«لا تمديد بلا حرية حركة»: «نيو يونيفل» بلا تنسيق مع الجيش؟

بعد تأجيل ليومين، التحق وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب فجر أمس بالوفد اللبناني الرسمي إلى مجلس الأمن الدولي، لمواكبة النقاش حول قرار التمديد لليونيفل المرتقب في 31 آب الجاري. ويسعى الوفد الدبلوماسي – العسكري إلى التنسيق مع أعضاء المجلس، ولا سيما الدول الكبرى، للتوصّل إلى صيغة تناسب لبنان لناحية صلاحيات القوات الدولية.

قبل موعد صدور قرار التمديد لليونيفل المعزّزة بشهرين فقط، تنبّه لبنان إلى ضرورة تتبّع الحراك الدبلوماسي والعسكري والسياسي للولايات المتحدة وفرنسا وحلفائهما في صوغ أجندة جديدة لمهمة قوات حفظ السلام على الحدود مع العدو. تأخّر لبنان كما فعل قبل عام عندما أدّى العام الماضي دور المتلقّي لقرار التمديد الذي تضمّن تعديلاً منح القوات الدولية «حرية الحركة لجنودها وآلياتها من دون مواكبة أو إذن الجيش». ويبدو أن «لبنان الرسمي» لا يزال أسير السياسات نفسها التي تقوم على إرضاء الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة.

وأظهرت اتصالات اليومين الماضيين، قبل سفر بو حبيب أنه، كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليسا متفائلين بإمكانية إدخال تعديلات على المسوّدة الفرنسية، وأن أكثر ما يطمحان إليه هو إيراد إشارة، ولو خجولة، إلى أهمية التنسيق بين القوات الدولية والجيش اللبناني. لكنّ ميقاتي وبو حبيب وقوى كثيرة في الدولة وأحزاباً سياسية حليفة لأميركا، يعتقدون بأنه لا يمكن للبنان إقناع الغرب بتغيير موقفه، وهو ما أدّى إلى حصول نوع من الشرخ، حتى داخل الفريق الدبلوماسي – العسكري المواكب، إذ يعتقد أعضاء في الوفد أنه يمكن للبنان العمل بقوة مستفيداً من دعم روسي وصيني لتحقيق الهدف.

وكشفت الاتصالات نفسها عن مستوى أرفع من الضغوط الأميركية المباشرة على المسؤولين في لبنان، وهو انعكاس لموقف الإدارة الأميركية الذي عبّرت عنه صراحة، الإثنين الماضي، مندوبة واشنطن في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد، حيث قدّمت مداخلة في اجتماع مجلس الأمن المخصّص لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط. وحرصت على إيراد فقرات خاصة بالوضع في جنوب لبنان.

وقالت غرينفيلد إن بلادها «تشعر بقلق عميق إزاء أعمال حزب الله الاستفزازية على طول الخط الأزرق، والتي تمثل تهديداً متزايداً للسلام والأمن في لبنان، فضلاً عن أمن إسرائيل». ولفتت إلى أن المناقشات التي تجري بين الدول المعنية بالتجديد لليونيفل يجب أن تتناول أنشطة منظّمة «أخضر بلا حدود» التي «تشكل الدعم والغطاء لعمليات حزب الله على طول الخط الأزرق». وفي إعلان مسبق عن مشروع التمديد المرتقب، قالت غرينفيلد: «إننا ملتزمون بتمديد بعثة اليونيفل، بحيث تكون قوية بما يمكّنها من أن تؤدي واجباتها بشكل مستقل عن القوات المسلحة اللبنانية». هكذا ربطت أميركا التمديد لليونيفل بتطوير استقلالية عملها. «فلا إعادة للأمور إلى الوراء ولا تمديد بلا حرية حركة». وعليه، فإن مندوبة أميركا ضربت مساعي لبنان لتعديل بند «حرية الحركة» الذي أُقر العام الماضي. لا بل أضافت إليها بند «الواجبات الوطنية الذي سيصوّب على أداء الجيش اللبناني الذي تتهمه أميركا وإسرائيل وحلفاؤهما بأنه لا يقوم بواجباته على الحدود لملاحقة أنشطة حزب الله».

