خاص شدة قلم: هل يتشبّهون بـ”بقوّاد” “بار فاروق” في الزمن الجميل؟!

عن فلان بن فلان بن علّان أن سائق سيارة أجرة في سيتينيات القرن الماضي.. استوقفه زبون طلباً إيصاله إلى محلة “الزيتونة” في بيروت القديمة فكان له ما طلب..

وعلى الطريق أشارت سيدة كانت بصحبة اثنتين أخرتين إلى سائق السيارة.. أملاً بأنْ يتوقف لهن ويتوافق خط سيره على وجهتهن المبتغاة.. فما كان من الزبون إلا وسارع إلى مناشدة السابق ألا يتوقف.. عارضاً دفع أجرة السيدات الثلاث..

فوافق السائق تحت إصرار الزبون لكن “الفار لعب بعبه”.. متسائلاً في قرارة نفسه: “شو قصّته هالزبون؟!.. ومين هالنسوان اللي ما بدو ياهن يطلعوا معه؟!”..

وفيما الحيرة تتآكل في صدر السائق.. أثلج الزبون صدره قائلاً: “لا تفكّر ولا تحتار.. حإشرحلك شو الوضع.. وساعتها إنت بتحكم.. وإجرة الستّات الثلاث عليي متل ما خبرتك”..

وتابع الزبون: “بالمختصر أنا “قوّاد”  وأدير أحد أهم الكاباريهات “بار فاروق” من المؤكد سمعت عنه.. ولأنّني خفتُ أن يعرفني شخص ما ويرى السيدات الثلاث معي في السيارة فيظن بهن السوء.. على أقل تقدير أنّهن تعملن معي.. فيضيع شرفهن وتتلوث سمعتهن.. وتلتصق بهن تهمة هُنَّ منها براء بسببي”.

أضاف: “لذلك آثرتُ أنْ أتكلّف أجرة السيدات الثلاث.. ولا أن أكلّف ضميري عذاب اتهامهن من أي شخص بتهمة سيسألني عنها رب العالمين يوم الحساب”.. نظر إليه السائق وقال: “والله إنٍّ لفيك شرف يفيض عن أكبر من أكبر زعامات العالم”..

“هيدي حكايتي حكيتا وبصدركم خبيّتا”.. وهو سؤال لا أطرح سواه: “في يومنا الحالي من في وجهه وصدره وضميره شرف أكثر من هذا “القوّاد” ممَن يصفون أنفسهم بزعامات البلد؟!”..

تشرين الأول أوشك على الوصول.. والعام الأول على لبنان ما بعد “عهد جهنم” الذي لا أسف عليه.. على وشك الاكتمال دون رئيس.. والأنكى دون حكومة أصيلة..

زعماء طوائف رموا أزلامهم في البرلمان ليتناتشوا المنصب الأول في البلد.. وهم أجمعين أصغر من يستلموا زمام أمور منازلهم.. بل إنّهم أحقر وأدنى وأسفه واسفل من أن يكونوا مسؤولين عن أنفسهم.. فكيف بهم يستلمون زمام بلد؟!

حزب متمسك بسلاحه ومستقوٍ بعدو وهمي إنْ غاب يصطنعه.. بل ويعتزّ بولائه للخارج على حساب الوطن.. أما صاحب ثاني أكبر منصب في البلد فثعلب في ثوب حمل.. وقواعده مبنية على أكثر من 30 عاماً من الاخطاء والفساد.. فيما “الصهر الدلوع” ترأس تيّار عمّه اللامسؤول.. وهو أصلاً لا يفقه من السياسة إلا “ما خلّونا”.. والإبتزاز نهجه ومنهاجه.. وتوابعهم جميعاً مستقوون يتنطّطون من هنا وهناك..

وعلى المقلب الآخر خِراف بكل ما للكلمة من معنى.. قادرون على الجعجعة والبعبعة.. والكلام الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع.. وزعيم تيار عند أول مفترق “ضبضب شنته” وقال: “أنا وبعدي الطوفان”.. لتستأسد فئران الشوارع ظنّاً منها أنها أسود فيما لا تبلغ حدّ الجرذان..

وما علينا.. إلى متى سنبقى دولة بلادولة.. وسلطة غارقة دون سلطة.. وجبروت زعماء الطوائف يتصدّر مجريات حياتنا في كل وقت وحين؟!.. أظنني أعرف الجواب: عندما نستحق نعمة الوطن.. فالكل يدّعي حب البلد.. ولكن كلّ حسب مصلحته وأجندته .. ويا ريت يتشبّهوا بـ”قوّاد الزمن الجميل”!!

مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة