الأسعار ترتفع والطلب يزيد: “وين في لبناني في أرغيلة”!
يعد لبنان بلداً يكثر فيه المدخنون، ومن الدول المستهلكة للنرجيلة بنسبة عالية ومتزايدة. وشكلّت النرجيلة عبر سنوات عديدة في لبنان مصدراً للهو والتسلية، وأول ما يلفت انتباه المرء في المقاهي هو منظر الزبائن الذين يتحلقون في دوائر ويتوزعون أفراداً وجماعات وهم يدخنونها، وأول طلب عند الدخول الى أي مقهى هو “نزلّي أرغيله”!
وبحسب إحصاءاتها الجديدة للعام ٢٠٢٣، نشرت مؤسسة “وورلد بوبيولايشن ريفيو” World Population Review أرقاماً جديدة حول أعداد المدخنين في مختلف أنحاء العالم، وجاء لبنان في المرتبة السادسة عالمياً والأولى عربياً في نسبة المدخنين من حيث نسبة عدد السكان بنسبة ٤٢.٦٪. ويودي التدخين بحياة أكثر من ثمانية ملايين شخص سنوياً، وهذا الرقم يضم المدخنين وكذلك غير المدخنين الذين يستنشقون دخان السجائر من الأشخاص الذين يدخنون حولهم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وأكد هاشم درويش صاحب محل لبيع النراجيل ولوازمها في البقاع الغربي في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “البيع لم يتراجع أبداً، وكلمت اشتدت الأزمة وارتفعت الأسعار، زاد الطلب على السجائر والتبغ، وأتوقع أن لا يشكل الموضوع صدمة، لأن اللبناني معروف عنه أنه يفضل الرفاهية وتنفيخ السجائر في أسوأ حالاته وأحسنها، ووين في لبناني في أرغيلة”.
وأشار الى أن “أسعار السجائر تبدأ من ٤٠٠ ألف للكروز الواحد الذي يحتوي على ١٠ علب من نوع بيبلوس إلى ٢ مليونين للكروز نوع دافيدوف. بصراحة الأزمة لم تغير في اللبناني شيئاً بالنسبة الى التدخين، وكأنه يطبق المثل الشعبي نفخ عليها تنجلي. لدي تحميل سجائر ومعسل بصورة يومية للمحل بسبب زيادة الطلب، وزبائني أوضاعهم المادية معروفة، ويومياً يحتاج الشخص إلى علبتين تقريباً، وهناك أشخاص دخلهم الشهري يساوي مقدار ٢ كروز دافيدوف وعلى الرغم من ذلك هناك استمرارية في تدخين أغلى نوع من السجائر بحسب العادة”.
وبالنسبة الى المعسل، أوضح درويش أن “سعر العلبة يتراوح بين ٦٠ و١٢٠ ألفاً بحسب النوعية، وطبعاً النخلة تُعد من أهم الماركات وأنظفها والأغلى بينها. الطلب كبير عليها، وتستهلك أكثر من غيرها على الرغم من وجود معسل بماركات أخرى وبجودة أقل بنسبة بسيطة من النخلة، كالأسطورة ومزايا مثلاً وسعر مقبول جداً، ولكن الطلب عليها أقل، والطلب يكون بصورة يومية”.
اللهيب: لوضع ضرائب على المقاهي
رأى طبيب القلب والشرايين الدكتور عماد اللهيب، أن “التدخين من أخطر الأسباب التي تزيد من حالات المرضى في عياداتنا، والمدخن لديه نسبة ٣٠٪ من إحتمال الاصابة بأمراض القلب والشرايين مقارنة بالاشخاص غير المدخنين. ومن الأمراض المحتملة، تسكير في الشرايين، جلطات في الرأس، جلطات في الأوردة، زيادة نسبة الضغط ونسبة تجلط الدم. هناك حالات كثيرة من الفئة الشابة أصبحت اليوم من فئة مرضى القلب والضغط بسبب التدخين”.
وقال اللهيب في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “نستخدم مع المريض طريقة Life style modification أو تغيير أسلوب الحياة، من المشي المستمر، خفض الوزن، وقف التدخين، وكل هذا يأتي قبل حبة الدواء، وأنصح الناس بالالتزام بحياة صحية بعيدة عن الماكلات وخصوصاً القلب والشرايين، ومن الضروري تخفيف الكسل وزيادة الحركة، ووضع نظام غذاء طبيعي بعيداً عن الوجبات السريعة والمقالي، إضافة إلى تناول وجبة سمك مرتين في الأسبوع”.
وشدد على “ضرورة وضع ضرائب على المقاهي التي تشمل قائمتها النرجيلة بصورة رئيسة، لأنها تسهل الطريق الى ضرر الجسد وتسهم في ذلك، أو كخيار ثانٍ أن يتم رفع سعرها بصورة كبيرة حتى تشعر الناس بثمن شرب شيء يضر بصحتها، علها تكون طريقة لجسمٍ سليم. وللفت النظر النرجيلة كانت على أيام أجدادنا كما يقال Demode أي فعل تقليدي قديم جداً، ولا أعلم كيف يشربها الشباب اليوم في العام ٢٠٢٣”.
ووفق دراسة “مجموعة البحث للحدّ من التدخين” في الجامعة الأميركية في بيروت فإن “دخان النرجيلة يُنتج كمية قطران في جلسة واحدة توازي الكمية التي يُنتجها تدخين علبة كاملة من السجائر، بحيث يحتوي دخان النرجيلة على مركبات سامة كأول أوكسيد الكربون، الفورمالديهايد، الهيدروكربون العطري المتعدد الحلقات، النيتروجين وأسيد النيتريك، الزرنيخ والمعادن الثقيلة، وغيرها من المواد الكيميائية المسبّبة للسرطان. وحتى إذا مرّ الدخان الذي ينتج عن النرجيلة عبر الماء، فهو لا يزال يحتوي على مستويات مرتفعة من المركبات السامة. لذلك فإن مدخّني النرجيلة معرّضون للإصابة بالأمراض نفسها التي يُسبّبها تدخين السجائر بما فيها السرطان وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي”.
بالرغم من كل المشاكل الصحية، والازمة المادية التي يمر بها أكثر من ٨٠٪ من سكان لبنان، إلا أن الفئة الأكبر من الشباب مدمنين على الارغيلة إلى حد عدم الررغبة في محاولة تخفيفها ولو على حساب صحتهم، ووفقاً لاستطلاع قتم به موقع لبنان الكبير على ٥٠ شاب وشابة من مختلف المناطق اللبنانية تبين أن “٣٥ شخصاً يشربون النرجيلة بشكل يومي لأكثر من مره، و١٠ أشخاص يشربونها بشكل متقطع أو عند تواجد ضيوف، و٥ أشخاص فقط أجابوا أنهم من الممكن أن يحاولوا يوماً ما الاقلاع عنها في حال تأذت صحتهم. ما يعني أننا نقتل انفسنا على البطيئ، وبتعبير آخر ننتظر المرض حتى نحاول الاقلاع، وبالفعل ينطبق علينا المثل الشعبي “قلّة وبَسِط”.
راما الجراح- لبنان الكبير