الثنائي الشيعي “يرمم” جبهة الطائف.. والفكرة الفيدرالية تتصدّع مسيحياً!
لا بد من التوقف باهتمام أمام المواقف التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وقادة حزب الله، وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصرالله، حول التشديد على الالتزام والتمسك باتفاق الطائف، ورفض كل الصيغ التي تدعو إلى تعديله أو الإطاحة به أو تغييره أو الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي.
كما أن الطرفين انتقدا إلى حدود بعيدة كل الدعوات التي تصدر حول البحث في الفيدرالية أو اعتمادها أو التقسيم أو غيرهما من صيغ مشابهة.
عملياً، لكل هذه المواقف أكثر من بعد، وغاية وهدف. البعد الأول، هو الردّ على الكثير من الكلام الذي يفيد بأن حزب الله يريد إعادة طرح الصيغة والذهاب إلى المثالثة، أو الحصول على ضمانات دستورية. والبعد الثاني، إيصال رسائل طمأنة في الداخل والخارج بأن الحزب يلتزم الطائف.
ورش عمل
حسب ما تقول مصادر متابعة، فإن ما استدعى إطلاق هذه الهجمة من المواقف المؤكدة على الإلتزام بالطائف، هو توفر الكثير من الكلام والمعطيات عن ورش داخلية لدى قوى حزبية متعددة، حول البحث في طروحات كالفيدرالية أو التقسيم أو اعتماد صيغة موسعة للامركزية المالية والإدارية والسياسية. والأساس هنا يبقى أن مثل ورش العمل هذه تشكلها أحزاب لها تمثيلها في البرلمان، ولم تعد مقتصرة على جمعيات فقط، ما دفع بالثنائي الشيعي إلى الإعلان عن مثل هذه المواقف التي ترفض إعادة طرح تغيير الصيغة. ويرتكز ذلك على مبدأ الحفاظ على المناصفة بما يحمي المسيحيين ويطمئن السنّة أيضاً. فيما يأتي التوقيت في ظل تكاثر الدعوات إلى حوار لإنتاج رئيس للجمهورية أو سلّة كاملة تتضمن رئيساً ورئيس حكومة وطاقمها بالإضافة إلى تعيينات في المواقع الأولى في الدولة. وبالتالي، يريد الثنائي طمأنة المتوجسين من الحوار أو رافضيه بأنه لن يتحول إلى البحث في مضمون الصيغة.
وتضيف المصادر، إن التشديد على هذه المواقف، جاء بعد حصول تواصل بين قوى متعددة رافضة للمس بالطائف، اجتمعت على هذا المبدأ ونسقت فيما بينها، على القاعدة التي ينطلق منها الثنائي الشيعي في دعم ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، باعتبار أن الرجل من أبرز المتمسكين بالطائف، وهو يعتبر أحد حراسه. وهذا ما يلتقي عليه مع الرئيس نبيه برّي، وما كان قد التقى عليه مع الرئيس سعد الحريري سابقاً. ووفق هذا المنظور يتم خوض معركة رئاسة فرنجية.
سقف الطائف
وفي وقت يتظهر أن قوى مسيحية متعددة تعلن رفضها للاستمرار في الصيغة الحالية، سواءً كانت الصيغة الدستورية التي تحتاج إلى بعض التعديلات، أم آلية عمل النظام اللبناني ومؤسساته، والبحث في اعتماد آليات أخرى.. تبرز مواقف مسيحية أخرى ترفض علانية المس بالطائف، بدءاً من الفاتيكان وصولاً إلى البطريركية المارونية، ضمن مقررات الإرشاد الرسولي، ووثيقة الأخوة الإنسانية التي تشدد على اندماج المسيحيين في الشرق بمجتمعاتهم، بالإضافة إلى مواقف فاتيكانية واضحة إزاء نزعة الفدرلة أو التقسيم. في السياق أيضاً، تنشط قوى مسيحية متعددة رفضاً لأي مس بالطائف، على قاعدة تطبيقه كاملاً واعتماد اللامركزية الإدارية التي لا تكون خارجة عن سقف الطائف.
لا بد لهذه المواقف أن يكون لها آثار سياسية، أول من أبرزها هو حزب الله، الذي اعتبر أنه لا يريد أي ضمانات دستورية إنما ضمانته الوحيدة هو شخص الرئيس الذي يثق به. وهي المواصفات التي تتوفر بسليمان فرنجية. وربما هذا ما قد يدفع القوى الأخرى المعارضة للحزب وفرنجية أن تصعد من مواقفها لهذا السبب. بينما هناك نقطتان أساسيتان يتم التركيز عليهما مسيحياً لجهة الرافضين لأي طرح من هذا النوع. النقطة الأولى هي أن اعتماد الفيدرالية أو التقسيم لن يؤدي إلى حلّ الخلافات والإشكالات بين القوى الحزبية والسياسية المارونية عموماً. والنقطة الثانية، هي إيصال رسائل إلى بعض المتحمسين لهذا الخيار بأنه في حال اعتماده فإن الأكثر قدرة على التنظيم ولديه تجربة في إدارة مثل هذه المناطق هو حزب القوات اللبنانية، الذي سيكون صاحب المصلحة الأكبر في ذلك، وبالتالي ستكون القوى المسيحية الأخرى قد خاضت هذه المعركة لصالح تفوق القوات وسمير جعجع تحديداً في إدارتها على حساب الجميع.
منير الربيع- المدن