غزوة “جنود الرب”: مقزّز وهمجي ومرفوض.. وإنتهاك للقانون وتشويه لصورة الأشرفية!
مرفوض وممجوج ما قام به من يسمُّون أنفسهم «جنود الرب» إزاء أحد الملاهي في الأشرفية. مقزّز وهمجي أن تأخذ مجموعة تتذرع بالدين أو بأي ايديولوجيا على عاتقها قمع حرية جماعة كانت داخل أبواب مغلقة في منطقة تشكل مساحة مفتوحة شبه نادرة لمحبي الحياة والثقافة وقبول الآخر. الوصف الحقيقي للغارة التي شنَّها «جنود الرب» بشبهة ارتياد المثليين للملهى هو اعتداء موصوف قام به متعصبون كان بإمكانهم اللجوء الى السلطات الشرعية، أو ما تبقى منها، لتسجيل اعتراضهم، أو الى القضاء للإدعاء ضد من يرون أنهم دنّسوا قيم العائلة أو تجاوزوا حدود الحريات.
قبل ذلك بيومين روَّج صاحب مطعم في منطقة جونية صورة للمسيح حاملاً قنينة بيرة. المشهد مستفز لمجتمعنا وخالٍ من أي فن حقيقي. تصرفت البلدية ومنعت الملصق وبقي الإجراء في الإطار الشرعي المفهوم. أما في بيروت فيبدو أنّ المجموعة التي استفادت سابقاً من تعاطف سبَّبه غياب دوريات قوى الأمن والتعديات على الأملاك الخاصة والعامة، رأت سانحة لفرض هيبتها ونمط تفكيرها، معلنة مار مخايل والجميزة «أرض الرب»!
اعتداء «جنود الرب» ليس معزولاً عن جو «صيد الساحرات» الذي أطلق عنانه وزير الثقافة ضد فيلم «باربي» وكل ما يقترب مما يعتبره محرمات. وهي حملة لقيت صدىً عند رجال دين مسلمين ومسيحيين رأوا فيها مناسبة لاسترجاع هيمنة تضاءلت بفعل انتشار الوعي وإخضاع المسلَّمات الى أسئلة العقل.
ليس لأنّ المناطق ذات الغالبية الشيعية محكومة بقوانين قوى الأمر الواقع، أو لأن المناطق ذات الغالبية السنية تحرِّم الكحول وتمنع سباحة النساء، يمكن التسامح بأن تتولى الأمرَ والنهي والتحليل والتحريم في المناطق ذات الغالبية المسيحية، فئة تتدثر بعباءة الدين. يجب أن يكون هدفنا استعادة الدولة وقوانينها الى المناطق التي أخرجت منها، وليس تعميم سلوك التطرف والغيبيات في كل المناطق.
لا نزال نعيش في ظل قانون وضعي مدني يضمن حداً معقولاً من الحريات، وعلينا الدفاع عنه في وجه أي متطرف يشدنا الى الوراء سواء أكان حزباً أم طائفة أم مرجعية دينية. أي تساهل مع هذه الممارسات سينتهي بنا فاقدين للحريات ولجوهر وجود لبنان.
بشارة شربل- نداء الوطن