1500 مليون دولار على 3 أشهر أي حتى نهاية شهر 12”.
أضافت “بعد ان يتسلّم وزير التربية الأسبوع المقبل الأموال، سيُصدر قرارا بكيفية احتساب بدل الإنتاجية، والحد الأدنى سيتراوح ما بين 150 دولارا و300. وكمتعاقدين بحسب الساعة سنتقاضى مثل الزملاء في الملاك الحد الأقصى”، واشار الى “ان الوزير رفض إعطاء 6 دولارات بدل اجر الساعة في التعليم الأساسي و8 في الثانوي، مبررا انه لا يمكن دفع هذا المبلغ حاليا، وقد يكون ذلك في موازنة 2024”.
3 اعتراضات
وعن ضمانات الرجوع، فقالت: “رفضنا ان نعود الى المدارس لفترة 3 أشهر ومن ثم نعاود الإضراب، لان الدولة دفعت فقط عن فترة محددة؛ لذلك أكد الحلبي ان الحكومة ستدفع المبلغ المتبقي لاحقا، وبناء على ذلك طلبنا اصدار قرار رسمي من خلال الوزير او مرسوم من جهة مجلس الوزراء، يتم التعهد فيه بإعطاء المتعاقدين 36 أسبوعا وان يسمح لنا بتنفيذهم. أيضا طالبنا بمرسوم واضح خالٍ من الشوائب عن بدل نقل عن كل يوم حضور، وبدل اجر الساعة بما يتناسب مع الغلاء المعيشي والوضع الاقتصادي لكي نبدأ في 9 تشرين الأول. واصررنا على نشر هذه المراسيم بشكل رسمي في الجريدة الرسمية لنتحاشى المطبات التي حدثت في السنوات الماضية”.
تثبيت لا استبدال
اما عن توصيات لجنة التربية النيابية لإقامة دورة مفتوحة بسبب الشغور فقالت فواز: “سنعترض على كل دورة تقام لسد الشغور سواء في الشارع أو بشتّى الوسائل، ونحن مع إنشاء دورات ومن ثم تثبيت المتعاقدين، ولكن ان يخضع المتعاقد بعد مرور 15 و20 سنة لامتحان فهذا الامر غير مقبول، لان التثبيت يجب ان يكون تلقائيا وفقا للسن. فالأستاذ لو لم يكن على قدر من المسؤولية ما كان ليستمر في عمله. اما بالنسبة لفتح باب التعاقد فنحن مع ملء الشغور ولكن الأولَى انصاف الملاك، لان هؤلاء نصابهم مكتمل ويجب ان يوفروا للمتعاقدين المزيد من الساعات، وليكون التعاقد وفق الحاجة لا ان يفتح هذا الباب لاستغلال التوظيف الحزبي والسياسي، لذلك يجب تثبيت المتعاقد لا استبداله”.
الدمج بات امرا واقعا!
وفي هذا الخصوص، اعتبرت فواز “ان دمج الطلاب السوريين امر حصل بالرغم من نكران الجميع، فالمدارس الخاصة باتت تستقطب حوالى 60% من السوريين مقابل 40% لبنانيين، وهذه النسبة تتفاوت بين مدرسة وأخرى. واوضحت “انا مع حق كل طفل موجود على الأراضي اللبنانية بالتعلم، ولكن بشرط الا تكون الأولوية للأجانب واستثناء الطلاب اللبنانيين، وهذا الامر له تداعيات وطنية كبرى، خاصة إذا نظرنا الى المستقبل فسنرى توطينا منظما ومدروسا”. واكدت “ان الطالب السوري يوفر له بدل النقل والوجبات الغذائية، والدلال تجاوز الحدود بحيث ان الجهات المانحة عينت مرشدين اجتماعيين لمتابعة صحة هؤلاء النفسية، حتى في “دورة كتابي” التي تقام لدعم الطلاب في القطاع الرسمي، الأفضلية كانت لتسجيل الطلاب السوريين، وما تبقّى من مقاعد كان للبنانيين”.
كفّوا ايديكم عن القطاع التربوي!
وفي شأن متصل، قال العضو في لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار”: ان “اعداد الطلاب السوريين الى تزايد، وذلك ناتج من عمليات التهريب التي تجري عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، والاعداد كبيرة جدا سواء في المدارس الرسمية ام الخاصة”، مشيرا الى “ان ازمة الإضرابات في القطاع الرسمي انتقلت من الطالب اللبناني الى السوري، فعمد ذوو هؤلاء الى تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة، لان لديهم قدرة شرائية اعلى من القدرة الشرائية لدى الاهل والطلاب اللبنانيين، وهذا الامر بات ملموسا على أرض الواقع”.
وحذّر قائلا: “كلجنة للأساتذة المتعاقدين نوجّه نداء استغاثة للحكومة والمسؤولين اللبنانيين و”التربية” وكل المعنيين في الشأن التربوي، لكف يد الجمعيات الدولية وNGOS عن الملف التربوي، وعدم اقحام هؤلاء في تدريب الأساتذة او تدريب الاهل او الطلاب لأنها تعطي نتائج عكسية، وهذا واضح من عنوان الدورات التدريبية التي ينادون بها”. وتابع “للأسف ينقلون الينا تقاليد الغرب وعاداته ، ومنها مسألة الدمج بين الطلاب السوريين او الفلسطينيين او العرب الأجانب مع الطلاب اللبنانيين، وأيضا ادخال بطريقة مبطنة مسألة الشذوذ الجنسي، الامر خطر جدا وإذا لم نتداركه سريعا، سوف يفتك بالمجتمع والعائلات اللبنانية”.
وختم قائلا : “ان الجمعيات الدولية التي تمول وزارة التربية أبلغت وزير التربية عباس الحلبي وفق ما أبلغنا في الاجتماع الأخير، انها لن تدعم الأساتذة اللبنانيين والمعلمين في الدوام الصباحي، سواء في المرحلة الثانوية ام الاكاديمية المتوسطة والابتدائي والمهني وأنها فقط ستؤازر الدوام المسائي أي الطلاب السوريين في دوام بعد الظهر”.
ندى عبد الرزاق- الديار