مسلسل إقتحامات المصارف يحظى بنسبة مشاهدة عالية: من “مع”؟ مَن “ضد”؟

لا يمكن أن تكون كمواطن مسالم في صف مقتحمي (ومقتحمات) المصارف بالأسلحة الفردية وغالونات البنزين والمسدسات البلاستيكية والقنابل اليدوية وأدوات التهديد، كما لا يمكنك أن تكون ضدهم، سواء حرّكتهم «صرخة المودعين» أو رعتهم «جمعية المودعين» أو ساندهم «متّحدون» أو «مشتتون» أو تحرّكوا من تلقاء أنفسهم مدفوعين بالحاجة إلى أموالهم المتبخرة أو لشعورهم أنّ الوقت آن للعب دور الأبطال على الشاشة الصغيرة.

لا يمكن لأي إنسان سويّ القبول باحتجاز موظفي المصارف والزبائن رهائن وترهيبهم بشتى الوسائل، وفي الوقت نفسه،لا يمكن القبول، بأي شكل، بتذويب جنى عمر المواطنين وسائر المودعين وجعلهم المسؤولين الوحيدين عن هذا الخراب العميم.

لا يمكن لمن استدان من مصرفه بالدولار الأميركي وسدّد ثمن سيارته أو شقة عشيقته أو عشه الزوجي أو أطفأ ديونه بالعملة اللبنانية أن ينظّر على إخوته المودعين الذين سُددت على رؤوسهم اللكمات حتى انتفخت وتورّدت كرؤوس البطيخ العدلوني الإكسترا.

تباً لمن يبث التفرقة بين المودعين صغاراً وكباراً و»نص على نص»، فكيف بالتفريق بين دولار قبل الـ 2019 ودولار ما بعد هذا التاريخ. بين دولار مودع بشيك مصرفي ودولار مودع نقداً على الصندوق. الدولار لونه أخضر. لا «بيستاش» ولا أزرق سماوي. والشيك قيمته منه وفيه بمعزل عن تاريخ إصداره. فكيف بقدرة قادر يصير الألف دولار 150 أو 160 أو 140؟

أن يتعذر سحب الدولار من «تمّ السبع» بسبب الإنهيار المريع شيء، وأن يتضاءل حجم الدولار و»يزمّ» ويقصر ويرقّ ويصير أقرب إلى «ورق الشام» المخصص لسجائر اللف على أنواعها، شيء آخر.

وتباً لمنصة «صيرفة» المتحوّلة والمُنتجة لطبقة جديدة من المتمولين والمستفيدين وبعض المتواطئين مع مديري فروع المصارف.

فلنعد إلى الأساس؛ إلى مسلسل الإقتحامات المتجدد الذي يحظى بنسب مشاهدة عالية، وعنوانه العريض «بعد حماري ما ينبت حشيش»، هل يدرك أبطاله أنّ من يتمكن منهم من استعادة وديعته نقداً، مهما بلغت قيمتها، فإنه يحرم مواطنين أشدّ حاجة منه، ولا يملكون ثمن قنبلة أو مسدس بلاستيك، ومن إمكان تكحيل عيونهم بمرأى العشرين دولاراً أو الخمسين وملامسة الأوراق الخضر بأصابع عاشق مكبوت؟

هل يدرك علي وحسن وسالي وإدغار ووسيم ومن يوآزرهم ويصفّق لبطولاتهم ومنجزاتهم أنّ الأداء المميز الذي قدّموه لم يزد الأسوأ إلّا سوءاً.

مَن معهم؟ مَن ضدهم؟

لمرة أجدني واقفاً، بل قاعداً،

في المنطقة الرمادية.

عماد موسى

مقالات ذات صلة