حزب الله يستبق التمديد لليونيفيل: ترسيم الحدود البرية يحتاج ترسيم حدود سياسية!
حزب الله يستبق التمديد لليونيفيل والترسيم البرّي: “المزارع” كلها
بالتأكيد، إن لجوء حزب الله لنصب خيمتين داخل الأراضي المحتلة وخارج الخط الأزرق، ليس بالأمر التفصيلي، ولا يرتبط بتطورات الوضع على الجبهة.. إنما له أكثر من هدف. أولها، التأكيد بأن الحزب لا يزال في حالة مقاومة وتصد للعدو الاسرائيلي بعد ترسيم الحدود البحرية. ثانيها، لا بد من الوقوف باهتمام أمام ما يؤكده الحزب والمواطنون اللبنانيون بأن هذه المناطق -والتي دخلها لبنانيون قبل فترة- هي أراض لبنانية، ومن حق أصحابها استعادها والاستفادة منها. وهذا يبدو النقطة الأهم، من خلال عدم الاعتراف بما جرى ترسيمه وفق الخط الأزرق.
التجديد لليونيفيل
يأتي ذلك على أبواب إعادة فتح ملف التجديد لقوات اليونيفيل في جنوب. ولا بد له أيضاً أن يرتبط بما يحكى في بعض الكواليس الديبلوماسية الغربية، حول إمكانية طرح مسألة ترسيم الحدود البرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي بعد ترسيم الحدود البحرية. لذلك، يستبق حزب الله أي وقائع جديدة، ويعمل على تثبيت قواعد واضحة، يفرض من خلالها أمراً واقعاً حول المساحة التي تعتبر أنها من حق لبنان ولا تنازل عنها.
تقدمت القوى الدولية بصيغة التجديد لقوات الطوارئ الدولية. وقد وافقت الحكومة اللبنانية على ذلك، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية متابعة. في المقابل كانت قد سرت معلومات في بيروت عن أن لبنان يريد المطالبة بإدخال تعديل على صيغة نص التجديد. لكن هذا لم يحصل حتى الآن. كما تعمل الأمم المتحدة على إعداد مطالعة جديدة حول كيفية التجديد لقوات اليونيفيل، وفق الصيغة التي أُقرت سنة 2022، فيما لبنان يحاول العودة إلى ما قبل تلك الصيغة. أي أن لا تتحرك قوات الطوارئ من دون التنسيق مع الجيش. ولكن، حسب ما تقول مصادر ديبلوماسية متابعة، لو أراد لبنان جدياً تعديل هذه الفقرة، كان لا بد من التوجه إلى إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية، ومطالبتها بالتقدم باقتراح لتعديل الصيغة السابقة. إلا أن المصادر تقول إن لبنان لم يقم بذلك بشكل رسمي. علماً أنه حتى لو طلب في مطالعته ضرورة التعديل، فلا أحد سيكون ملزماً بذلك.
رسائل أميركية
من جهة أخرى، تفيد المصادر أنه مقابل محاولة المسؤولين اللبنانيين جس النبض حيال تعديل الصيغة أو النص، فقد وصلت رسائل اميركية واضحة بأنه لا مجال لذلك، وسيكون هناك تشدد أميركي تجاه هذا الملف يوم إقرار التمديد. إذ أن واشنطن تتمسك بإبقاء الفقرة التي تم إدخالها السنة الفائتة، على قاعدة أن واشنطن غير مستعدة لتحمل تكاليف عمل ومهام هذه القوات من دون أن تقوم بالمهمة فعلياً. كما أن الأميركيين يعتبرون أن قوات الطوارئ الدولية لا تقوم بالمهام المطلوبة بشكل كاف.
هذا، ويستمر حزب الله في تعزيز قوته العسكرية في الجنوب، سواء كان ذلك داخل نطاق عمل القرار 1701 أو خارجه، كما حصل في المناورة العسكرية التي نفذها، أو في إطلاق الصواريخ، أو قبلهما حادثة الاعتداء على الدورية الإيرلندية..
في هذا السياق، تشير بعض المعلومات إلى أنه على وقع التمديد لليونيفيل، قد يتم طرح مسألة ترسيم الحدود البرية، مع الإشارة إلى أنه في ترسيم الحدود البحرية لم تكن الأمم معنية بشكل مباشر أو كعنصر مقرر أو حتى مفاوض في عملية الترسيم، بل كانت عنصراً مراقباً واستضافت فقط الوفود التي عقدت مفاوضات غير مباشرة. ولكن في مسألة الترسيم البري، والذي يمكن أن يطرح بالتزامن مع التجديد لقوات الطوارئ، فقد يتم منح هذا الدور للأمم المتحدة.
سيكون هذا الأمر بحاجة أولاً إلى وقت طويل. وثانياً، إلى توفر مقومات إقليمية ودولية متلاقية على التهدئة، وعلى الوصول إلى صيغة تضمن تحقيق ذلك، لأنه سيكون عبارة عن ترسيم حدود سياسية بين مجموعة قوى داخلية وخارجية، وداخل تركيبة السلطة وفي توازناتها.
منير الربيع- المدن