المجلس التحكيمي يقرّر مصير بو صعب وعون!

بعد موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الداعم لفكرة التقاطع مع كتل نيابية أخرى على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، انطلق النقاش بين قيادات التيار ومسؤوليه، خصوصاً مع اعتراض عدد غير قليل من نواب «تكتل لبنان القوي» على دعم أزعور، انطلاقاً من سببين: الأول، عدم ترك التفاهم مع حزب الله والتحالف مع قوى عادت التيار منذ عام 2005، ولعبت دوراً كبيراً في إفشال عهد الرئيس ميشال عون. والثاني، كون أزعور أحد المسؤولين عن المشكلات المالية التي عرفها لبنان خلال حكومات الرئيس فؤاد السنيورة، وورود اسمه في الاتهام الكبير الذي أعلنه التيار سابقاً تحت اسم «الإبراء المستحيل». وفي خضمّ هذا النقاش، دعا نواب إلى السير في ترشيح النائب إبراهيم كنعان، باعتباره من التيار، كما أن اسمه كان في اللائحة التي عرضتها بكركي على القوى السياسية.
ad

ومع إدراك أصحاب هذه الآراء أن التوازنات القائمة لا تسمح بالسير في ما يدعون إليه، أخذ النقاش بعداً مختلفاً عندما شكا هؤلاء من تفرّد النائب باسيل بالقرارات وعدم قبوله التصويت على دعم ترشيح أزعور، ما أدى إلى انتشار أخبار عن نية ما سمي «مجموعة الخمسة» (الياس بو صعب، إبراهيم كنعان، آلان عون، سيمون أبي رميا وأسعد درغام) معارضة قرار تأييد أزعور، فيما أعلن معترضون آخرون، كالنائب سليم عون، التزامهم قرار التيار.

وإلى الكتلة الحزبية، حاول باسيل إقناع حلفائه في التكتل، ولا سيما كتلة الطاشناق (ثلاثة نواب) ونائب عكار محمد يحيى بالالتزام بموقف التيار، وعندما لمس أنهم سيصوّتون – على الأرجح – للمرشح سليمان فرنجية، سعى باسيل إلى إقناعهم بالتصويت بورقة بيضاء.
فور رفع جلسة 14 حزيران، بدأ التيار الوطني الحر ورشة عمل تضمّنت مراجعة لكل الفترة السابقة منذ بدء النقاش حول التقاطع مع القوى الداعمة لأزعور. وخلصت قيادة التيار إلى قناعة بضرورة التوصّل إلى قرار حول مستقبل «تكتل لبنان القوي» وبعض نواب التيار. وقد برز الآتي:

أولاً، رغم العلاقة الممتازة التي تجمع بين رئيس التيار والنائب يحيى، إلا أن خروج الأخير من التكتل بات طبيعياً بعد تصويته لفرنجية، كما شكّل انضمامه إلى «كتلة التوافق الوطني»، برئاسة النائب فيصل كرامي، سبباً إضافياً لهذا الخروج.

ثانياً، المشكلة مع حزب الطاشناق سابقة للملف الرئاسي، وبدأت عندما قرر أحد نوابه، وزير الصناعة جورج بوشكيان، المشاركة في جلسات الحكومة التي يعتبرها التيار مخالفة للدستور. ورغم اهتزاز علاقة بوشكيان بحزبه، إلا أنه لم ينفصل عنه. ومع الاستحقاق الرئاسي، قرر الطاشناق دعم فرنجية (ولو لم يعلن ذلك جهاراً)، ما دفع بقياديين في التيار إلى إثارة ضرورة الافتراق عن الطاشناق على صعيد التكتل النيابي الكبير، وهو أمر قيد البحث، ويُرجح عقد جلسة أخيرة بين قيادتي الحزبين للبت في الأمر. علماً أن قيادة الحزب الأرمني الأعرق في لبنان أبلغت التيار، منذ سنوات، أنها تتصرف على أساس وجود تحالف بين الطرفين، وليس اندماجاً، ما يفترض حصول تباينات كما جرى في الانتخابات النيابية الأخيرة. لكن ،بعد جلسة 14 حزيران، بدا لباسيل أن التباين بشأن الملف الرئاسي ليس أمراً عابراً، وأنه في حالة الاختلاف حول المرشح، وذهاب الطاشناق إلى دعم المرشح الخصم، فقد يكون من الأفضل عدم البقاء معاً في التكتل النيابي نفسه. لكنّ القرار النهائي لم يُتخذ بعد، مع وجود ميل إلى عدم القطع واستمرار العلاقة مع حفظ التمايزات، نظراً إلى وجود قضايا كثيرة يمكن التعاون معها بين الطرفين.

