«فحوصات الدم» لثلاثة مرشحين قابعين في الظل… وعناوين الإلهاء!
كثيرة هي العناوين والأحداث التي تتيح للعاملين على صرف الأنظار عن الانسداد في الاستحقاق الرئاسي، التغطية على تسببهم بإطالة الفراغ إلى ما شاء الله. وهي أحداث تكاثرت في الأسبوعين الماضيين، وكانت كفيلة بإشغال اللبنانيين، آخرها لعبة ارتفاع الدولار التي شكلت اختباراً لما سيؤول إليه الوضع بعد موجة الارتياح إلى تدفق دولارات المغتربين خلال موسم الاصطياف. فلا ضبط لأسعار السوق السوداء من دون حلول سياسية وانتخاب رئيس. وألاعيب رفع السعر وخفضه لن تتراجع إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
لا يتوقف تعداد الأحداث التي تخدم الساعين لحجب مسؤوليتهم عن تمديد الفراغ. ليس أقلها حاجة بنيامين نتانياهو إلى شد العصب الإسرائيلي في المواجهات الخارجية المنضبطة، فلم يجد التطرف الإسرائيلي سوى «المرجلة» على إعلاميين على الخط الأزرق وعلى النائب قاسم هاشم عند حدود مزرعة بسطرة. هذا من الجهة الإسرائيلية. أما من جهة فريق «الممانعة، فليس مستغرباً أن يستفيد هو الآخر من أجل حرف الأنظار عن تعطيله انتخاب الرئيس بنسف النصاب على مدى 12 جلسة.
فالصلف الإسرائيلي على الحدود، يستدرج التضامن اللبناني مع إصرار «حزب الله» على حق لبنان في تلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، والجزء اللبناني من مزارع شبعا. وقد يتفاجأ «الحزب» بأن بعض خصومه يؤيدون وقفته على الحدود، استناداً إلى قاعدة أنه ليس بالضرورة أن يحول الخلاف معه على الرئاسة دون الوقوف مع مطالبته وأهالي المناطق المحتلة، بانسحاب إسرائيل منها لكنه ينشرح إلى هذا التضامن…
أما عودة الحديث عن ترسيم الحدود البرية، سواء صحت التوقعات باستعجاله من قبل لبنان لأنّه الوسيلة الفضلى لإنهاء الإشكالات على الحدود، فهو بدوره يأخذ الاهتمام عن ملء الفراغ الرئاسي في ظل افتراض البعض أنه قد يسهل المخارج المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، لأنه يعني تسوية إقليمية ما، رغم غياب أي دليل على ذلك.
بموازاة هذه العناوين كافة، ومثلما جرى احتساب الدعوة إلى الحوار على أنها ملهاة ريثما تنضج ظروف إقليمية تنهي الشغور، كذلك الحديث عن ملء الفراغ في حاكمية مصرف لبنان آخر الشهر، وفي المجلس العسكري، ترفد المعطيات عن حوارات داخلية قد تخرق الجمود في الملف الرئاسي، محطات الإلهاء للبنانيين. ومع أن بعض هذه العناوين يتصف بالجدية في المشهد الداخلي والجيوسياسي الإقليمي، فإنّ ذلك لا يلغي أنها تجمد الحديث عن انتخابات الرئاسة، في انتظار أن تتبلور ظروف خارجية لإنقاذ البلد من مأزقه، منها ما سيؤول إليه اجتماع اليوم في الدوحة للدول الخمس المعنية بلبنان. وعنوان إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم سيبقى يدور في الحلقة المفرغة إياها بينما لا إجابة واضحة عن الجهة التي ستمول تلك العودة، التي يشترطها النظام السوري.
من مظاهر الإلهاء ما يجري بين «الحزب» و»التيار الوطني الحر». يقول سياسي بارز اطلع على أخبار الحوار المتجدد بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، إن لا جديد في ما يخص انعكاس هذا الحوار على الاستحقاق الرئاسي.
في المعطيات التي لدى السياسي البارز إياه، يتلخص هذا الحوار بالمعادلة الآتية: «الحزب» يقدم لباسيل كل الضمانات والتطمينات المطلوبة منه مقابل تمسكه بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وباسيل يقدم لـ»الحزب» كل الضمانات والتطمينات المطلوبة في المعادلة اللبنانية وفي الظروف الإقليمية الراهنة، بالتضامن مع المقاومة… والفريقان يعد كل منهما بما يرضي الآخر من دون اتفاق على شخص الرئيس. بينما «الحزب»، كما أعلن الأمين العام السيد حسن نصر الله، يرى الضمانة في شخص فرنجية وليس في أي وعود من الفرقاء الآخرين بـ»عدم طعنه في الظهر» إذا اتفقوا معه على مرشح ثالث، رغم أنّ قياديين منه أعادوا تنشيط «فحوصات الدم» مع ثلاثة مرشحين من القابعين في الظل. وباسيل ليس في وارد القبول بفرنجية، على ما أكدته أوساط «التيار» القيادية، فيما يتمنى البحث في مرشح ثالث غير فرنجية وجهاد أزعور، الأمر الذي لم تنفتح أي آفاق في شأنه خلال الحوارات التي خاضها مع مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. خلاصة السياسي البارز أنه طالما «الحزب» متمسك بفرنجية فلا تفاهم بين الجانبين، بل تقطيعاً للوقت.
مصادر «التيار» تؤكد بدورها أنّ «الحزب» ما زال عند خيار فرنجية، وأنّ باسيل ما زال عند رفضه لترشيح رئيس «المردة»، مع المراهنة على التوافق على مرشح ثالث يكون مقبولاً من بعض أطراف المعارضة التي كان تقاطع معها على أزعور. وهم «الحزب» هو التمسك بخياره، مع عدم كسر خطوط التفاعل مع فريق مسيحي وازن في المرحلة الراهنة، للحؤول دون تفاقم الخصومة المسيحية – الشيعية.
وليد شقير