التجديد لليونيفل طبقاً لمصالح إسرائيل سبقه قبل أسبوعين، فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على «أخضر بلا حدود». في حين تشير مصادر مواكبة إلى أن قرار التجديد «قد يُستتبع بقرار للمجموعة الأوروبية يوعز إلى وحدات اليونيفل التابعة لها، ولا سيما فرنسا التي لديها ما يزيد على 900 عسكري، باتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ مهمتها وحفظ أمن جنودها وأمن المدنيين».

في المقابل، ما هي خطة لبنان الرسمي للمواجهة؟

لبنانياً، الإرباك واضح، خصوصاً بعد «فيلم» عدم توفّر تمويل سفر الوزير بو حبيب إلى نيويورك قبل يومين، علماً أن ميقاتي سبق بو حبيب في التهرب من الوفد عبر سحب موفده زياد ميقاتي، قبل أن يطلب منه السفر مع بو حبيب بطلب من المرجعيات السياسية في لبنان، خصوصاً الرئيس نبيه بري وحزب الله.

ميقاتي: التمديد بات أمراً واقعاً من دون الأخذ بملاحظات لبنان ولا داعيَ لمجابهة أميركا وفرنسا

وقد أفصح ميقاتي للمقرّبين منه بأن مشروع التمديد لليونيفل «بات أمراً واقعاً من دون الأخذ بملاحظات لبنان للتعديل ومنها حرية الحركة. فما من داعٍ لمجابهة أميركا وفرنسا». أما الذرائع الواهية التي ساقها بو حبيب في العلن لاعتذاره عن عدم السفر إلى مجلس الأمن، فلم تخف تعرّضه لضغوط أميركية مباشرة، خصوصاً بعد إعلان وزارة المالية أمس أنها كانت قد صرفت المخصّصات اللازمة للسفر منذ 19 تموز الماضي، وأن قراراً وقّعه الوزير بصرف سلفة بقيمة مليار ليرة لبنانية نقداً ليتسنّى لوزارة الخارجية التصرف بها. لكنّ أياً من المسؤولين في وزارة الخارجية لم يكلّف نفسه عناء تسلم الأموال. علماً أن الآلية المعتمدة في الآونة الأخيرة لتغطية نفقات المهمات الخارجية للدبلوماسيين تنص على أن الوزير كما سائر الدبلوماسيين، «يشتري تذكرة السفر على نفقته ثم يستردّها لاحقاً أو تصرف الإدارة مباشرة ثمنها من ميزانيتها. ومنذ أكثر من عشر سنوات، توقّفت شركة طيران الشرق الأوسط عن إعطاء التذاكر مباشرة للخارجية على أن تسدد الوزارة ثمنها لاحقاً» بحسب مصدر دبلوماسي. أما عن تغطية نفقات إقامة بو حبيب في نيويورك، فإنها «تُسدد من ميزانية البعثة البنانية في مجلس الأمن في نيويورك أو يجري تحويل عاجل من موازنة سفارة أخرى لصالحها بقرار من وزير الخارجية نفسه على أن تتم لاحقاً التسوية الإدارية والمالية المطلوبة من ضمن موازنة الوزارة».

وكان بو حبيب قد أفصح للمقرّبين منه بأن أحد أسباب عدوله عن السفر إلى مجلس الأمن، تبلّغه من رئيسة بعثة لبنان بالوكالة في مجلس الأمن جان مراد بأنّه لن يحظى بمواكبة أمنية خلال مدة إقامته. علماً أن الدولة المستضيفة لمجلس الأمن وفق الأعراف المتّبعة، أي أميركا، غير ملزمة بالمواكبة الأمنية للضيف خارج حرم مباني الأمم المتحدة، عندما لا يكون رئيس دولة أو رئيس حكومة، إلا إذا كانت له خصوصية أمنية.

وكان بو حبيب قد تردّد مرات عدة في حسم أمره لناحية المشاركة في الوفد اللبناني قبل أن يُعتمَد في النهاية برنامج زيارة مختصرٌ يمتد لأربعة أيام فقط، بعدما كانت مهمة الوفد تقضي بأن يمضي في مجلس الأمن من 22 آب الجاري إلى 1 أيلول المقبل!.

آمال خليل- الاخبار

مقالات ذات صلة