ثالثاً، ماهية الموقف التنظيمي من مخالفة نواب أعضاء في التيار قراراً بالتصويت لأزعور. في ما يتعلق ببو صعب، فهو كان قد أبلغ باسيل بأنه لن يلتزم بالقرار، وأخذ الأخير في الاعتبار أن بو صعب، منذ انتخابه نائباً لرئيس مجلس النواب، أخذ مسافة من التكتل والتيار، إضافة إلى أنه لم يترشح إلى الانتخابات النيابية الأخيرة وفق القواعد المعتمدة من قبل التيار، ما يساعد على تظهير التوافق الضمني على الانفصال حبياً بين الجانبين.
خروج النائب محمد يحيى من التكتل بات «طبيعياً» والقرار قريب في ما يتعلق بالطاشناق.

أما في ما يتعلق بنائب بعبدا آلان عون، فإن النقاش يأخذ منحى أكثر تعقيداً، نظراً إلى أنه يشكل مركز ثقل في التيار، ويُعتبر من القيادات المؤسّسة، وتربطه صلات قوية بغالبية القيادات، وعلاقة خاصة بالرئيس ميشال عون، إضافة إلى صلة القرابة بينهما. لكن، بالنسبة إلى باسيل وبقية قيادة التيار، فإن هذه الاعتبارات، على أهميتها، لا تحجب المشكلة الأساسية في أن عون خالف قرار التيار التصويت لأزعور، وحاول إقناع زملاء له بالحذو حذوه. كما يتهم باسيل عون بأنه شارك في اتصالات مع جهات سياسية أخرى من دون علمه.

وكان باسيل جمع أعضاء الكتلة بعد انتهاء جلسة 13 حزيران، في إحدى قاعات مجلس النواب، وسأل عن وجهة التصويت، فقال بو صعب إنه سبق أن أبلغ باسيل بعدم التصويت لمصلحة أزعور وأنه أعطى صوته للنائب السابق زياد بارود، فيما رفض عون الإجابة على السؤال معتبراً ذلك إهانة وفحصاً للدم، وغادر الاجتماع.

وبحسب المعلومات، ناقش التيار رفع مخالفة بو صعب وعون إلى مجلس الحكماء، وهو هيئة معنوية تصدر توصيات غير ملزمة، لكن لها تأثيرها الكبير. ويرأس المجلس العماد عون، ويضم خليل حمادة وريا الداعوق (من المؤسّسين)، نائب رئيس التيار السابق رومل صابر، النائب السابق ناجي غاريوس والنائب الحالي نقولا صحناوي.
إلا أن باسيل أبلغ الهيئة السياسية في التيار، أمس، أنه سيتم مثول المعنيين من النواب أمام المجلس التحكيمي بحسب النظام الداخلي للتيار، لسؤالهم عمّا إذا كانوا قد التزموا بقرار القيادة. وفي حال تأكيدهم أمام المجلس أنهم التزموا بالقرار فلن يُتخذ أي إجراء، أما من يقرّ بأنه خالف القرار، فسيصدر قرار بفصله من التيار، كما سيصدر قرار غيابي بالفصل في حق من يمتنع عن المثول أمام المجلس التحكيمي، كما جرى مع فصل النائب السابق زياد أسود لرفضه المثول أمام المجلس التحكيمي.

الاخبار

مقالات ذات صلة