سيناريوهات ما بعد الدوحة…
جمود قاتل يعيشه الواقع اللبناني السياسي، فالفراغ الرئاسي يكاد يدخل شهره العاشر مصحوباً بحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، والباب الاقتصادي يلوّح قريباً بشغور في منصب حاكمية المصرف المركزي تاركاً خلفه ارتفاعاً جنونياً في سعر صرف الدولار وخطة التعافي الاقتصادية متعلّقة بصندوق النقد الدولي، والأسوأ أمنياً ملامح اقتراب نهاية ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يطرح مخاوف جدية من استمرار الفراغ حتى العام المقبل.
بعد الحديث عن العودة المرتقبة للمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، أصبح واضحاً أن هذه العودة تحمل في طيّاتها الكثير من السيناريوهات وخصوصاً بعد الأحاديث التي تدور عن اللقاء الخماسي في الدوحة وامكان إحياء النبض الرئاسي الخافت، لكن هذا لا يلغي سيمفونية سقوط الحل الرئاسي وأنّ لا أمل للودريان في إيجاد قاسم مشترك بين اللبنانيين.
تطرح مبادرة لودريان سيناريوهات عدة يمكن أن يشهدها لبنان في المرحلة المقبلة أبرزها:
- إحتمالية نجاح مبادرة الجانب الفرنسي القائمة على معادلة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بدعم من الثنائي الشيعي لإرضاء مختلف القوى اللبنانية مقابل تكليف سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام برئاسة الحكومة مع احتمال القبول بتعديل اسمه لاحقاً. هذا السيناريو مبني على زيارة لودريان في الأيام المقبلة وإمكان نجاح مبادرته.
- سيناريو أميركي – قطري يفضي بطريقة غير معلنة رسمياً الى تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون باعتباره مرشح تسوية يمكن أن يحل الأزمة اللبنانية، ولو استعدنا حصيلة الأيام القليلة الماضية لتذكرنا كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام وفد نقابة المحررين: “شو قاتلي بيي صاحبنا؟ الزلمي بس بدو تعديل دستوري”، ناهيك عن الاتصال الذي تلقاه العماد عون لمناسبة عيد ميلاده من منسق وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا، معبّراً بحماس: “تهري وتجدد”. وتأتي هذه المعايدة في ظل أجواء “إيجابية” بينَ الطرفين.
– بداية العد العكسي لانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 الجاري، وهو أحد أطول العهود لحكام المصارف المركزية في العالم، بعدما شغل منصبه منذ العام 1993، وذلك من دون أن يُحسم بعد مصير خلفه. في حال لم يعيّن حاكم جديد، تلقائياً أعلن نواب الحاكم الأربعة في بيان عن اتخاذ خطوات تلمّح الى الاستقالة… ماذا اذا لم يعيّن حاكم جديد واستقال النواب الأربعة وامتنعوا عن تصريف أعمالهم؟ ألا يحق للحكومة تعيين حارس قضائي جديد؟ لكن المفارقة أن حظوظ تعيينه ستذهب الى جعبة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعيداً عن استعداد لبنان لأسوأ أزمة مالية حتى الآن.
- فيما البلاد تعاني من فراغ في سدّة الرئاسة الأولى التي تديرها حكومة تصريف أعمال، يذهب بنا المطاف أمنياً الى إحتمالية ظهور أي تأخير لسن التقاعد للعسكريين وعلى رأسهم قائد الجيش، الذي تنتهي خدمته في مطلع كانون الثاني 2024، أي بعد 10 شهور ونصف الشهر. والملاحظ أن التفكير في التمديد للعماد عون يطرح المخاوف الجدية من استمرار الفراغ الرئاسي كونه مرشحاً طبيعياً ومطروحاً، ما يعني المزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية ومن الاحتقان المسيحي.
السيناريوهات التي تدور في فلك الواقع اللبناني سنقطف ثمارها خلال الأشهر المقبلة وخصوصاً بعد بيان اللقاء الخماسي ليل أمس الذي شدّد على ضرورة أن تواصل كل من جمهورية مصر العربية والجمهورية الفرنسية ودولة قطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية “دعمها الثابت للبنان وتتطلع إلى استمرار التنسيق بما يصب في مصلحة الشعب اللبناني”.
لبنان الكبير