سفيرة فرنسا في خطبة الوداع: لبنان ليس على ما يرام… والإستقرار فيه خادع!
اختارت السفيرة الفرنسية آن غريو حفل الاستقبال في قصر الصنوبر مساء أمس، في مناسبة العيد الوطني لبلادها لتطلق مواقف غير مألوفة ديبلوماسياً، لكنها استبقت أي تقييم لهذه المواقف بقولها إنه «آخر احتفال لي بالعيد الوطني الفرنسي سفيرة لفرنسا في لبنان». وكانت تشير بذلك الى الرسالة النصيّة التي وجهتها قبل الاحتفال الى الفرنسيّين الموجودين في لبنان، أنّ السّفير الجديد هيرفي ماغرو Hervé Magro سيتسلّم مهماته الديبلوماسية في بداية آب المقبل.
ما قالته السفيرة غريو في كلمتها المكتوبة أمام حشد من الشخصيات الرسمية والنيابية والديبلوماسية:
– أذكر وصولي، في الأيام الأولى من تشرين الأول 2020، إلى بيروت المدمَّرة، إلى لبنان الذي كان آنذاك طريح الأرض. إكتشفتُ حينئذ دولة غائبة، كانت غائبة وما زالت. وفي الوقت نفسه، إكتشفتُ قدرة الشعب الهائلة على الصمود، وهي قدرة تميّز بها اللبنانيون في المقام الأوّل، وأيضاً الفرنسيون الذين لم يتركوا هذا البلد أبداً وما زال قلبهم ينبض على وقع نبض قلوب اللبنانيين. إكتشفتُ كذلك تفاني الجيش وقوى الأمن الداخلي وفرق الإطفاء، والطاقة المذهلة التي يتمتّع بها المجتمع المدني. وقد كانت طاقة مُعدِية.
– إن لبنان ليس على ما يرام. يطيب للبعض أن يعتقدوا اليوم أنّه تمّ تجاوز الأزمة. غير أنّ الاستقرار الحالي خادع. إذا ما وضعنا جانباً المساعدات الكبيرة التي تقدمها الجالية اللبنانية والمجتمع الدولي، ما هو السبب الكامن وراء هذا الاستقرار الظاهري؟ السبب هو الاقتصاد غير الرسمي الذي يتمدد ويتعمّم. والأمر المقلق هو أنّ هذا الاقتصاد يتغذى من الترسيخ المتزايد لعمليّات التبييض وللجريمة المنظّمة التي تنتشر في كل أنحاء المشرق، بدفع من سوريا التي أصبحت «دولة مخدرات».
– يقول لي البعض إن الوقت قد حان لإعادة النظر في التنظيم المناطقي للبنان، على سبيل ذكر مسألة تتداول اليوم. وأنا أجيبهم بأنّه ينبغي بدء تطبيق اللامركزية التي نصّ عليها اتفاق الطائف!
– ما من بلد يسَعهُ أن يهرب من جغرافيته الخارجيّة أو من خريطته الداخليّة. ما من رئيس للجمهورية منذ تسعة أشهر كي يُسمع صوت لبنان على الساحة الدولية، علماً أنّ بلدكم غاب عن الأجندة الدولية في حين أن الشرق الأوسط يشهد تطوّرات كبرى، والحكومة لا تُعنى إلا بتصريف الأعمال، والبرلمان لم يعُد يشرّع، إنّه شلل مميت بالنسبة إلى لبنان واللبنانيين .
– ما كان ليُصبح عليه وضع لبنان اليوم لو أنّ فرنسا استسلمت، ولو أنّ التزامها إلى جانبكم، بمساعدة من دول صديقة، تلاشى وتوقف؟
– إنّ الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية باقتراح وساطة جان-إيف لودريان، إنمّا تتوجّه إليكم، وإلى لبنان بالذات. هي خطوة تهدف إلى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتمّ بمستقبل لبنان، وقد أصبح وجودها نادراً. كما ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين فرقاء كي يتحدث بعضهم مع بعض، علماً أنه يقع على عاتقهم جميعاً إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ليعملا من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين».