المواقع المارونيّة في «خطر»… والمسيحيّون أمام خيارات معقّدة!
مرة أخرة بعد الشغور الطويل في الرئاسة المارونية يقف المسيحيون على حافة فراغ ثان في المواقع المارونية أطل برأسه في حاكمية مصرف لبنان حيث تنتهي ولاية الحاكم رياض سلامة في 31 تموز وعلى مشارف انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون بعد ستة أشهر تقريبا من هذا التاريخ مطلع العام 2024 فعمليا اقتربت كثيرا مرحلة الجد والدخول في العد العكسي للاستحقاقين ومع تسارع المعطيات على خط مضرف لبنان مع احتمال إقدام نواب الحاكم الأربعة على تقديم استقالاتهم في الساعات المقبلة مما يحتم البحث عن مخارج للأزمة خصوصا ان لا انتخابات رئاسية مع التمييع الحاصل في إنتخاب رئيس للجمهورية وتقدم حصول الفراغ في الحاكمية المركز النقدي والمالي الأول في الجمهورية الأمر الذي لا يعتبر مقبولا في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، وفي الوقت نفسه العين أيضا على قيادة الجيش فمن غير المنطقي ان يتم العبث بأمن البلاد والاستقرار في بلد مشلع للعواصف الأمنية وعدم البت بمصير قيادة الجيش.
تمدد الفراغ الى هذين الموقعين لطالما شكل هاجسا للقوى المسيحية والمعارضة مع التيار الوطني الحر في ظل المحاولات الجارية للالتفاف على الانتخابات الرئاسية وذهاب الحكومة الى تصريف الأعمال بحجة الفراغ لممارسة التعيين والتمديد باجتهادات لا يغيب عنها المضمون السياسي.
الفراغ المتسلل من الرئاسة الى الحاكمية فاليرزة يضع المسيحيين في مواجهة خيارات معقدة وعلى طريقة ان أحلى الخيارين أمر من الآخر، فالتعيين في الحاكمية وقيادة الجيش يواجه تصلبا مسيحيا بإجماع غير مسبوق رفضا للتطبيع مع الفراغ الرئاسي فيما التمديد لولاية سلامة مرفوض من القيادات المسيحية والأسوأ برأيها انتقال السلطة الى الطوائف الأخرى لتسيير الأعمال.
بعيدا عما يفكر فيه المسيحيون يطرح أكثر من سيناريو لتأمين مخارج للأزمة ومنها ان يتسلم نواب حاكم المصرف في حال عدم تعيين حاكم جديد صلاحيات الحاكم الى حين البت بحل يتم التوافق عليه، او سيناريو التمديد للحاكم الذي يواجه اعتراضا من حزب الله و التيار الوطني فالحزب يرفض المواجهة مع المسيحيين فيما يطالب فريق التيار بتعيين حارس قضائي على مصرف لبنان.
وفي المقلب الآخر تقلبت السيناريوات وتعددت بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب التمديد من طرح التمديد الى فكرة التعيين ومع تعثر الخيارين فان ميقاتي وبري يمكن ان يعودا الى التسليم والقبول بتسلم النائب الأول وسيم منصوري وهذا الخيار يواجه اعتراضا مسيحيا أيضا لانتقال الموقع المالي الأول الى الطائفة الشيعية.
ازاء الرفض المسيحي لسيناريوات التعيين والتمديد فان الخيار الوحيد المرجح في حال استقالة نواب الحاكم الأربعة سيكون باعتماد توصية وزير المال بابقاء الحاكم ونوابه الأربعة في مراكزهم الى حين تحل الأزمة الرئاسية وينتخب رئيس للجمهورية وتشكل حكومة.
الفراغ الخطر في الموقع الماروني المالي قد يفرض التمديد في الحاكمية الأمر الذي يطرح تساؤلات عن وضع قيادة الجيش من منطلق ان ما يجري في مصرف لبنان سينسحب على اليرزة وبدأت ملامح الكباش بين القوى السياسية بالسعي الى إثارة مسألة تعيين رئيس الأركان بحجة ان قائد الجيش لا يستطيع مغادرة البلاد في حين صار معروفا ان رئيس التيار يسعى الى تأجيل التعيينات العسكرية بسبب الخلاف بين قائد الجيش ووزير الدفاع موريس سليم كما ان رئاسة الأركان تحتاج للحصول على موافقة المختارة أولا ومن الواضح ان رفض التمديد لجوزيف عون وتعيين رئيس أركان من قبل التيار يهدف الى قطع الطريق رئاسيا امام قائد الجيش ويمهد لطرح انتقال السلطة العسكرية الى الأقدم في الخدمة والمقصود بذلك ان يتولى اللواء بيار بو صعب مهام قيادة الجيش عند احالة عون الى التقاعد.
ابتسام شديد- الديار