تتفاعل احداث الجنوب: حزب الله يلوّح بالتصعيد إن لم تتراجع اسرائيل!

تتفاعل احداث الجنوب، خصوصاً بعد ضم العدو الاسرائيلي لبلدة الغجر، وبعد إصرار حزب الله على عدم ازالة الخيم التي انشأها خارج الخط الأزرق. كل الوساطات التي عمل الاسرائيليون على تفعيل عملها ومطالبتها بإقناع الحزب بالتراجع لم تنجح. يبدو حزب الله مصمماً أكثر على المضي قدماً لا سيما ان خطوة ضم الغجر لا يمكن التعاطي معها وكأنها أمر عابر. من يعرف الحزب واستراتيجيته وكيفية تفكيره يدرك أن مثل هذا الأمر لا يمكن ان يمرّ من دون ردّ. وبحسب ما تكشف مصادر متابعة فإن حزب الله أبلغ رسالة واضحة الى كل المعنيين بأنه في حال لم يعد الوضع في الغجر الى ما كان عليه سابقاً، أي قبل عملية الضم فإنه مستعد للتصعيد مهما بلغ مداه، وأياً تكن ردود الفعل التي سيستدرجها. فالحزب لا يمكنه القبول بفرض أمر واقع من هذا النوع، وهو الذي يعتبر أنه نجح في تثبيت وقائع كان صاحب الكلمة فيها، كما يحصل في مسألة الخيم.

من هنا لا بد من ربط الملفين ببعضهما البعض، لا سيما ان الحزب كان قد تحدث عن مسألة الجبهات المتكاملة والمفتوحة على صعيد الإقليم وبالتالي لا يمكن ان يفصل منطقتين عن بعضهما في لبنان، فالغجر لبنانية في جهتها الشمالية، ولا يمكن لإسرائيل ان تضمها، ما يعني أنه وجب تحريرها، كما هو الحال بالنسبة الى الكثير من المناطق والنقاط في القطاع الغربي او الشرقي او الأوسط.

قنوات للجم التصعيد
تفيد مصادر ديبلوماسية ان قنوات متعددة تعمل على لجم التصعيد وايجاد أي صيغة لاحتواء الأزمة، فيما هناك جهات غربية تحاول طرح فكرة التراجع الاسرائيلي عن ضم الغجر، مقابل ازالة حزب الله للخيم، ولكن هذا منطق لا يستقيم لدى الحزب الذي يعتبر ان كل هذه المناطق لبنانية ولا تندرج في سياق المناطق المتنازع عليها. وبحسب التقديرات فهناك مهلة زمنية حددها حزب الله لإعادة الوضع الى ما كان عليه سابقاً في الغجر، وإلا فإن التصعيد سيكون حتمياً.

في المقابل، يتضح حجم الارباك الاسرائيلي المعطوف على ازمة سياسية داخلية، تدفع حكومة بنيامين نتنياهو الى الذهاب نحو خيارات امنية او عسكرية سواء في الضفة الغربية او على الحدود الشمالية، للالتفاف على هذه الأزمات ومحاولة تحصين الوضع الداخلي. وهو ما يجعل الاسرائيليين يكثرون من التهديدات باتجاه لبنان وحزب الله، فيما يضج الاعلام الاسرائيلي بتسريبات وتحليلات تشير الى التحضير لمعركة مع حزب الله على الجبهة الشمالية، بينما تستبعد مصادر متابعة في لبنان امكانية حصول اي تصعيد يؤدي الى معركة او مواجهة مفتوحة.

استباق الترسيم البرّي
تفتح كل هذه التطورات الباب امام احتملات كثيرة، أبرزها يندرج في سياق تثبيت وقائع استباقاً لأي مفاوضات قد تطرح لاحقاً حول ترسيم الحدود البرية. خصوصاً ان الحزب، ومن خلفه لبنان، لديهما اعتراضات على النقاط التي يلحظها الخط الأزرق اي خط الانسحاب عام ٢٠٠٠.

وفي اطار انتظار الوصول الى طرح ملف الترسيم البرّي جدياً، لا بد من الاشارة الى انه طرحت في السابق فكرة من قبل الأمم المتحدة لإيجاد صيغة حل ثلاثي لمنطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من بلدة الغجر. وهذا الطرح جاء بالتوازي مع اعلان اسرائيلي لضم الجولان واعتبارها ان مزارع شبعا جزء من الجولان وغير تابعة للبنان.

وكانت تلك الصيغة المقترحة تشير الى التفاوض على إيجاد صيغة تسووية لمزارع شبعا البالغة مساحتها 200 كلم مربع. ويدور التفاوض حول انسحاب إسرائيل من مساحة 50 كلم مربع لصالح لبنان، و50 كلم مربع لصالح سوريا، في مقابل 50 كلم لصالحها. أما المساحة الباقية فتوضع تحت رعاية الأمم المتحدة وسيطرتها. لكن المسار طويل، ولا يعني بالضرورة الوصول إلى تسوية. وهو مسار يرتبط بملفات أوسع.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة