لودريان: أيلول آخر فرصة.. أو ننسحب ونفرض العقوبات!

من حيث بدأ زيارته إلى لبنان، أراد المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان اختتامها، بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة. وضع لودريان بين يدي رئيس المجلس كل ما تجمّع عنده من معطيات حول جولته ولقاءاته المختلفة، التي عقدها وغادر بعدها من دون الإدلاء بأي تصريح. انتهت جولة لودريان بتأجيل المباحثات إلى شهر أيلول المقبل، وسط وضع تصور لآلية اعتماد الحوار، والذي اطلق عليه مصطلح “مشاورات مكثفة” أو ورشة عمل تشاورية في مجلس النواب، الغاية منها الذهاب إلى فتح أبوابه وإبقاء جلساته مفتوحة إلى حين انتخاب الرئيس. وفي حال قررت إحدى الكتل التعطيل أو العرقلة فستتعرض للعقوبات.

في حارة حريك

في يومه الثالث التقى لودريان وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة، برئاسة النائب محمد رعد، في مقر الكتلة في حارة حريك. وحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن لودريان لم يحمل جديداً في طروحاته. كما شدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق على انتخاب الرئيس، متحدثاً عن مواصفات بدلاً من اقتراح الأسماء والدخول في تفاصيلها. كذلك، التقى لودريان الأمين العام لحزب الطاشناق ورئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان. وتمت خلال اللقاء مناقشة الأوضاع العامة، ولا سيما الملف الرئاسي، حيث قدّم الموفد الفرنسي مبادرته الرئاسية.
كما التقى لودريان بالنائب عماد الحوت، والذي أعلن في بيان انه “التقى باسم اللقاء النيابي المستقل الموفد الفرنسي إيف لودريان، واستمع للطرح الجديد بعقد جلسات عمل في لبنان حول مهام الرئيس المقبل ومواصفاته يتبعها جلسات انتخاب”، وقال: “أكدنا تفضيل الآلية الدستورية للانتخاب، وأنه لا مانع لدينا من نقاش محصور بمهام الرئيس ومواصفاته ضمن مدى زمني قصير”.

مع التغييريين وآخرين

من بين اللقاءات، اجتماع مع وفد من النواب التغييريين، ضم النواب مارك ضو، وضاح الصادق، وميشال دويهي، فيما اعتذر آخرون عن الحضور. في المقابل، التقى لودريان أيضاً عدداً من النواب السنة، بينهم فيصل كرامي، وأحمد الخير وعبد العزيز الصمد. وهنا تسجل نقطة لافتة حيث حصل التزامن مع دعوات لودريان للنواب السنة، كان هناك دعوات لهم إلى العشاء في دارة السفير السعودي. كما أن نقطة لافتة أخرى لا بد من تسجيلها وهي التي تتعلق بدعوة لودريان لعدد من السفراء العرب والأجانب إلى لقاء في قصر الصنوبر يوم الأربعاء، وخلال اللقاء وجه عدد من السفراء الأوروبيين أسئلة مباشرة إلى لودريان حول حركته وإذا كانت منسقة مع الدول الخمس التي اجتمعت بالدوحة، فأجاب المبعوث الفرنسي بالإيجاب من دون أي تعليق من قبل السفراء الآخرين.

ونقلت مصادر عن لودريان قوله أنّ “المشاورات الّتي ستحصل في أيلول حول مواصفات الرّئيس ومهامه، هي الفرصة الأخيرة من أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة، وإذا لم تنجح جلسة المباحثات فستسحب الدّول الخمس يدها من الملف اللّبناني؛ ومَن يعرقل الانتخابات سيتمّ فرض عقوبات عليه”.

وقد أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الى أن “الموفد الفرنسي لودريان شدّد لجميع محاوريه على ضرورة الخروج من المأزق السياسي الحالي الذي يفرضه تمديد فترة الشغور الرئاسي”. وذكرت المتحدثة، أن “لودريان اقترح دعوة في أيلول إلى اجتماع في لبنان يهدف إلى التوصّل إلى توافق حول القضايا والمشاريع ذات الأولوية”.

من جهته أكد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل أننا لم نُعطِ جوابًا نهائيًا للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بانتظار التشاور بين أفرقاء المعارضة، والذي سيحصل بين اليوم والغد، وسيكون لدينا جواب موحد إن شاء الله. وقال: “إن كان لدى حزب الله النية لملاقاة الفريق الآخر إلى منتصف الطريق فيجب أن يسحب مرشحه ويُلاقينا على الحوار. عندها لا مشكلة لدينا”. وشدد الجميّل على أن ما يهمنا هو ألا يتحوّل الحوار الى آلية لفرض إرادة حزب الله على باقي اللبنانيين.

بيان ضو ودويهي والصادق

وقد أصدر النواب الثلاثة، مارك ضو وميشال دويهي ووضاح الصادق، بياناً جاء فيه: “التقينا مساء أمس الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في قصر الصنوبر، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو، حيث شرح لنا في لقاء مطوّل دام أكثر من ساعتين، تفاصيل مبادرته الجديدة تجاه الاستحقاق الرئاسي، والتي يقوم بها بتنسيق مع الدول الخمس (قطر، السعودية، مصر، الولايات المتحدة وفرنسا)، مؤكّداً على مضمون بيان لقاء ممثليها الأخير في الدوحة، خصوصاً لجهة ضرورة احترام الآليات الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، كما لجهة الإجراءات التي ينوي المجتمع الدولي فرضها على المعرقلين.

وأكّد لودريان أن هذه المحاولة هي الوحيدة التي يقوم بها أصدقاء لبنان من أجل إيجاد مخرج للأزمة، من خلال دعوة الكتل النيابية لاجتماع عمل في أيلول المقبل، محصور بالانتخابات الرئاسية، وتحديداً بالمواصفات التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية، وبالمهمة التي سيقوم بها خلال عهده.
أمّا من جهتنا، فقد شدّدنا على تمسّكنا بالآليات الدستورية وبموقفنا المبدئي المبني على ضرورة إجراء جلسات انتخابية مفتوحة ومتتالية في المجلس النيابي فوراً، احتراماً وتطبيقاً للدستور. وأكّدنا للوزير لودريان دعمنا للبيان الصادر عن الاجتماع الخماسي في الدوحة، وعلى أهمية قرار البرلمان الأوروبي الذي أشار بوضوح إلى الجهات المسؤولة عن التعطيل واستمرار الفراغ الرئاسي، مع تحفظنا على البند 13 المتعلق بملف اللاجئين.
وبعد نقاش مستفيض في تفاصيل المبادرة التي طرحت علينا، استمهلنا الوزير لودريان لإجراء مشاورات مع باقي الزملاء وبعض الكتل النيابية ومستقلين، بغية التوصل إلى موقف موحّد يخدم المصلحة الوطنية ويحفظ الدستور ويسمح بإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وفي ختام اللقاء، عبرنا للموفد الفرنسي عن تطلعات الشعب اللبناني لاستعادة الدولة وتحقيق السيادة والعدالة ومحاسبة المسؤولين عن الواقع الحالي، والتي عبروا عنها منذ 17 تشرين 2019، كما وحذرنا من خذلان الشعب اللبناني من قبل المجتمع الدولي واستسهال الذهاب نحو تسويات تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وتسمح للسلطة السياسية باستغلال التعطيل المتعمد لإعادة تجديد نفسها.

المدن

مقالات ذات صلة